مرسال الترس – سفير الشمال
عندما استفاق اللبنانيون فجر الأثنين الفائت على هزة قوية من ترددات الزلزال الذي دمر مساحات مبنية واسعة في كل من جنوب تركيا وشمال سوريا. سارعوا في رد فعل أولي تمثل برفع الصلوات من جميع طوائفهم ومذاهبهم الى الله العلي القدير كي يحمي أرواحهم ومن يحبون من الأذى. متناسين كل الأزمات التي تشد الخناق على رقابهم منذ بضع سنوات.
أما وقد تكشّفت نتائج الزلزال على الآف الضحايا وعشرات الآف الجرحى وملايين المتضررين بغض النظر عن الأضرار المادية التي تفوق كل التقديرات، فهل إتعظ اللبنانيون من الهزة التي لم تتجاوز الأربعة فاصل ثمانية على مقياس ريختر، وتصوروا لو أن ذلك الرقم ارتفع بضع درجات أُخرى؟ أم أن الأمر بات من الماضي؟
فماذا كانت ستفيدهم خلافاتهم حول الاستحقاق الرئاسي أو تشكيل الحكومات (أو تعيين نواطير الأحراش مثلا) ليعيشوا أزماتهم مضاعفة، أفليس من الأجدى ان يستفيدوا من أي وفاق بينهم ليرغد الشعب بحياة تشبه حياة الشعوب التي تدرك فعلاً معنى الحياة؟
وماذا سيستفيدون من المضاربات على النقد اللبناني سوى تجميع حفنات من الأموال قد تذهب هباء عند أية أزمة حتى لو كانت من الدولار الأميركي البالغ الأهمية.
وماذا سيعود عليهم بالنفع رفع اسعار أدوية الأمراض المزمنة أضعافاً مضاعفة متجاهلين من سيكون المتضرر ربما احد اقاربهم او من يمتّ اليهم بصلة قربى.وما حجم فائدتهم اذا توفي مريض لأنه لم يستطع تحصيل الدواء الناجع؟
وكم هي حجم الأموال والأرصدة التي سيجنونها من المتاجرة بلقمة عيش الناس وكم تصبح قيمتها بلا ثمن إذا كانوا من بين الذين طالهم طرف أي زلزال محتمل؟
إنها افتراضات ناتجة عما اصاب جميع اللبنانيين جراء الفساد المستشري وفقدان الضمير والتعقل في التعاطي بين الناس حيث بات واضحاً أن هناك تسابق على من يستطيع أن “يأكل رأس أخيه” بدون رادع أو وازع الاّ الشهوة في المال والثراء مهما كانت الاساليب حتى بات الجميع اشبه بـ “الهر الذي يلحس المبرد” ويستطيب بلع دمه!
أفليس من الأجدى ان يعود كل منهم الى ما نصحه به دينه أو مذهبه لكي يتعامل مع أخ له في الانسانية لا بل ربما قريب له من لحم ودم كي يلقى وجه ربه راضياً مرضياً، إذا ما اشتدت الهزة وتركت وراءها آثاراً مدمرة بعدة ثوانٍ. أم أن الجميع قد وضعوا وجوههم الحقيقية جانباً وباتت تحركهم الشهوات والملذات؟..