الجمعة, نوفمبر 22
Banner

هروب إلى الأمام بمواجهة الانهيار المالي المتسارع

 هيام عيد – الديار

لا صوت يعلو فوق حركة الدولار الذي لامس سقفاً خيالياً بالأمس، ما زاد وبشكلٍ دراماتيكي من منسوب الإنهيار والغضب الشعبي، ووضع الشارع أمام خياراتٍ تصعيدية في مجملها، نتيجة ارتفاع الأسعار خصوصاً المحروقات. مع العلم أن ما من تغييرات ملحوظة أو نوعية في المعادلات الإقتصادية والمالية الداخلية. ومن شأن هذا الواقع أن يعزز سيناريو الفوضى الذي لطالما حذرت منه كل الأطراف المحلية والخارجية، والذي يبدأ من الإحتجاجات الشعبية على تصاعد الأزمة الإجتماعية وتحليق سعر الدولار، ويتحول لاحقاً مع انعدام أفق الحلول والمعالجات إلى فوضى غير منظّمة، تطيح الاستحقاقات المؤجلة، وعلى رأسها استحقاق انتخاب رئيسٍ للجمهورية.

وانطلاقاً ممّا تقدم، فإن أكثر من تساؤلٍ تطرحه أوساط ديبلوماسية مطلعة، حول أبعاد وأهداف “ترك” الوضع المالي والإجتماعي لكي يواصل انحداره، من دون احتساب الكلفة والأثمان المترتبة على الساحتين السياسية والأمنية بشكلٍ خاص، وكأن القوى المعنية بالحلول، قد اتخذت خيار الهروب إلى الأمام، وبالتالي نأت بنفسها عن مقاربة كل الاستحقاقات والملفات.

وتتحدث الأوساط الديبلوماسية عن أن موفدين أوروبيين في بيروت يتحركون إلى جانب وفد صندوق النقد الدولي، بهدف الإطلاع على الواقع الإقتصادي والمالي وعلى الخطط الموضوعة والإجراءات المفترضة، من أجل فرملة الأزمات والإنهيارات في كل المجالات، في ضوء معطياتٍ باتت متوافرة لدى هؤلاء الموفدين، بأن وتيرة الإنزلاق إلى الدولة العاجزة والفاشلة تتسارع أخيراً، بعدما ارتفع سعر صرف الدولار 30 ألف ليرة خلال شهر شباط الماضي، بينما غابت في مواجهته الخطط المستدامة والمعالجات الجدية، وذلك في الوقت الذي يتواصل فيه الإنشغال السياسي بالشروط والشروط المضادة، قبل القبول على طاولة نقاش وبحث الحلول لمواكبة الأوضاع الطارئة.

وبالتالي، فإن “العجز” الداخلي سيدفع نحو المزيد من الإتكال على الخارج، كما تشير الأوساط الديبلوماسية نفسها، التي تكشف عن استمرار الرعاية الدولية، وهو ما يبدو جلياً من خلال استمرار الحديث عن دعم وبرامج مساعدات ولو محدودة ولكنه غير مسبوقة، وتركز خصوصاً على الأجهزة الأمنية لجهة دعمها بكل المجالات ولو بشكلٍ محدود.

لكن الأوساط نفسها تستدرك بأن المساعدة الخارجية، تعكس تبدلاً في المزاج الغربي وفي الأولويات، ولو أنه وحتى الساعة لا تزال باريس في مقدمة العواصم التي تبدي حماسة لمساعدة لبنان على معالجة أزماته ، خصوصاً في مجال انتخاب رئيس للجمهورية.

لكن الأوساط نفسها، تشدد على أن كل ما يُطرح من دعمٍ خارجي ، يتوقف عند حدود الإرادة الداخلية والتفاهمات المحلية بالدرجة الأولى، والتي لا تزال معلّقة على إيقاع التجاذبات والحسابات السياسية، ما يعني من الناحية العملية أن الأمور ذاهبة الى المزيد من التعقيد، ما سينعكس على الوضع الإقتصادي ويهدد الإستقرار ويؤذن بالفوضى، خصوصاً بعد سقوط كل محاولات تأخير الإنهيار المالي منذ العام 2019 إلى اليوم.

Leave A Reply