الجمعة, نوفمبر 1

من أسر الوظيفة إلى رحاب الوطن..

صلاح سلام – اللواء

ترك اللواء عباس إبراهيم منصبه في المديرية العامة للأمن العام ولم يعد إلى منزله، بل خرج إلى رحاب الوطن، حاملاً معه من الخبرات ما تتجاوز مهمات القائد العسكري، ومزوداً بمروحة من العلاقات العربية والدولية تمكّن من نسجها بعناية، من خيوط نجاحات المهمات الصعبة التي تولاها شرقاً وغرباً، وحاز بها على ثقة المراجع المعنية في عواصم القرار.

لم يخسر شيئاً، لأن المكانة المميزة التي وصل إليها في الداخل والخارج لم تكن مرتبطة بمنصبه الأمني الذي غادره أمس، بل من خلال شجاعته وحنكته في تفكيك الملفات المعقدة، والتصدي للمشكلات المستعصية، والوصول إلى النتائج المرجوة، بخطوات مدروسة وسريعة، بعيداً عن البهورات الشخصية أو التظاهرات الإعلامية.

كان المدير العام للأمن العام في العهود الإستقلالية الأولى مرتبطاً عُرفاً برئيس الجمهورية شخصياً، يطلع من خلاله على أحوال البلاد والعباد، السياسية والأمنية، في زيارات سريعة تتخذ طابع الروتين اليومي. ولكن اللواء إبراهيم الذي حافظ على الزيارة اليومية لرئيس الجمهورية، إستطاع تحويل مركزه إلى محور ناشط بين مختلف المراجع الرسمية، والقيادات السياسية، ويقوم بدور «وسيط الجمهورية» في الأزمات لتقريب وجهات النظر بين الرؤساء، ونزع الألغام أمام ولادة الحكومات، وتدوير الزوايا عند إشتداد الخلافات، وإزالة العقبات أمام المفاوضات، وكان آخر فصولها ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.

في ذروة الحصار الأميركي على لبنان، وإستعمال عصا العقوبات الغليظة ضد قيادات سياسية وحزبية، فُتحت أبواب البيت الأبيض لعباس إبراهيم، وتم إستقباله من كبار مسؤولي الأمن القومي في عهدي الرئيسين ترامب وبايدن، بعدما تم تكريمه بإرسال طائرة أميركية خاصة لتقله إلى واشنطن.

وفي خضم المقاطعة العربية للعهد الماضي، بقيت علاقات اللواء إبراهيم مع قيادات عربية كبيرة على ديناميكيتها المعهودة، ولعبت دوراً فاعلاً في تبريد أزمة البلد مع بعض الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي.

«لا أحد أكبر من بلده..» كما كان يردد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ..ولكن نجاحات عباس إبراهيم كانت أكبر من منصبه الأمني، ولعل نتائجها الوطنية والسياسية ستظهر تباعاً مع خروجه إلى رحاب الوطن، وتحرره من أسر الوظيفة الرسمية.

Leave A Reply