تخطط الشركة الوطنية للحاسوب NCC، وهي واحدة من أكبر الشركات الروسية في مجال التكنولوجيا، لإطلاق هواتف ذكية جديدة تعمل بالنسخة المفتوحة المصدر من نظام أندرويد، ردًا على العقوبات التي منعتها من استيراد التكنولوجيا الأمريكية.
ويأتي هذا الإعلان في ظل فرض العديد من العقوبات الاقتصادية والتجارية على روسيا، إذ خرجت شركتا سامسونج وآبل، وهما من أشهر العلامات التجارية للهواتف الذكية في العالم، من السوق الروسية. وفي إجراءٍ أخير، حظرت وزارة التجارة الأمريكية صادرات الهواتف والأجهزة الإلكترونية الأخرى التي يزيد سعرها عن 300 دولار إلى روسيا، مما يعني أن الهواتف الروسية ستواجه صعوبة في منافسة العلامات التجارية الصينية الرخيصة.
وتهدف الشركة الروسية، وفقًا لتقريرٍ نشره موقع Wired الإلكتروني، إلى بيع 100 ألف هاتف ذكي وحاسوب لوحي بحلول نهاية عام 2023، مع خطة للحصول على نسبة 10 في المئة من السوق بحلول عام 2026. ولكن الخبراء يشككون في قدرة الشركة على تحقيق هذا الهدف، إذ يعتقد بعضهم أنه قد يكون من الصعب على الهاتف الروسي التغلب على المنافسين الصينيين الذين تتوفر هواتفهم في روسيا بأسعار منخفضة. ومن الممكن أن يواجه الهاتف صعوبات في استخدام نظام أندرويد الذي تطوره جوجل، مما قد يضطر الشركة إلى استخدام نظام آخر.
وتشهد روسيا جهوداً متزايدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي التقني، ويعد هذا المشروع الجديد واحدًا من بين العديد من المحاولات التي تهدف إلى تحقيق هذا الهدف. وتعد فكرة “السيادة الرقمية” أساسًا لهذه الجهود، إذ تهدف الدولة إلى السيطرة على الإنترنت داخل حدودها، بما في ذلك المحتوى والبيانات والبنية التحتية، مما يسمح للحكومة بفصل الإنترنت داخل البلاد عن بقية العالم الإلكتروني. وقد بدأت الحكومة الروسية بالترويج لهذه الفكرة بعد العقوبات التي فُرضت عليها بعد ضم شبه جزيرة القرم عام 2014.
وقد حققت بعض المشاريع الروسية نجاحًا في جذب المستخدمين المحليين إلى منصاتها، مثل موقع VKontakte الروسي الذي يشبه فيسبوك، إلا أن هذه المنصات واجهت انتقادات بسبب تصميماتها القديمة ونقص المستخدمين. ولقد لقيت محاولات إنشاء متجر RuStore المحلي للتطبيقات نجاحًا نسبيًا، إذ يستخدمه أكثر من 10 ملايين مستخدم حتى الآن.
ومع انسحاب أكثر من 1000 شركة تقنية من السوق الروسية، منها شركات كبرى مثل آي بي إم وأوراكل ونوكيا وإريكسون وسامسونج وآبل، فإن السوق الروسي للتكنولوجيا انخفض بمقدار 12.1 مليار دولار أو 39 في المئة في عام 2022، وفقًا لشركة IDC لتحليل السوق العالمي.
وقال رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في فبراير الماضي إن روسيا ترغب في استبدال 85 في المئة من البرمجيات الأجنبية ببدائل روسية، وذلك من خلال إطلاق عدد من المشاريع من بينها مشروع لإنشاء نظام تشغيل وطني للأجهزة الذكية. ومع ذلك، فإن الخطة لا تزال في مراحلها الأولية، ولا توجد خطة زمنية حتى الآن، وفقًا لكارين كازاريان، المدير العام والمؤسس لمعهد الأبحاث على الإنترنت.
وقد أُطلِقَت عدة هواتف ذكية روسية في السوق، منها هاتف Yotaphone، ولكن تلك الأجهزة ما زالت تعاني من صعوبة في جذب المستخدمين المحليين، إذ يفضل الروس العلامات التجارية التي يعرفونها، حتى أن هواتف سامسونج وآبل لا تزال متاحة في السوق الروسية بشكل موازٍ، بسبب استيراد البضائع دون إذن من المصنعين. وتخطط NCC لتسعير هواتفها بين 10،000 و 30،000 روبل (132-398 دولارًا).
ومن المحتمل أن يواجه الهاتف الروسي صعوبات في منافسة العلامات التجارية الصينية المتاحة بأسعار منخفضة، كما حدث مع هواتف هواوي، التي فقدت نسبة تصل إلى ثلثي إيراداتها في العام الماضي بعد أن قطعت عنها الولايات المتحدة الأمريكية الوصول إلى خدمات جوجل الشائعة.
وتشير بيانات شركة Counterpoint للدراسات إلى أن الهواتف من Xiaomi و Realme و Honor، وهي علامة تجارية منخفضة التكلفة كانت تملكها هواوي سابقًا، قد حلّت محل هواتف آيفون و سامسونج الأكثر مبيعًا، وشكلت 95 في المئة من السوق الروسية في العام الماضي.
ومن الجدير بالذكر أن العقوبات الأمريكية لا تشتمل على البرمجيات المفتوحة المصدر لكونها مجانيةً ويجري تطويرها بالتعاون بين عدد كبير من المطوّرين حول العالم، وهذا يمنع اعتبارها تكنولوجيا أمريكية خالصة ويجعلها خارج نطاق العقوبات. من هذا الباب يمكن لروسيا استخدام نسخة أندرويد المفتوحة المصدر لتطوير هواتفها الخاصة، إلا أنها لا تستطيع استخدام تكنولوجيا جوجل المُستخدمة في هواتف أندرويد الشائعة كمتجر التطبيقات والخرائط وعشرات الخدمات الأخرى لكونها ليست مفتوحة المصدر. ويُقلل غياب هذه الخدمات من الهواتف المبنية بنسخة أندرويد المفتوحة المصدر من جاذبية الهواتف بالنسبة للمستهلكين.