مسكين ذلك الذي يعيش وهما يحاول ان يُقنع نفسه أنه حقيقة، وهذا ما ينطبق على أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية اللبنانية، والذي يعلم الجميع أنه مرشح ظرفي دون أي أمل له بالوصول الى سدة الرئاسة، ولا يحوز على تأييد كامل من المعارضة أو السياديين أو التغييريين، وما تناقص الأصوات المؤيدة له في آخر جولة لانتخاب رئيس الجمهورية الا خير دليل على ما نقول.
طبعا من حق الجميع الحلم بمستقبل لامع، لكن تحقيق الحلم يحتاج إلى حِلم، ويحتاج الى مرونة، ويحتاج الى حسن دراية، كما الى خبرة، وحنكة سياسية، خاصة إن كان الحلم رئاسة الجمهورية، وللأسف لا ينطبق أي من هذه المواصفات على هذا المرشح.
وإذا كان المثل يقول ان غلطة الشاطر بألف فهذا يعني أن غلطة غير الشاطر بمليار، وخاصة إذا كانت الغلطة تتعلق بشخص الرئيس نبيه بري الذي يُجمع القاصي والداني على أهمية موقعه الوطني، وأنه أحد أهم اللاعبين السياسيين على الساحة اللبنانية، وأنه صانع الحلول ومدور الزوايا، ومعبر أساسي الى سدة الرئاسة.
لقد انزلق هذا المرشح منزلقا خطرا، وخاض بحرا متلاطم الأمواج، يعجز أمهر السباحين من خوضه، فكيف بمن لا يعرف السباحة، وهو أحرق كل مراكبه في بيان مكتبه الإعلامي، ولم يجد له من مناصر سوى كتلة لا يصل عديدها الى عدد أصابع اليد الواحدة، وجاءه الرد من تكتل كان يتبنى ترشيحه يرفض فيه التطاول على قامة الرئيس بري.
لم يجد هذا المرشح إنجازا واحدا ينسبه لنفسه يتباهى به أمام اللبنانيين سوى انه ابن رئيس سابق نُجل ونحترم ،لأنه كان سياسيا لبقا يُقدر القامات الوطنية ، وكان الاحترام المتبادل قائما بينه وبين الجميع، مع الخصوم قبل الحلفاء، وكان صاحب مبدأ ثابت، لم ينقل البندقية من كتف الى كتف بحثا عن مصلحة هنا أوهناك، كما فعل هذا المرشح الذي لم يكتسب من والده سوى الإسم، فكان يرتمي في أحضان السوريين أيام قوتهم ثم انقلب عليهم مهاجما حلفائهم، كما تحول من معارض لتيار سياسي كان ينعته بأبشع الأوصاف إلى عضو في تكتل هذا التيار بعد وصول رئيسه الى رئاسة الجمهورية، وغادره حينما استشعر نهاية عهد كان يطمح منه بعض مكاسب تساعده على الاستمرار في زعامة متزعزعة.
يقول الإمام علي (عليه السلام): آلة الرّئاسة سعة الصّدر. إنّ الزعامة تستدعي سعة الصدر والخلق الرفيع ومن لا يتّصف بذلك فليس له نصيب في الرئاسة. وإذا كان رد هذا المرشح على جملة تصف حقيقة ترشيحه لرئاسة الجمهورية قد أوردته هذا المورد، فكيف سيكون رده على المعارضة في حال وصل (لا سمح الله) الى رئاسة الجمهورية، وهو قدم صورة للبنانيين عن مواصفاته القيادية بشكل واضح، وهو ببيانه هذا أحرق آخر أمل له بالوصول الى الرئاسة، والعوض بسلامتكم.
من يعرف الرئيس نبيه بري جيدا يعلم أن خير رد له على هذا المرشح هو الترحم على ابي الطيب المتنبي وخاصة قصيدته ” لك يا منازل في القلوب منازل”.
أخبار عاجلة