صلاح سلام – اللواء
الإشتباك الحكومي – القضائي مشهد آخر من الواقع المتردي الذي يتخبط به البلد، نتيجة التعطيل الدستوري، وحالة الشلل التي تسيطر على السلطة، التشريعية والتنفيذية، بعد الشغور الرئاسي والإنقسامات المتحكمة بالواقع السياسي الداخلي، وإمتداداته الخارجية.
لم تعد المسألة تتوقف على المبدأ الدستوري القاضي بالفصل بين السلطات، عندما تصبح الممارسة القضائية أسيرة حسابات سياسية، وأهواء شخصية، وإلتزامات حزبية، كما هو الحال مع القاضية عون، التي تركز ملاحقاتها على بنوك محددة، تاركة بنوكاً أخرى بعيدة عن متناول القضاء، رغم الشبهات التي تحوم حولها في التحويلات المليارية، وعمليات تبييض الأموال.
المشكلة أن القاضية المصون تطلق الإتهامات على أثير الإعلام قبل أن تبدأ التحقيقات. وقبل أن تُصدِر مذكرات الإستدعاء للتحقيق، تكون الإتهامات العاجلة قد تم تعميمها على وسائل التواصل الإجتماعي، الأمر الذي كان يُشيع أجواء من التوتر في البلد، ويُسمم العلاقات المهنية بين البنوك اللبنانية ومراسليها من المصارف الأجنبية، ويزيد الأمور تعقيداً في القطاع المصرفي.
فشل محاولات لجم الإندفاعة العونية ضد المصارف، دفع الطرف الثاني إلى إعلان الإضراب المفتوح، للضغط على المراجع المعنية في تنحية القاضية عون عن ملف المصارف، فكانت النتيجة أن المودعين وأصحاب الرواتب الموطّنة في البنوك دفعوا ثمن هذه المواجهة بين عون وجمعية المصارف.
قد يكون من المبرر أن ترفع جمعية المصارف صرختها إحتجاجاً على التمييز القضائي بين مصرف وآخر، أما أن تتسلح بالإضراب المفتوح على حساب مصالح البلاد والعباد، وإلحاق المزيد من المظلومية بالمودعين، فهو أمر مرفوض، جملة وتفصيلاً، ويُضاعف حالة العداء الشعبية ضد المصارف.
وكأنه كتب على هذا الشعب الطيب أن يتحمل وزر الخلافات السياسية، والإنقسامات الحزبية، وتداعيات المواجهات القضائية والمصرفية، فوق كل المحن والمعاناة، التي يعيشها اللبنانيون نتيجة الإنهيارات المتلاحقة، لا سيما هذا السقوط المريع، وغير المسبوق للعملة الوطنية.
من يدفع ثمن المعارك والمواجهات..