الجمعة, نوفمبر 22
Banner

سوريون “ماتوا من الخوف” في الزلزال الأخير

لليلة الثانية على التوالي يمضي كثير من أهل اللاذقية وبعض المحافظات السورية كحماة، ليلتهم في الشوارع والخيم الكبيرة التي نصبت في الساحات العامة لتأوي أكبر عدد من المواطنين الذين هجروا منازلهم بعد هزة ضربت البلاد مساء يوم الإثنين بقوة 6.5 ريختر، مما أحدث بلبلة وخوفاً، إذ لم يمض وقت على محاولة التعايش مع زلزال فجر السادس من فبراير (شباط) إلا ودهمتهم لحظات أكثر رعباً، وهم يجترون ذكريات الدمار الذي خلفه الزلزال الأول.

وفور حدوث الهزة الأرضية التي كانت بحسب الأهالي تشبه في قوتها الزلزال الأول لكنها كانت أقصر، هرع أهل اللاذقية وجبلة ومعظم المحافظات السورية التي شعرت بالهزة بما فيها مدينة دمشق، إلى الشوارع والساحات الرئيسة الخالية من الأبنية.

إحدى المواطنات التي تعيش في بناء وسط المدينة قالت لـ”اندبندنت عربية، “كنت في زيارة عند صديقتي بإحدى الحارات الشعبية، حيث المنازل متلاصقة، وعند حدوث الزلزال عشت حالاً من الخوف ليس فقط بسبب الهزة بل من كثرة الصراخ الذي صدر من النسوة والأطفال”.

انهيار منزل في دمشق

وكان أهالي دمشق قد شعروا بالهزة ونزلوا إلى الشوارع وباتوا ليلتهم فيها، وللمرة الأولى يسجل في دمشق وقوع إصابات نتيجة انهيار منزل عربي في حي الطبالة قرب باب شرقي نتيجة تأثره بالهزات الأرضية الأخيرة، إذ توجهت عناصر الإنقاذ والإسعاف للمكان لنقل المصابين ومساعدة المتضررين.

كما أعلن إخلاء 15 مبنى من قاطنيه في ريف دمشق “احترازياً” لإجراء التدعيم، مع تأمين الأهالي ضمن مركز إيواء مجهز لحين استكمال وإنجاز أعمال التدعيم، وذلك نظراً إلى تأثير الزلزال في المباني.

وكانت غرفة صناعة حلب أطلقت منذ أيام منحة السكن التي تضمنت تقديم مبلغ مليوني ليرة سورية نقداً لكل عائلة فقدت منزلاً وتريد أن تستأجر آخر إلى حين إعادة الإعمار.

وفيات نتيجة الهلع

وبسبب الهزات المتلاحقة لم تعد كثير من بيوت السوريين آمنة، لذلك تخلى كثيرون عن منازلهم ولجأوا للخيام، مناشدين الجهات المتخصصة مساعدتهم، بخاصة في هذه الأيام الباردة وغير الآمنة، إذ إن حالات الخوف والهلع وصلت أوجهاً عند كثيرين وكانت سبباً لوفاة أشخاص في اليومين الماضيين.

وأبلغ عن وفاة سيدة مسنة في محافظة حماة، وسجلت محافظة حلب ثلاث وفيات بينهم رجل في أوائل الأربعينيات، وهذا ما أكده مدير صحة حلب زياد الحاج طه، قائلاً إنه “ليس هناك حالات إسعافية ناجمة عن سقوط أبنية نتيجة الهزة الارتدادية، والأشخاص الذين دخلوا مستشفى الرازي، كانت إصاباتهم ناتجة من الخوف والهلع والاصطدامات التي حدثت نتيجة خروج الناس من منازلهم مسرعين إلى الشوارع”.

أما رئيس الهيئة العامة للطب الشرعي زاهر حجو فقال إن “هناك زيادة في معدل الوفيات بسبب الأزمات القلبية منذ زلزال السادس من فبراير حتى الآن، وسجل بعد زلزال الليلة السابقة حالتين لأزمة قلبية في حلب وأخرى في اللاذقية، كما وصلت إلى طرطوس بعد الزلزال الأخير حالة وفاة لطفلة بعمر 12 سنة”.

انقطاع شبكة الاتصالات

ومع كل هذا الخوف والهلع الذي عاشه معظم السوريين، فقد توقفت الاتصالات الخلوية والأرضية في بعض المناطق، بخاصة تلك التي تأذت سابقاً من الزلزال، إذ ما كادت تنتهي لحظات الهزة إلا وكان الجميع قد لجأوا إلى هواتفهم للاطمئنان على أحبائهم ما شكل ضغطاً على الشبكة.

وصرحت شبكة الاتصالات السورية “سيرتيل” أنه “أثناء حدوث الكوارث الطبيعية مثل الزلزال يتغير سلوك المستخدمين لشبكة الاتصالات الخلوية للاطمئنان على ذويهم وأحبتهم، وقد أدى هذا الأمر إلى استهلاك كل الموارد المتاحة، حيث تجاوز الحد المسموح من المكالمات بمقدار ثمانية أضعاف الوضع الاعتيادي، علماً بأن شبكات الخلوي مصممة لاستيعاب الضغوط لكن ليس بهذا الحجم وبنفس اللحظة”.

وتابعت الشركة “من نتائج الزلزال السابق خروج 50 محطة بث خلوي في المناطق المتضررة، ولم تتوقف فرقنا الفنية والتقنية عن عمليات التشغيل والصيانة لإعادة المحطات للخدمة من جديد”، وبتوقف الشبكات توقفت خدمة الإنترنت في عدد كبير من المناطق، مما جعل إمكانية التواصل واطمئنان الناس على بعضها أكثر صعوبة.

ضوء أزرق يسبق الزلزال

وكان المركز الوطني للزلازل أعلن أن عدد الهزات المسجلة بمحطات الشبكة الوطنية للرصد والشبكات الأخرى ذات القدور الأعلى من 2.1 درجة منذ زلزال السادس من فبراير وحتى الآن 3032، ومع حدوث الهزات كان المواطنون وبخاصة في اللاذقية يشاهدون ضوءاً أزرق في السماء، فسره بعض الباحثين الجيولوجيين بأنه عبارة عن ظاهرة طبيعية تصاحب الزلازل العنيفة التي تحدث شقوقاً في القشرة الأرضية.

في سياق متصل أعلنت وزارة النقل السورية وصول ما يقارب 200 طائرة مساعدات من مختلف الأحجام والطرز في المطارات السورية المدنية الثلاثة (دمشق وحلب واللاذقية)، وذلك منذ وقوع كارثة الزلزال.

كما وصل أمس إلى مطار اللاذقية وزير الصحة الإماراتي عبدالرحمن بن محمد العويس واطلع بجولة خاصة مع وزير الصحة السوري حسن الغباش ومحافظ اللاذقية عامر هلال على عدد من المواقع المتضررة بفعل الزلزال في جبلة، كما زار مستشفى الشهيد إبراهيم نعامة، وصرح الوزير الإماراتي من اللاذقية بأن دولته “مستمرة في دعم السوريين، وسنتابع احتياجات القطاع الصحي، وشكلنا فريقاً إماراتياً لدراسة الوضع الحالي ودعم الأشقاء في سوريا بكل ما تستطيع الإمارات تقديمه ليس لهذه المرحلة فقط بل للمراحل المقبلة”.

اندبندنت

Leave A Reply