حسن الدر-
«مسكّرة بالسّياسة.. الدّولار طلوع ونحن نزول»..
بهذا الانطباع يخرج زوّار عين التّينة في وصف مختصر لانسداد الأفق السّياسي وتراكم الأزمة الاقتصاديّة في الدّاخل اللّبناني.
ولكن ماذا بعد؟…
تقول المصادر نفسها ان لا قيامة للبنان من دون تصحيح علاقاته الخارجيّة، وتحديدا مع دول مجلس التّعاون الخليجي وفي الطّليعة المملكة العربيّة السّعوديّة، وفي هذا الإطار تبدي سائر الأطراف المعنيّة حرصاً وجدّيّة بالسّعي إلى معالجة المشاكل المتراكمة منذ سنوات، وهو ما قد يشكّل الكلمة السّحريّة لوصول سليمان فرنجية إلى سدّة الرّئاسة.
فزعيم المردة شخصيّة توافقيّة حواريّة، رغم موقفه الاستراتيجي الثّابت الّذي لا يلغي قدرته على مدّ جسور الحوار والتّعاون مع مختلف القوى الدّاخليّة والخارجيّة، وهو يمارس ذلك فعلاً لا قولاً فحسب، بدليل ترفّعه عن حقّه الشّخصي كوليّ للدّم ومسامحته غير المشروطة لرئيس القوات اللبنانية تقديماً للمصلحة المسيحية والوطنية، ونأيه بنفسه، في عزّ الاشتباك الكلامي بين حزب الله والسّعوديّة، عن أيّ موقف سلبيّ من المملكة، فعلاقته التّاريخيّة مع القيادة السّعوديّة وإيمانه بعروبة لبنان وإنتمائه تملي عليه مواقفه، ولأجل ذلك دعته إلى مؤتمر الطّائف في اليونيسكو حيث كان محطّ أنظار واهتمام جميع الحاضرين.
في السّياق ذاته، تقول أوساط فرنجيّة بأنّ الزّيارة الأخيرة الّتي قام بها القائم بأعمال السّفارة الكويتيّة إلى بنشعي كانت إيجابيّة جدًّا، وقد عبّر عن ذلك السّفير المفوّض عبدالله الشّاهين أثناء مغادرته بيت فرنجيّة: «أتيت بانطباع وخرجت بانطباع آخر» في إشارة إلى ارتياحه التّام لرؤية فرنجيّة ومقاربته لطبيعة العلاقة بين لبنان وأشقائه العرب.
على صعيد متّصل، أحدث الزّلزال المدمّر الّذي ضرب سوريا هزّة سياسيّة إيجابيّة رغم مأسويّته، فالاندفاعة العربيّة باتّجاه سوريا تخطّت العنوان الإنسانيّ، والزّيارة الّتي قام بها الرئيس بشار الأسد إلى كلّ من سلطنة عمان والامارات العربية المتحدة ليست تفصيلاً في توقيتها المتزامن مع حراك إيجابيّ في اليمن ظهرت بوادره في عدّة مناسبات منها زيارة وزير خارجيّة إيران إلى مسقط وبغداد.
في هذا الإطار تتحدّث مصادر موثوقة عن زيارة قريبة سيقوم بها سلطان عمان إلى طهران حاملاً أخباراً سارّة لاستئناف التّفاوض النّووي مع واشنطن، مترافقاً مع معلومات عن قرب اتمام صفقة تبادل أسرى بين أميركا وإيران والافراج عن أموال إيرانيّة مجمّدة، إضافة إلى الحديث عن زيارة قريبة لوزير الخارجيّة السّعودي إلى دمشق، وقال الأمير فيصل بن فرحان أول من أمس «لا بدّ من الحوار مع دمشق» ما يعزّز إمكانيّة حدوث هذا الخرق الكبير.
هذا المشهد المبشّر بالخير سينعكس حتماً على لبنان، ومَن يدقّق في كلمة الرئيس نبيه بري في افتتاح السّفارة الإيرانية في بيروت يلمس حرص رئيس المجلس على تصحيح العلاقات السّعوديّة الإيرانيّة، ورهانه على أنّ الحلّ في لبنان مرتبط بالحلول في الإقليم، وهذا ما شجّع عليه برّي في لقائه الوفد الإيراني الّذي زاره لشكره على مواقفه في اليوم التّالي لافتتاح السّفارة.
استناداً لكلّ ما تقدّم، يخرج زوّار عين التّينة بخلاصات مفادها:
– دوليًّا: لا يهمّ أميركا وفرنسا اسم الرّئيس العتيد بل أداؤه ومشروعه.
– داخليًّا: سليمان فرنجيّة هو الأقدر على الرّبط الإيجابي بين حزب الله وباقي المكوّنات الدّاخليّة، وبين سوريا والسّعوديّة وبين لبنان والخارج، وهو المرشّح الأكثر قبولاً لدى مختلف المكوّنات.
– إقليميًّا: «خلّي عينك ع اليمن» الحلّ هناك سينعكس حتماً على لبنان بانتخاب رئيس توافقيّ يشرف على تفعيل عمل المؤسّسات ومسيرة النّهوض الاقتصادي.
على أمل أن تنفرج إقليميًّا قبل أن تنفجر داخليًّا..