حسين سعد –
من داخل مكتبة DELAMAIN الباريسية العريقة التي تاسست سنة 1708، فاحت رائحة الصعتر البري الجنوبي فتنشق الحضور اللبناني والعربي والفرنسي، هواء الأودية والتلال التي يترعرع فيها الصعتر ، ليوضب لاحقا في حقائب المسافرين، إلى غربتهم القسرية ، فيبقى رابطا مع “ولدنتهم” ( وكدوشة)الصعتر المدرسية ، حيث كانت وما زالت بأشكال مختلفة الفطور الصباحي، الذي يساعد في الذكاء ، كما كانت تخبر الامهات وتدفع إلى التكيف معه يوميا.
رائحة هذا الصعتر ، خرجت من مداد وكلمات وصفحات، ديوان شعر أطلقته صوفيا محمد فرحات باللغة الفرنسية ، حمل عنوان zaatar على غلاف الكتاب المكون من ٩٦ صفحة، ويضم قصائد ل صوفيا ابنة بلدة جرجوع الجنوبية ، حيث عاشت لفترة في بيت ينتصف الجامع والكنيسة. وترى صوفيا فرحات ، التي تخوض تجربتها الشعرية الأولى في ديوان باللغة الفرنسية ط، أن اختيارها لعنوان ديوانها الشعري zaatar ما هو إلا عربون وفاء وحفظا لنضال والدها ، الذي أمضى وقتا طويلا في معتقل أنصار، إبان الاجتياح الإسرائيلي العام ١٩٨٢ ولجديها وعمتها فدوى التي استشهدت بانفجار قنبلة وعمها المرحوم علي . لكي لا ننساهم ، فهم ناضلوا ، كل واحد منهم على طريقته .
وتضيف فرحات ، هناك اكثر من سبب دفعني للكتابة عن نبتة الصعتر ، فهي موجودة في كل بيت لبناني ( ستي كانت تقول البيت اللي فيه صعتر ما بجوع ) وهذا الصعتر ، نبتة طيبة مقاومة وعنيده، ترمز إلى الحياة ، وقصائدي في هذا الديوان ، تشبه أوراق الصعتر ، فمنها قصائد صغيرة ، لا تتجاوز الثلاثة أسطر، ومنها الكبيرة التي تلامس العشرين سطرا ، مستخدمة فقط كلمتين باللغة العربية في احشاء الديوان هما ( البيت والهجرة ) كدلالة على الرابط بينهما .
كتابي هو بمثابة روزنامة عمري ، منذ الطفولة ومحطات الولدنة ، وصولا إلى عدوان تموز – اب ٢٠٠٦
تقول فرحات من مكان إقامتها في باريس، حيث تخرجت من جامعة السوربون “أن كتابي ( ديوان الشعر ) هو بمثابة روزنامة عمري ، منذ الطفولة ومحطات الولدنة ، وصولا إلى عدوان تموز – اب ٢٠٠٦ حيث كنت حينها في الحادية عشرة من العمر ، فترك هذا العدوان أثرا بالغا في داخلي ، وايضا إلى غربتي الباريسية ، التي مضى عليها سنوات، اكتشفت فيها عالما أخر .مضيفة انني أناضل على طريقتي من خلال هذا الديوان ، للتخلص من الطائفية والعصبية ، لأنه بإمكاننا جمع اللبنانيين ، كما نجمع حواضر الصعتر المتعدد المواد والنكهات. ديوان zaatar الصادر عن دار Bruno Doucey ، المتخصص في طباعة الدواوين الشعرية ، يروي حكايا جرجوعية ، نقلتها الكاتبة باسلوب سهل ممتنع ، من بلدتها إلى باريس ، عاصمة تعدد الثقافات والنور .
جنوبية