منال زعيتر – اللواء
على أعتاب السنة الثامنة عشر من تفاهم مار مخايل بين حزب الله والتيار الحر، يمكن الإعلان رسميا ونقلا عن مصادر مقرّبة من حزب الله بأن التفاهم بصيغته الأساسية «انتهى» الى غير رجعة… لا داعي هنا لإعلان الطلاق الرسمي فالتفاهم بين الطرفين سيصبح على «القطعة» شأنه شأن علاقة الحزب مع باقي الأفرقاء، إلا إذا عاد باسيل الى رشده السياسي بعد لقائه المرتقب مع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله… وفقا لمعلومات موثوقة فان اللقاء قريب وبطلب وإلحاح من باسيل… في وقت نقل مقرّبين من رئيس التيار وأصدقاء مشتركين تغيّرا في موقفه بعد استشعاره بحجم الخسارة السياسية التي سيُمنى بها بعد رسو التسوية «الرئاسية-الحكومية» التي تقودها فرنسا على تأمين حزب القوات اللبنانية الميثاقية والنصاب اللازم لانتخاب فرنجية رئيسا للجمهورية مقابل انتخاب سفير لبنان السابق في الأمم المتحدة نواف سلام رئيسا للحكومة، وعلى ما يبدو فان الاتصالات ستتكثف خلال الاسبوعين المقبلين لإنضاج التسوية خلال الأشهر المقبلة ان لم نقل أسابيع.
لنكن منطقيين، المقاومة لا تحتاج لأحد لا باسيل ولا غيره، فقوتها منها وفيها، ولكن من سبيل الاحتياط، يمكن طرح التالي:
أولا: هل تحتاج المقاومة الى باسيل الى درجة أن تغيّر قناعاتها وخياراتها الوطنية المتمثلة بتأييد فرنجية كقرار نهائي لا رجوع عنه الى رئاسة الجمهورية، مقابل إرضائه والحفاظ على تفاهم استنزفها كثيرا؟
ثانيا: هل سيمنع باسيل أي عدوان ضد المقاومة وكل لبنان إذا قررت مثلا البوارج الأميركية قصفنا، أو قرر العدو الإسرائيلي استهدافنا؟
ثالثا: ألم يقبض باسيل سلفا ثمن مواقفه مع المقاومة، ان لم نقل أخذ كثيرا كثيرا مقابل كل ما قدّمه لها؟
رابعا: وهو السؤال الأهم: من هو الخاسر من تدمير تفاهم «مار مخايل» باسيل أو حزب الله؟
في الأيام الماضية، وبعد مؤتمر باريس الخماسي، أوصل الفرنسيون الى حزب الله رسالة واضحة عنوانها العريض في الشق الداخلي تحديدا «فرنجية مقابل نواف سلام»، على ما يبدو فان هناك موافقة مبدئية من الثنائي الوطني على السير بالتسوية المطروحة ببعض التعديلات الخارجية والداخلية… من سوء حظ باسيل ربما ان القوات اللبنانية ستؤمّن النصاب اللازم لانتخاب فرنجية وهذه ليست تمنيات بل معلومات موثوقة حصلت عليها «اللواء» من أكثر من مصدر أساسي في لبنان وخارجه ومن حزب القوات نفسه، السؤال المطروح هنا وبالبنط العريض:
– ماذا سيفعل باسيل وما هو مصيره وماذا سيفعل له حزب الله، بعد أن يكون قد خسر الحزب والتفاهم معه دون تحصيل أي أثمان باستثناء رفع العقوبات الأميركية عنه، وهذه المكرمة «الأميركية-القطرية» لا يمكن تقريشها داخليا إذا لم يكن على علاقة جيدة بالحزب؟
على ذمة المطّلعين على موقف الثنائي الوطني، فان ما تفاجأ به باسيل هو تمسّك حزب الله بفرنجية حتى لو كان الثمن تفاهم مار مخايل، طبعا، لم يكن موقف الحزب نابعا من استهتاره بحليفه أو بالتحالف معه بقدر ما كان تعبيرا عن إستياء عارم من سياسة الابتزاز التي يمارسها باسيل عند كل مشكلة… ورغم ذلك ظل متمسّكا بالرجل على القاعدة التي أعلنها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله: «إذا وضعنا يدنا بيد أحد، لا نبادر الى سحبها إلا إذا أراد الحلفاء ذلك»…
وبالتالي، لم يحارب الحزب باسيل بالتفاهم بل كان خياره واضحا لجهة إيقافه عند حدّه وتسمية الأشياء بأسمائها، قاذفا الكرة الى ملعبه، وعلى ما يبدو، فان باسيل بات يحتاج الى سلم النجاة للعودة الى التفاهم بصيغة مختلفة، وفقا لمقرّبين منه ومن الثنائي الوطني، فقد أوصل باسيل خلال الأيام الماضية رسائل واضحة عن استعداده للسير بفرنجية لجهة تأمين النصاب لانتخابه وترك الحرية لنواب التيار بالتصويت له، ولكن ضمن سلة شروط سياسية، وتفاهم «جديد» على أنقاض تفاهم «مار مخايل».