صدر عن “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية”، وفي إطار دعمها لنتاج الكتّاب والأدباء والشعراء في طرابلس، كتاب “رحلتي مع السرطان – محنة ومنحة”، للمرحوم الأستاذ عمّار ناظم صالح رحمه الله، في 238 صفحة من الحجم العادي.
ويروي فيه الكاتب رحلته مع مرض السرطان منذ إصابته به وحتى قبيل وفاته وما عاناه وتكبّده من آلآم وأوجاع ومن فقدان الأدوية الخاصة بمرضه، بلغة ذات طابع إنساني ويحكي ما إعتراه من شغف وعواطف وخلجات طوال مرضه الذي منعه من إكمال العشرين فصلا من الكتاب فقامت إبنته بإنجاز الفصول الثلاثة الأخيرة.
وقدّم للكتاب صديقه الدكتور الشيخ ماجد الدرويش الذي خاطبه مرارا بعبارة “أخي عمّار”، حيث قال: ” كانت وصية صعبة الوقع على نفسي يوم حمّلني أخي عمّار، رحمه الله تعالى، أمانة التقديم لكتابه لأني كنت أعلم أنني سأكتب لما بعد… في كثير من المواقف كانت الكلمات تسعفني إلاّ هنا لا أدري لماذا أجد صعوبة في خط هذه المقدمة. هل يا ترى لرهبة الموقف؟ أم يا ترى لأن أخي عمّار رحمه الله لن يقرأ ما سوف أقوله فيه؟ فكل وصف قلته فيه يشاركني فيه جميع من عرفه، بل ويزيدون أوصافا قد تكون فاتتني، والذي يقرأ هذا الكتاب سوف يدرك مدى الروحانية العالية التي كان يتمتع بها… “
واضاف : بعد قراءتي لقصته مع المرض ورحلته مع الألم أدركت كم أنني أكتب لأديب وروائي من طراز فريد، أديب تتعلم منه أدب العلاقة مع الله سبحانه، وأدب العلاقة مع الناس، وروائي يحسن عرض اليقين الصادق في قوالب الرضى والإطمئنان حتى لكأن الألم ليس سوى مدرسة تتعلم فيها تطبيق خلق الصبر والثقة بالله سبحانه وتعالى.
في مطلع كتابه يقول المرحوم عمار: النقطة بداية الصفحات.. بداية الأحجام والأجسام الصلبة.. بداية الكلام.. رحلتي هذه تُفصح عن مرحلة مهمة في حياتي بدأت بنقطة ثم تنامت وتكاثرت حتى غدت مع مثيلاتها تؤلف كتاباً يحكي الحياة على مدارها، يحكي الإنسان بما يعتريه، يحكي الشعور والعواطف والخلجات، كتاباً يسطّر بكلماته الصامتة كمّاً متراكماً من الأحداث والتجارب والإنسانية المختلفة، قصة النشوء، قصة الكون والإنسان.. قصة الحياة والقدر.
ونقتطف من كتابه المقطع الآتي: ” بدأت ألاحظ أمورا غريبة، شعري بدا يتساقط، شعر لحيتي رقّ إلى حد بعيد، فبدا كالقطن أو شعيرات حرير، صورتي العامة بدأت تبدو وكأنها تصارع الحياة، وتستقبل الموت.. رموش العين تناثرت كأوراق الخريف، ظهرت كل هذه العوارض دون شعور وتبدّل لون وجهي فأضحى أبيض كالثلج.”
وفي الفصل الأخير يقول:” أنا في المستشفى الآن أتابع رحلتي التي سطّرت نجاحا مهما على مرض مستعص، إنحسر دوره داخل بقعة ضيقة ولا نزال نحاربه بالدواء والصبر ودفقة من الإيجابية رغم الظروف… وتبقى رحلتي هذه نقطة في بحار من الكتب المتراكمة في المكتبات، ربما يقرؤها البعض أو يمر عليها مرور العابر في خضمّ واسع من الحكايات التي لا تدرك لها نهاية، لكنها ككوكب الأرض يراها من يقف خارج مسارها وأفلاكها، خارج مجرتها، كنقطة منعدمة في هذا الكون الكبير.. الإبتلاءات أسرار الإنفعالات، المشاعر والأحاسيس أغمض الحكايات، أسرار الحياة والموت حتى يرث الله الأرض ومن عليها ونبقى فيها إسطورة حياة”.