الثلاثاء, نوفمبر 26
Banner

صورة سوريالية لدولة متهالكة..

صلاح سلام – اللواء

لا رئيس جمهورية، لا مجلس نواب للتشريع، لا حكومة كاملة الصلاحيات الدستورية، المجالس البلدية على وشك إنتهاء ولايتها القانونية، حاكم البنك المركزي يترك الحاكمية في تموز المقبل، مدير عام الأمن العام تنتهي خدمته في الشهر التالي، عشرات المناصب القيادية في إدارات الدولة شاغرة، وبعضها يديرها موظفون بالتكليف، أساتذة الجامعة ومعلمو المدارس الرسمية مستمرون بالإضراب منذ أكثر من شهرين، موظفو الإدارات الحيوية الرسمية يحضرون يوماً أو يومين في الإسبوع بنصف ساعات الدوام،الليرة تتلوى في نار الدولار، وجنون الأسعار متفلت من أدنى إجراءات الرقابة وتدابير المحاسبة، أما القضاء فأصبح قدراً يدور في فلك السياسيين.

هذه الصورة السوريالية للوضع اللبناني لا ترسم معالم الدولة الفاشلة وحسب، بل تُنذر بإضمحلال أسس الدولة المتهالكة، وتلاشي مقومات سلطة غارقة في عجزها، ويتقاتل أطرافها بحراب الأنانية والكيدية، وما يلزمها من «بهارات» الحزبية والطائفية والمناطقية.

المسرح السياسي في لبنان أصبح أشبه بحلبة مصارعة رومانية بين لاعبين يتملكهم الحقد ضد بعضهم بعضاً، ويستفرسون في عراكهم دفاعاً عن ألقابهم ومصالحهم، بغياب الحكم الذي من المفترض أن يمنع التجاوزات، ويحاسب على المخالفات، ويفرض على اللاعبين المتصارعين أن يلتزموا بأصول اللعبة، والحد الأدنى من أخلاقياتها.

العراك السياسي المحتدم في المشهد اللبناني لم يقف عند حدود الضرب على الخواصر فقط، بل وصل إلى ما تحت زنار البلد المنهار، والذي بات على شفير الإرتطام الأخير، أو الهاوية الكبرى كما يحلو للبعض أن يقول، والسياسيون غير عابئين بالمخاطر الوجودية التي تتهدد وطنهم ومواطنيهم المساكين.

معارضة تشريع الضرورة، سواء على المستوى النيابي أو الوزاري، في ظل الشغور الرئاسي، والحكومة المستقيلة، قد يكون لها ما يبررها دستورياً في الأحوال العادية، ولكن الظروف الإستثنائية والمرحلة الكارثية التي يمر بها البلد في هذه الفترة الحرجة، تتطلب التعامل بشكل إستثنائي مع النصوص الدستورية، القابلة للإجتهاد والتفسير، بما يخفف المعاناة اليومية التي يرزح تحت ضغوطها المتزايدة اللبنانيون من كل الطوائف، وفي مختلف المناطق.

السؤال: هل تعطيل التشريع في مجلس النواب، ومقاطعة جلسات مجلس الوزراء، سيسرّعان في إنهاء الشغور الرئاسي، أم سيزيدان الخلافات تعقيداً، والإنقسامات تعميقاً؟.

Leave A Reply