عبد الكافي الصمد – سفير الشمال
يُفتتح الأسبوع الحالي على سلسلة أزمات سياسية واقتصادية حادة، وسط توقعات أن تزداد تعقيداً واحتقاناً، مع تراجع الآمال المتواضعة المعلّقة على حلحلة ما، او على هدنة معينة من شأنها أن تجعل اللبنانيين يلتقطون أنفاسهم وتخفّف من أثقال المعاناة عليهم.
أوّل هذه الأزمات تتمثل في الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، ممهداً لها من خلال إجتماع ستعقده اليوم الإثنين هيئة مكتب المجلس للإتفاق على جدول أعمال الجلسة، التي لا يدور التجاذب حول بنودها فقط، بل على رفض نوّاب يربو عددهم على 45 نائباً، كما أُعلن خلال السّاعات الماضية، عن مقاطعتهم الجلسة التشريعية وعدم حضورهم لها، معتبرين أنّ الأولوية لدى المجلس حالياً هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية وليس عقد جلسة تشريعية، وسط جدل سياسي واسع حول دستورية الجلسة من عدمه.
ثاني هذه الأزمات تترجم في استمرار استحقاق إنتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً للرئيس السّابق ميشال عون، منذ انتهاء ولايته في 31 تشرين الأول الماضي، يدور في حلقة مفرغة، ذلك أنّه منذ آخر جلسة عقدها المجلس في 19 كانون الثاني الماضي، وهي الوحيدة التي جرى عقدها هذا العام، لم يُحدّد رئيس المجلس موعد الجلسة المقبلة، الذي لا ينتظر أن يختلف مصيرها عن مصير 11 جلسة سابقة فشلت، بسبب عدم إكتمال النصاب في دورتها الثانية، في التوافق على انتخاب الرئيس العتيد.
ثالث هذه الأزمات تنعكس في شلّ حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي عن القيام بمهامها في ظل الفراغ الرئاسي. فمنذ ذلك الحين ـ قبل قرابة 3 أشهر ونصف ـ لم تعقد الحكومة سوى ثلاث جلسات لها، آخرهما في 6 شباط الجاري، وهي جلسات دار حولها قبل عقدها وبعده، سجال سياسي ودستوري حاد قاده التيّار الوطني الحر، الذي يتمسك رئيسه النائب جبران باسيل بعدم قبول عقد أيّ جلسة للحكومة قبل انتخاب رئيس الجمهورية، معتبراً بأنّ عقدها يعد إفتئاتا على صلاحيات الرئاسة الأولى، ما جعل الجلسات الثلاث تعقدان بعد كباش سياسي أفضى إلى أزمات متشعبة، وتصدّع في تحالف التيّار البرتقالي مع حزب الله وضعهما على أبواب “طلاق” سياسي، وجعل مصير تفاهمها في كنيسة مار مخايل، في شباط عام 2006، محفوفاً بالمخاطر.
جميع هذه الأزمات رافقتها أزمة إنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الذي اقترب أمس من حاجز 67 ألف ليرة للدولار الواحد، مسجلاً بذلك رقماً قياسياً غير مسبوق يُعبّر عن حجم إنهيار الإقتصاد الوطني والقعر الذي وصل إليه، قبل أن يزيد الطين بِلة زلزال 6 شباط الجاري الذي ضرب تركيا وسوريا، وامتدت إرتداته إلى لبنان، مثيراً مخاوف وهواجس من أن يؤدّي أيّ زلزال مماثل مقبل إلى كارثة في بلد لا يوجد فيه الحدّ الأدنى من مقومات الصمود والإغاثة.