افتتح مدير معهد العلوم الاجتماعية البروفيسور كلود عطية الندوة العلمية التي نظّمها معهد العلوم الاجتماعية (الفرع الثالث وسط) حشد لافت من الطلاب والأكاديميين بعنوان ” أثر وسائل الإعلام في بناء المعاني حول السياسية والمجتمع”.
البروفسور كلود عطية
بدأ مدير معهد العلوم الاجتماعية (الفرع الثالث) في الجامعة اللبنانية بإبلاغ الحضور عن الاتفاق الذي تمّ بين الجامعة اللبنانية ومرفأ طرابلس والمنطقة الحرّة بحضور رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسّام بدران، الذي أعلن أنّ “الجامعة اللبنانيّة تحتل القلوب ولا تحتل شيء آخر، تحتل بالمعرفة والثقافة والعلم والإنتاج البحثي، الجامعة اللبنانيّة جامعة الوطن، جامعة الكل دون استثناء”. وأكمل بروفسور عطية ترحيبه بالضيوف والحضور في معهدهم قائلاً “اليوم هناك من يحتل قلوبنا أيضًا”، منوّهاً بأهمية ما تحمله الندوة من معرفة علميّة تمنّى على الطلّاب أخذها بعين الاعتبار والاستفادة منها، فالكلام الذي سيُطرح علمي بامتياز سيلامس الواقع، لذلك دعا الحضور إلى المشاركة والتفاعل مع المضامين المتناولة،
الأستاذة رندلى جبّور
أثارت نقيبة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع في لبنان النقاش بإدارتها للندوة، متناولة دور الإعلامي وأهمية هذا الدور في بناء الإنسان والمجتمع كما الوطن، وتطرّقت إلى الخطورة التي قد تنعكس على أبناء هذا الوطن فلتانًا، وفوضى، وحقداً وحريّة غير مسؤولة نتيجة الخطأ في تأدية هذا الدور. ولفتت جبّور إلى أنّنا نقف اليوم أمام استراتيجيات إعلامية تغزو العقول بحرب جديدة هي حرب الجيل الخامس، “تلك التي تُخاض بالكلمة، والصوت والصورة، وكثيرًا ما تكون الكلمة مدمّرة والصوت ملعوباً به، والصورة مشوّهة”.
وختمت كلمتها بالقول “دعونا من كذبة الموضوعية، فهي وهم، ولا تعني شيئًا، لأنّ خلف كل وسيلة إعلامية وإعلامي، هناك سياسة محدّدة، ولنطرح السؤال: ما خلفية هذه السياسة، وما أهدافها؟ وهل تصب في الصالح العام، أم في المصالح الخاصّة المحلّية منها والكونية. ولنتحدّث بالأحرى عن الحياد، وهو ليس مطلوبًا. فلا يُمكن للإعلامي أن يقف في مسافة وسط بين الأبيض والأسود، هو ليس رماديًا، بل عليه أن يحمل القضايا الكبرى مهما كانت الكلفة عالية، وهنا كل الفرق، هل يخدم الإعلام القضايا الكبرى المحقّة، هنا السؤال، وهنا الجواب”.
الدكتورة ليلى شمس الدين
المقاربة الإعلاميّة الاجتماعية من وجهة نظر سوسيولوجية قدّمتها الدكتورة ليلى شمس الدين، وهي الباحثة في الأنثروبولوجيا والإعلام، بحيث أثارت جدلاً تفاعليّاً حول تأثير الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب عبر جميع الوسائل والمنصّات والتطبيقات الرقمية المتاحة، ودورها في تشكيل الرأي العام. مشيرة إلى الإشكالية المتمثّلة في بث المعلومات المضلّلة إلى جمهور متلهّف لمعرفة ما يحيط به في ظل دوّامة الأزمات المتلاحقة التي يعيش.
وقدّمت شمس الدين وقائع ميدانية موثّقة توثيقًا علميًا، مبيّنة فوضى التّحليلات، وفوضى المفاهيم، وفوضى المعلومات التي تأجّج المشاعر وتميّع الحقائق وتدجّن الأفكار. فنغدو أمام واقع يترك المتلقّين في حال من الاضطراب واللاوعي الممزوجين باللاقدرة على تحليل الوقائع أو استخلاص النتائج. وتوقّفت أمام دراسات ومعطيات تدل على أنّنا أمام وسائل إعلامية أضحت معطّلة لقوى الفكر، ومعوِّقًة لتطوّر الشخصية واستقلالها، وبالتالي أضحى الناس لا يتمكّنـون من تكوين آرائهم وبلورة أفكارهم. ونوّهت إلى جدلية العلاقة القائمة بين الإعلام ودوره المؤثّر في تكوين الآراء واتخاذ القرارات، وشدّدت شمس الدين على ضرورة إيلاء ما يحصل الأهمية المرتبطة بقراءة متأنّية سوسيو انثروبولوجية لتحليل تبعات ما يبث عبر وسائل الإعلام المتعدّدة.
الدكتور ضياء أبو طعّام
قدّم المقاربة الثانية خلال الندوة الإعلامي والأكاديمي الدكتور ضياء أبو طعام، الذي تحدّث عن العلاقة بين الإعلام وتشكيل المعاني والآراء الاجتماعية من القضايا العامّة بواسطة “المصطلحات”. وأشار إلى أن التلفاز سيطر لعقود من خلال سيميائية الصورة على حياة الشعوب، وبذلك أصبح التلفاز هو الرسالة بذاتها وليس الناقل للرسالة، إلى أن وصلنا إلى عالم وسائل التواصل الذي يمكن اختصاره بخلاصة واضحة: إن من يمتلك التكنولوجيا يتحكّم بتدفّق المعلومات ومعها المصطلحات التي أصبحت تتخذ شكل “هاشتاغ”، ثم جاءت سياسات النشر التي تحظر استخدام كلمات معيّنة لتمنع اي محاولة لمواجهة “غزو” المصطلحات لثقافة وآراء الجماهير التي اصحبت، كمستخدمة لهذه الوسائط، متلقية ومرسلة في ذات الوقت.
في ختام الندوة فُتح المجال أمام المداخلات من قبل الأساتذة والطلاب. وقد أثمر النقاش عن مزيد من التفاعل العلمي من خلال تسليط الضوء على افتراضات متعلّقة بالموضوع، وهو ما سبق للبروفسور شوقي عطيّة أن أشار إليه أثناء مداخلته.