الجمعة, نوفمبر 22
Banner

مشكلة تدهور النقد الوطني أكبر بكثير من الصرّافين غير الشرعيين المخالفين للقانون

 كلوديت سركيس – النهار

السوق المالي السائب يعلّم الحرام في نفوس من استنبطوا أساليب وأنماطاً للكسب السريع والتجارة ولو على حساب النقد الوطني في غير مجال. وهؤلاء ليسوا بقلة في زمن الاهتراء السياسي. نشطوا بقصد الربح ومنهم الصرّافون غير الشرعيين أو لأغراض سياسية أو العصفورين معاً، بتركيز نشاطاتهم في غير بؤرة مالية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لأبعاد سياسية أسهمت في الانهيار المالي. وطالبوه من المتحكمين باللعبة ميدانياً على طريقة المافيا والعصابات حيث تغيب لغة المنطق والقانون وتحل مكانهما شريعة الغاب سواء بإزاحة لاعبين من السوق السوداء لتركيب لاعبين آخرين ربما حيث تجارة وأرباح مالية وتوزيع حصص أيضاً أو تنظيف بؤر من مضاربين وقطع الطريق على هبوب الفوضى الاجتماعية نتيجة التدهور السريع في قيمة النقد ليس ضنّاً بالعباد بل لأن لهيب التدهور قد لا يصبّ في المصلحة السياسية في المدى المنظور. فظهر ملف الصرافة غير الشرعية فجأة على الشاشة ونُفذت حملة توقيفات بقي الدولار بعدها في تنامٍ ليستقرّ منذ أواخر الأسبوع الماضي بقرار سياسي، ويستقر معه كيلو البصل على 80 ألف ليرة.

في خضم الأزمة القضائية التي نشأت على خلفية ملف انفجار المرفأ صدر قرار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات طالباً ملاحقة الصرافين غير الشرعيين بعد رواج هذه التجارة من دون استحياء في الظل والعلن وفي الشوارع، ووصلت الى الدليفري وإنشاء مجموعات على مواقع للتواصل السريع وتلبية طالبي الدولار داخل لبنان وخارجه.

وما إن شاع خبر القرار القضائي حتى بدأ تسريب التداول بأسماء صرافين غير شرعيين لهم وزن نسبي في سوق التداول والمضاربات. وبعد ساعات قليلة على صدور هذا القرار اختفى صغار الصرافين من الشوارع، وقامت الأجهزة الأمنية بحملة توقيفات وصلت الى الأربعين شملتهم التحقيقات الأولية ليستقر الرقم على 18 موقوفاً بعد إحالة الملف على التحقيق الاستنطاقي الذي أبقى على اثنين من الموقوفين صدرت في حقهم مذكرتا توقيف وجاهيتان وثالثة غيابية، وهم الأهم بين الموقوفين وقرر ترك 16 موقوفاً بكفالات مالية راوحت من 50 مليون ليرة الى 600 و900 مليون ليرة. وتدرّج الكفالة المالية من شأنه الإشارة الى تفاوت الجرم المقترف في صفوف الموقوفين الذين رفضت الهيئة الاتهامية في بيروت تخليتهم في المرحلة الحالية من الملف على أن تجري عملية فرز التوقيفات لاحقاً، بحسب مصادر قريبة من التحقيق الذي تضمّن اعترافات حيث كان ثمة طلب الى رئيسيين من بينهم على رفع الدولار. وأشارت الى تفاوت دور جميع المدّعى عليهم وبجنح من آخرين بينهم، لكن التوقيف سيبقى مستمراً في هذه الفترة.

من غير المقنع القول إن تدهور سعر الصرف سببه هذه الحفنة من الصرافين غير الشرعيين الذين يزاولون مهنة الصرافة من دون الاستحصال على إذن من مصرف لبنان ويخالفون أحكام القانون الذي يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وبغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين وفقاً لمدى خطورة الجرم. وفي رأي مصادر مطلعة إن هذه التوقيفات لن تساعد في لجم تدهور النقد الوطني لأن مشكلة ارتفاع سعر صرف الدولار لا ترتبط بهؤلاء المخالفين للقانون بل بأسباب بنيوية واضحة المعالم لعدم الاستقرار السياسي وفقدان الثقة والقلق الاجتماعي وفذلكات مصرف لبنان في انتظار حل الأزمة السياسية وسط تداعي مؤسسات الدولة فيما المسؤولون السياسيون يتفرجون بسادية على ما يحصل وكأنهم ينتظرون لحظة الصفر وسط مزيد من الانكماش تنشط خلالها حركة بيع العقارات خصوصاً، واستغلال تدهور سعر الصرف في مزاريب أخرى، فيما الصرافون غير الشرعيين منهم ملحقون بالشبكات الأكبر الموصولة بأصحاب القرار. وتعتبر أن المشكلة أكبر بكثير من قميص عثمان هؤلاء الصرافين المتفلتين على غاربهم وتتعدّاها الى المسألة البنيوية والتفلت من المسؤولية وغياب الشفافية لكن في النتيجة سقطت الأقنعة في ظل استمرار المضيّ نحو الهاوية. فهل ينتظرون الانهيار الكبير والحكم على الأطلال؟

Leave A Reply