باسمة عطوي – نداء الوطن
– ضاهر: التسويف يفرض تحمّل الجميع مسؤولية ما لا تُحمد عقباه.
– ترجيح تكامل التحقيقين الأوروبي واللبناني والتلازم بين مساريهما
– هناك محاولة من بعض رعاة سلامة لخلط الأوراق وشراء الوقت
ليس تفصيلاً أن تُعيّن محكمة الاستئناف في بيروت المحامي العام الاستئنافي في بيروت، القاضي رجا حاموش للنّظر في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على بعد أيام من عودة وفد التحقيق الاوروبي إلى لبنان (مطلع شهر آذار المقبل)، لإستكمال تحقيقاته مع حاكم البنك المركزي وشخصيات مصرفية أخرى بجرم تبييض الاموال واتهامات اخرى. فهذا القرار ليس له مفاعيل قضائية فقط، بل أيضا مالية تعني كل الشعب اللبناني، ويحمل في طياته شكوكاً حول محاولة السلطتين السياسية والقضائية في لبنان، “عرقلة التحقيقات الاوروبية” وحماية سلامة .
سبب هذه الشكوك، أن القرار بتعيين حاموش جاء بعد “تجميد” الملف أمام النيابة العامة منذ أشهر، نتيجة قرار ردّ النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر عن النظر فيه، بناءً لدعوى سلامة . وسيباشر حاموش دراسة الملف ليُقرّر ما إذا كان سيدعي على سلامة وفقاً لطلب النيابة، بجرائم جنائية تتعلق بالاثراء غير المشروع، والتزوير والتهرب الضريبي واختلاس المال العام واستغلال الوظيفة وتبييض الاموال.
تجدر الاشارة إلى أنه إلى جانب هذا الملف “الدسم”، ثمة ملفان آخران لسلامة في أروقة القضاء اللبناني. فهناك ملفات مطروحة أمام النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون بحق سلامة ومصارف. وهناك ملف كوّنه محامو تحالف”متحدون” ومجموعة “رواد العدالة”، للسير بدعاوى مودعين ضد سلامة وهيئات مصرفية في عدليات بيروت وبعبدا وزحلة، حيث حدّدت قاضية التحقيق الأولى في البقاع أماني سلامة يوم 16 آذار المقبل، موعد جلسة للتحقيق مع سلامة وأعضاء مجلس المصرف المركزي ومفوضي الحكومة لديه، في شكوى المودعين الجزائية بوجه المصارف المتعسّفة بحقهم.
تتضمن التحقيقات التي ستجريها القاضية سلامة، إتهامات بجرائم سوء الهندسات المالية والمصرفية، إخفاء خسائر المصرف المركزي في ميزانيات مصرف لبنان بصورة احتيالية، صفقات الفساد واقتراف مخطط البونزي، إساءة حماية الحاكم للنقد الوطني وعدم اتخاذ الإجراءات الآيلة إلى وضع حد للتلاعب بسعر الصرف، سوء إدارة قطاع المصرف المركزي والتقصير والإهمال الوظيفي الجسيم، تمويل الدولة بتسليفات عشوائية دون قطع حساب للموازنة، وبقروض غير معلَّلة في ظل ظروف عادية طوال عقود من الزمن، عدم الإحتفاظ باحتياط من العملات الاجنبية التي تضمن سلامة النقد الوطني والتصرّف باحتياطات إلزامية على سبيل الإيداع، إختلاس وهدر مال عام وتحقيق إثراء غير مشروع وتبييض أموال على حساب الخزينة العامة.
بناءا على كل ما تقدم، يطرح السؤال التالي “هل ستؤثر التحقيقات القضائية اللبنانية بشكل سلبي على مجرى التحقيق الاوروبي؟ أم أنها ستسير بشكل متواز وتتكامل في ما بينها للوصول إلى النتيجة المرجوة”؟
يجيب الأستاذ المُحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة، المحامي كريم ضاهر لـ”نداء الوطن” بالقول: “في حال جرت التحقيقات في الملف الذي يتولاه القاضي حاموش، حول الارتكابات نفسها التي يحقق فيها القضاء الاوروبي، عندها سيحصل تجميد أو عرقلة للتحقيقات الاوروبية ريثما تظهر نتائج التحقيقات اللبنانية”.
يضيف: “في حال كان مسار التحقيقات مختلفاً (وهذا ما أرجحه بحسب متابعتي للملف)، عندها سيحصل تكامل بين الملفين. أعتقد أن القضاء اللبناني سيلاحق الحاكم على الجرم الاساس الذي أدى إلى جرم تبييض الاموال (أي جرم الإختلاس وصرف النفوذ والتزوير والتهرب الضريبي). في حين أن القضاء الاوروبي يلاحقه على إرتكابه الجرم نفسه، لأن تبييض الاموال حدث على أرضه، ولأن أموالا غير معروفة المصدر، تمّ استعمالها لإخفاء معالمها أي شراء عقارات وتحويلها من شركة لأخرى ومن مصرف لآخر”.
يشرح ضاهر أن “في الملف الذي يتولاه القاضي حاموش، سيتم بموجبه ملاحقة سلامة على الجرائم التي أدت إلى تبييض الاموال، مثل عقد “شركة فوري” الذي سمح باختلاس الاموال من مصرف لبنان. والتأكد ما إذا كان العقد (شركة فوري) الموقع بينه وبين أخيه رجا سلامة ناتجاً عن صرف نفوذ أو فساد، بحسب التفسير الذي نص عليه القانون 175 / 2020، وعما إذا إرتكب رجا سلامة جرم التهرب الضريبي”. موضحاً أن “القضاء الاوروبي لم يأت للتحقيق في الملفات المطروحة، سواء عند الرئيس حاموش أو القاضيتين سلامة او عون. وطالما أن التحقيق اللبناني سيكون حول الجرم الاساسي الذي أدى إلى تبييض الاموال، عندها يمكن أن يتكامل التحقيق اللبناني مع الاوروبي ويصبحان متلازمين، ويمكن ان يتساعد الفريقان لوصول كل منهما إلى هدفه”. يشدد ضاهر على أنه “في حال كانت هناك نية مبيتة في لبنان لإيقاف المسار الاوروبي وإرادة لطمر الحقيقة، عبر الادعاء على سلامة بجرم تبييض الاموال، فهذا يعني أن السلطة السياسية والقضائية في لبنان غير مبالية بردة الفعل الخارجية والاوروبية تحديداً”.ويختم: “الأمر يتعلق بمعرفة ما إذا تم رفع الغطاء الداخلي عن حاكم مصرف لبنان أم لا. في حال رفع الغطاء يتكامل التحقيق اللبناني مع الاوروبي للوصول إلى نهاية المطاف. وإذا لم يُرفع الغطاء عندها نكون أمام محاولة واضحة لتضليل التحقيق وتسويفه، وعلى الجميع وعلى رأسهم القاضي حاموش تحمل مسؤولية ما لا تحمد عقباه”.
Follow Us: