السبت, نوفمبر 23
Banner

انقذوا لبنان قبل فوات الأوان

المحامي حسن مطر – اللواء

«الحقيقة تحرّركم» قول للسيد المسيح عليه السلام أكرّره دائما في معظم مقالاتي لسببين بعد التعلّم منه، والسبب الأول لمنع معرفة الحقيقة بمعظم ما يجري في البلاد وتجهيل الفاعلين وهذا فعل الجبناء، والسبب الثاني لأن تجهيل الفاعل أو الفاعلين وطمس الحقيقة يجعل الأوطان في وادي جهنم كما هو الحال الآن وتصبح الفوضى الهدّامة هي السائدة في البلاد وعلى رقاب الناس، وما أشدّنا لمعرفة حقائق الأمور وكفى اللعب بالأوطان. واسأل كيف وصلت البلاد إلى هذا الحال المأساوي والكارثي والذي هو أشدّ هولاً من الزلزال الأخير الذي حصل بتركيا وسوريا حماهما الله من كوارث الطبيعة، وتفجير مرفأ بيروت الإجرامي وتداعياته وما زالت الحقيقة غائبة ومغيّبة؟ وهل هذا معقول أو مقبول في وطن من مهماته ومسؤولياته حماية البلاد والعباد ومن رئاسات ومؤسسات وأجهزة أمنية لا تجرؤ على كشف الحقيقة وقضاء يترنح ويعفي نفسه من كشف الحقائق وملاحقة الفاعلين؟! ما جرى ويجري في لبنان السائر إلى الانهيار ليس وليد تراكم إهمال أو سلسلة احداث ولا صدفة ولا بفعل عوامل طبيعية وهناك من لا يريد كشف الحقيقة التي تحررنا، انه تخطيط مُعد ومسبق وعن سابق تصور وتصميم والرأي العام اللبناني وان لم يكتشف أو تكشف له الدولة الفاعلين المجرمين وأنا مواطن من هذا الرأي العام ندرك باحساسنا وتفكيرنا وبما نراه أمامنا بأن ما جرى ويجري لبلدنا وعليه وعلى مواطنيه، هو فعل إجرامي مُعدّ له ومخطط نحسّه ويدلّنا عليه واقع الحال وتصرفات الكثيرين من الزمرة الحاكمة المسؤولة بكل المعايير عما وصلت إليه البلاد، بعد هذه المقدمة أدلي بما يلي:

لا اتهم أحدا ولا أبرئ أحدا وليس المواطن من يتهم أحدا القضاء هو سلطة التحقيق والبحث والتفتيش وكشف الفاعلين والمجرمين وهو الموكولة إليه هذه المهمات وتبيان الحقيقة وإعلانها مستعينا بأجهزة السلطة وقواها الأمنية والمخابراتية وتأمين العدل في البلاد والقضاء اللبناني، الآن يعاني ما تعانيه كل المواقع والمؤسسات في لبنان الذي يفقد ركائز دولته الواحدة تلو الأخرى وبات لبنان في مهب الرياح العاتية التي تأتيه من كل المواقع بهدف القضاء عليه كوطن ليصار إلى توزيعه أو الحاقه بالدول الطامعة فيه وترسيخ نفوذها عليه.

محصلة القول إن لبنان الذي أفشل الكثير من المؤامرات الهادفة إلى تحجيمه وإنهاء دوره كرسالة بين أمته العربية والأمم الأخرى، عادت إليه المؤامرات من كل جانب ومقدماتها كثيرة وإن جاءت تباعا بأوقات متباعدة، لكن بأهداف واحدة القضاء على لبنان الوطن وبأيدي المتصارعين فيه من أهله ومواطنيه ومن الممسكين بزمام الأمور فيه، ولعل الفشل والإخفاق بعدم انتخاب رئيس للبلاد والذهاب إلى تشكيل حكومة وطنية تنقذ البلاد والعباد الدليل القاطع على جوانب المؤامرة الداخلية وجعل البلاد رهينة لهذه وذاك ومن مقدمات هذه المؤامرة:

١- الاحتلال الإسرائيلي للبنان العام ١٩٨٢ وتمرير اتفاق ١٧ أيار مع الكيان الصهيوني الذي أسقطه الشعب الوطني اللبناني.

٢- اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومعه العشرات من مرافقيه ظلما وعدوانا ببربرية خارجة عن كل معاني الإنسانية.

٣- إعادة الهيمنة الأميركية على لبنان والمنطقة وإشاعة الفوضى الهدّامة وإشهار سيف العقوبات على الأفراد والشركات والدول وعلى كل من يعمل لمناصرة قضاياه الوطنية والعربية وإلقاء صفة الإرهاب على كل عمل مقاوم لإسرائيل فضلا عن سياسة أميركا الدائمة بتهديد الدول العربية وتخويفها.

٤- فتح أبواب التطبيع مع إسرائيل ومحاولات إسقاط قرارات قمة الخرطوم باللاءات الثلاث: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض، والعمل على تصفية القضية الفلسطينية ومحاولة إسقاط كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، التي تقرّ بحق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته وعاصمته القدس الشرقية.

لكن أميركا ليست قضاء وقدرا فالتغيير الاستراتيجي والتحول بميزان القوى الدولية والإقليمية والتي راحت تتصدى للاملاءات الأميركية الصهيونية بسبب المقاومة والنضال المستمر في هذه الأمة ومقاومة الشعب الفلسطيني المتصاعدة في الداخل والتي باتت تخيف الاحتلال الصهيوني وقيادته وأفرادها العسكرية كل ذلك وجه ضربات قاسية للمحتلين و موجعة.

والحقيقة نقول إن الزمرة الحاكمة والمتحكمة بالبلاد والعباد لو كانت على مستوى الحكم والسلوكيات السوية المفروض بالحكام لما وصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن وليس مستغربا إذا الشعب اللبناني قام بخطوات تؤدي إلى إقصاء كل الزمرة المتحكمة عن الحكم والإدارة وإسقاط كل العنصريين الطائفيين والمذهبيين السلطويين المستتبعين للخارج الأجنبي، ما يراه الوطن والمواطن من هذه الزمر بحق البلاد والعباد يدعو للعجب والإسراع بوضع حد قوي يمنعه ويزيله قبل أن يصلوا بالبلاد الى صراعات أمنية عسكرية يستوي فيها اللاعب الأجنبي المعادي لبلادنا بالفريق اللبناني وصولا إلى نتيجة واحدة هي القضاء على لبنان الوطن والشعب والدولة. عودوا إلى رشدكم أيها المسؤولون اللبنانيون واتعظوا بما حصل ويحصل في بلدان عدة واتعظوا بالزلزال الذي أصاب سورية وتركيا ووصلت ارتداداته الخطيرة إلى كل الدول العربية المجاورة ومنها لبنان، كونوا ولو لمرة واحدة على مستوى قيادة الأوطان وإدارتها بما يؤمن الحياة الهادئة لمواطنيها وليس ما ينتج الخراب والدمار الذي أصاب لبنان ودول عربية أخرى.

Leave A Reply