عشرات الفلسطينيين ينظمون وقفة داخل تجمع “الخان الأحمر” شرقي مدينة القدس، تضامناً مع سكانه ضد ترحيلهم وضد محاولات هدم الخان. وعلى صعيد آخر، اقتحم مستوطنون المسجد الأقصى بالقدس.
اقتحم عدد من المستوطنين، الاثنين، المسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة، ورفعوا أعلاماً إسرائيلية ورددوا أناشيد استفزازية، وفق شهود عيان.
وأفاد الشهود بأنّ عشرات المستوطنين رفعوا أعلاماً إسرائيلية ورددوا نشيد دولتهم وهتافات استفزازية أثناء اقتحامهم المسجد الأقصى.
وقال الشهود إنّ رفع الأعلام الإسرائيلية داخل الأقصى جرى بحماية من الشرطة، قبل أنّ تقوم بإخراجهم من المسجد.
وأدى المستوطنون صلوات يهودية جماعية داخل باحات المسجد الأقصى، وفق الشهود.
بدوره، قال نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية ناجح بكيرات في تصريح للصحفيين إنّ رفع العلم الإسرائيلي وتكرار ما يسمى بـ “السجود الملحمي الجماعي” داخل الأقصى “حدث خطير جداً”.
وقال بكيرات إنّ الحكومة الإسرائيلية برئاسة (بنيامين) نتنياهو أعطت الضوء الأخضر للمقتحمين لنقل الرموز التوراتية كافة إلى داخل الأقصى والتعامل معه كهيكل قائم.
وتأتي هذه الممارسات، في وقت تدعو فيه أطراف في الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى.
ويتهم فلسطينيون إسرائيل بالعمل بوتيرة مكثفة على تهويد القدس وطمس هويتها العربية والإسلامية، فيما يتمسكون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967 ولا بضمّها إليها في 1981.
والوضع القائم هو السائد منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 وبموجبه فإن دائرة الأوقاف الإسلامية هي المسؤولة عن إدارة شؤون المسجد، دون أي صلاحية للحكومة الإسرائيلية بالتدخل فيه.
ووصفت وسائل إعلام دولية وعربية وإسرائيلية حكومة نتنياهو التي أدت اليمين الدستورية في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2022، بأنها “الأكثر يمينية بتاريخ إسرائيل”.
وفي 3 يناير/كانون الثاني الجاري وتحت حراسة من الشرطة الإسرائيلية، اقتحم وزير الأمن القومي بالحكومة الجديدة، إيتمار بن غفير، باحات المسجد لمدة ربع ساعة، في خطوة أدانها الفلسطينيون وعواصم عربية وغربية ونواب بالكنيست الإسرائيلي.
وقفة في الخان الأحمر
في سياق آخر، احتشد عشرات الفلسطينيين الاثنين، في وقفة تضامنية داخل تجمع “الخان الأحمر” شرقي مدينة القدس، تضامناً مع سكانه وضد محاولات هدمه وترحيلهم.
جاء ذلك استجابة لدعوة من هيئة مقاومة الجدار (حكومية) وفصائل ومؤسسات أهلية وحكومية “لمواجهة خطط الاحتلال للتهجير القسري للخان الأحمر، والرد على الدعوة لاقتحامه من وزراء وأعضاء كنيست الاحتلال”.
وتعتبر إسرائيل الأراضي المقام عليها التجمع البدوي “أراضي دولة”، وتقول إنه “بني من دون ترخيص”، وهو ما ينفيه السكان.
ويسكن نحو 190 فلسطينياً من عشيرة “الجهالين” البدوية في التجمع منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي بعد أن هجَّرتهم إسرائيل من منطقة النقب عام 1948.
ويحيط بالتجمع مستوطنات إسرائيلية ويقع ضمن الأراضي التي تستهدفها تل أبيب لتنفيذ مشروع “E1” الذي يتضمن إقامة آلاف الوحدات الاستيطانية لربط مستوطنة “معاليه أدوميم” مع القدس وعزل المدينة عن محيطها، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، بما يؤدي إلى القضاء على خيار “حل الدولتين”.
وفي كلمته خلال الوقفة، قال عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة “فتح” عزام أحمد، إن محاولات ترحيل السكان “لن يكتب لها النجاح”.
وحمّل الأحمد باسم القيادة الفلسطينية “الإدارة الأمريكية بقيادة (الرئيس جو) بايدن، كل المسؤولية، لأن وعودهم كثيرة ولا يوفون بها”.
وأضاف: “أمس أُبلغنا (من قبل الأمريكيين) أنهم قالوا لهم (للإسرائيليين) كُفوا عن الخان الأحمر”.
وتابع: “لا نريد كلمات ووعوداً، إنما نريد تطبيقاً على الأرض: إما دولة فلسطينية مستقلة على كامل الأراضي المحتلة منذ 4 (يونيو) حزيران 1967 والقدس الشرقية عاصمتها، أو لا أمن ولا سلام بالمنطقة كلها ما دام الشعب الفلسطيني لم ينل حقوقه كاملة”.
من جهته، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان في كلمته إن الوقفة “رسالة من الفصائل وكل الشعب الفلسطيني، بأن مخطط التهجير لن يمر، وأن الشعب اليوم أكثر صموداً وأقوى إرادة”.
وفي بيان وصل الأناضول، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن “التحريض على هدم الخان الأحمر واقتحامه استخفاف بالمطالبات الدولية والأمريكية لوقف الإجراءات أحادية الجانب”.
وأدانت الخارجية “بأشد العبارات حملة التحريض البشعة التي يشنها وزراء وأعضاء كنيست وغلاة المتطرفين من المستوطنين لهدم قرية الخان الأحمر شرق القدس المحتلة، بما في ذلك الدعوات لاقتحامه والاعتداء على المواطنين والمتضامنين معهم”.
واعتبرت الخارجية الفلسطينية أن “هذا المخطط القديم الجديد استعماري عنصري بامتياز يهدف إلى تنفيذ مشاريع استيطانية ضخمة في المنطقة الممتدة من القدس (غرباً) حتى البحر الميت (شرقاً) بما بات يعرف E1، بهدف عزل القدس تماماً عن محيطها الفلسطيني وإغراقها بمزيد من التجمعات الاستيطانية الضخمة”.
وطالبت “بموقف دولي وأمريكي وأوروبي حازم وضاغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) لوقف تنفيذ إخلاء وهدم الخان الأحمر، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات لضمان عدم تنفيذ هذا المشروع الاستعماري التوسعي العنصري”.
بدورها، قالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إن التهديد الإسرائيلي بـ”تهجير أهالي الخان الأحمر يأتي ضمن سياسة التطهير العرقي”.
وقال متحدث الحركة حازم قاسم في بيان: “نية الاحتلال بترحيل أهالي الخان الأحمر بالقدس ليست جديدة وتأتي ضمن سياسة التطهير العرقي (..) وهي سياسة عنصرية تمارسها حكومة الاحتلال لصالح تضخيم المستوطنات”.
وفي بيان آخر، طالب متحدث “حماس” عبد اللطيف القانوع، بـ”دعم حالة التحدي والصمود” لسكان الخان الأحمر أمام المخططات الإسرائيلية.
وقال القانوع في بيان وصل الأناضول: “اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى ورفع العلم الصهيوني، ونوايا الاحتلال تهويد قرية الخان الأحمر وتهجير أهلها، يأتي في إطار السلوك الإجرامي المتصاعد الذي تنتهجه حكومة الاحتلال المتطرفة بحق شعبنا ومقدساته”.
وأضاف: “محاولات الاحتلال في تهويد الخان الأحمر وتهجير سكانه لن تنجح أمام تشبث شعبنا بأرضه وتمسكه بحقه”.
من جانبها، حذّرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من التداعيات “الخطيرة المترتبة على اقتحام أو هدم قرية الخان الأحمر”.
وقالت الجبهة في بيان وصل الأناضول: “هذا التصعيد الخطير لن يمر مرور الكرام، بخاصة أن شعبنا سيقف بالمرصاد لكل محاولات اقتلاعه كما جرى في حي الشيخ جراح وغيرها من المناطق التي تتعرّض للاستيطان والسرقة والتهجير”.
وأشارت الجبهة إلى أهمية “الوحدة الميدانية” في مواجهة المخططات الإسرائيلية، مطالبة بـ”الاعتصام والتضامن داخل الخان الأحمر وغيرها من المناطق المستهدفة”.
كما دعت حركة الجهاد الإسلامي، الفلسطينيين إلى “الصمود في أرضهم ومنازلهم”، لإسقاط المُخططات الإسرائيلية.
وقال متحدث الحركة، طارق سلمي في بيان: “الشعب الفلسطيني ليس عاجزاً عن الدفاع عن أرضه ومقدساته (..) وهذا ما تؤكده جنين ونابلس والشيخ جراح وأهالي الخان الأحمر، الذين يتمترسون في أرضهم وبيوتهم ولن يتركوها تحت وقع التهديدات”.
ومن جانب آخر، استنكر سلمي “اقتحام المسجد الأقصى”، معتبراً ذلك “بمثابة إعلان حرب على القدس وعلى الشعب الفلسطيني بأسره”.
وفي أكتوبر/تشرين أول الماضي منحت المحكمة العليا الإسرائيلية الحكومة مهلة جديدة في سلسلة قرارات مماثلة تنتهي مطلع فبراير/شباط للرد على التماس تقدمت به جمعية “ريغافيم” الاستيطانية، بشأن تأ جيل إخلاء التجمع.
وضمن مسار قضائي طويل امتد لسنوات، أصدرت المحكمة العليا في 5 سبتمبر/أيلول 2018 قراراً نهائياً بإخلاء وهدم “الخان الأحمر”، بعد رفضها التماس سكانه ضد تهجيرهم وهدم التجمع، المكون أغلبه من خيام ومساكن من الصفيح.
والأحد، قالت صحيفة إسرائيل اليوم، إن اثنين من نواب الكنسيت دعيا إلى الحضور إلى منطقة الخان الأحمر للمطالبة بتطبيق قرار المحكمة العليا.