الجمعة, نوفمبر 22
Banner

استراتيجية للصحة في لبنان لمنع انهيار القطاع

كارين اليان ضاهر – اندبندنت

انخفضت ميزانية الصحة في #لبنان في ثلاث سنوات من نحو 500 مليون دولار إلى أقل من 37 مليوناً، وفق #وزير_الصحة فراس الأبيض. وبدا ملحاً وضع الاستراتيجية الوطنية الصحية الموحدة التي جرى التركيز فيها على ركائز أساسية في القطاع الصحي.

انطلاقاً من ذلك تعاونت وزارة الصحة العامة مع جهات محلية ودولية وبدعم من منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي، لوضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ. هجرة الكوادر الطبية تشكل العبء الأكبر على القطاع الصحي، إذ هاجر 20 في المئة من ممرضيه و40 في المئة من أطبائه. وازداد الاعتماد على المساعدات الخارجية والقروض، وبدا واضحاً أن هذا الدعم غير منظم، كذلك تراجعت المساعدات بسبب الأزمات الدولية. لهذه الأسباب مجتمعة، بدت الحاجة ملحة لتنظيم الأمور.

عناصر أساسية

أولى الركائز الأساسية في القطاع الصحي التي تناولتها الاستراتيجية الوطنية للصحة -رؤية 2030ـ هي الحوكمة لضمان النجاح والاستمرارية.

العنصر الثاني الأساسي، فهو التمويل لأن الاستمرار بالإنفاق كالسابق لم يعد ممكناً. ووفق الدكتور الأبيض هناك أدوية مستخدمة بكثرة في لبنان وهي غير متوافرة حتى في أوروبا. وكان التركيز على الأدوية الأصلية ورفض للأدوية البديلة. في فرنسا مثلاً الأدوية البديلة تشكل 80 في المئة. وفي ظل تعدد الجهات الضامنة، من المفترض أن يكون لكل منها قسم إداري خاص، للحد من النفقات والأعباء على المواطن.

وكان لا بد من العمل على نظام صحي قائم على الرعاية الصحية الأولية، بدلاً من زيادة الأعباء عندما يتفاقم المرض. فكل دولار يُنفق على الكشف المبكر عن سرطان الثدي، يوفّر حوالى 18 دولاراً في علاج المرأة لاحقاً، ويجنبها الأعباء النفسية والجسدية.

وفق ما أكده الأبيض في حديثه مع “اندبندنت عربية” 40 في المئة من الاستراتيجية وتطبيقها يعتمد على التمويل الخارجي. وبتعزيز برامج الوقاية والرعاية الأولية يمكن خفض النفقات فتُستثمر في القطاع الصحي. علماً أن قسماً من المساعدات التي تتطلبها الاستراتيجية مؤمنة.

ويقول الوزير الأبيض “تعزيز الرعاية الصحية الأولية وسبل الوقاية يتطلب حكماً تأمين التمويل من المساعدات الخارجية. في الوقت نفسه، لا يجب على لبنان الاستمرار بتلقي المساعدات الخارجية من دون خطط، فكان من الطبيعي أن يتوقف هذا الدعم في مرحلة ما. لذلك، تقضي الاستراتيجية تعزيز دور الرعاية الصحية الأولية ومراكزها والحرص على تأمين التوزيع العادل للأدوية على مختلف المواطنين والحرص على جودة الخدمة الطبية التي يتلقاها المواطن. وقبل الأزمة لم تتخطَّ نسبة اللبنانيين الذين يقصدون مراكز الرعاية الصحية الأولية الـ20 في المئة والباقون كانوا من الأجانب. أما حالياً فقد ارتفعت نسبة اللبنانيين إلى 65 في المئة”.

ومن الركائز الأساسية للاستراتيجية الاستعداد للطوارئ، و”بالفعل أنقذت خطة الطوارئ السريعة في مواجهة الكوليرا البلاد من كارثة كبرى واجهتها دول أخرى”.

التحدي الأكبر

ويؤكد الأبيض أن لبنان فقد خلال هذه الفترة، أطباء متخصصين وأصبح من الصعب إيجاد من يحل محلّهم. لذا من الضروري تأمين الحوافز للأطباء على المستوى المادي والأمني.

أما التحوّل الرقمي فمن العناصر الأساسية في الخطة، وقد بدأ التنفيذ في هذا المجال في مواجهة أزمة الدواء. وحصلت مقاضاة لشركات لجأت إلى الغش، وذلك بفضل نظام تتبع الدواء. فمن خلال هذا التطبيق الخاص أصبح من الممكن حماية المواطن. ومن المتوقع الإنطلاق قريباً بنظام تتبع معاملات وزارة الصحة من المنزل.

خطة واضحة ولكن

يتساءل المواطن عن جدوى استراتيجية بعيدة المدى وهو غارق في المآسي والأزمات. وفق ما يؤكده الأبيض، هذه الاستراتيجية خريطة طريق وهدفها تنظيم الأمور، وبنجاح كل خطوة يمكن المتابعة لتحقيق المزيد. والعديد من نقاط الاستراتيجية نفّذ. وبدأ المواطن يلمس نتائج الخطوات التي بدأت، على حد قوله. وقد تم تأمين تمويل 24 مليون دولار أميركي كخطوة أولى لدعم نظام الرعاية الصحية الأولية وهناك المزيد من الأموال من الجهات المانحة دعماً لعملية التحول الرقمي حتى تشمل كل الخدمات الصحية. أما المختبر المركزي فوُقعت اتفاقية مع منظمة الصحة العالمية لتمويله. ويجري العمل بجدية على زيادة التغطية الصحية في مجالات كالقلب والكلى والسرطان في مقابل الحد من الإنفاق في مجالات أخرى، وترشيد الدعم للاستفادة من الأموال المخصصة للقطاع بشكل أفضل. وينهي الوزير فراس الأبيض بالقول “تبدأ الاستراتيجية من حاجات المواطن وتسعى إلى تلبيتها والنقاط كافة التي تتضمنها أساسية لتحقيق ذلك، كوضع بروتوكولات علاجية وفتح المختبر المركزي ووضع خطة طوارئ لمواجهة الأوبئة ومواجهة أزمة الدواء والحد من الأعباء عند تسديد فاتورة الاستشفاء. تنظيم الأمور في هذا المجال يساعد على كسب ثقة المواطن والجهات المانحة. هي رحلة شاقة لأن العمل في ظل الأزمة ليس سهلاً. ولو عُمل على هذه الاستراتيجية قبل سنوات لكانت الأمور أسهل حكماً. لكن الأزمة شكلت الحافز للتحرك على رغم سلبياتها”.

Leave A Reply