غسان ريفي – سفير الشمال
على مدار 11 جلسة انتخابية لاختيار رئيس جديد للجمهورية، والمعارضة المتمثلة بالقوات اللبنانية والكتائب وبعض المستقلين والتغييريين يأخذون على فريق 8 آذار عدم تسمية مرشح واللجوء دائما الى التصويت بالورقة البيضاء التي تأرجحت ارقامها وفقا للتباينات ومحاولات الابتزاز التي حاول البعض استخدامها لضغط هنا او لتحقيق مكاسب هناك.
كان يفترض بالمعارضة التي ملأت الدنيا ضجيجا منذ انتهاء عهد الرئيس ميشال عون بأن لديها مرشحا رئاسيا جديا، وخرج بعض اركانها عن آداب التخاطب السياسي عندما تحدث الرئيس نبيه بري عن “التجربة الانبوبية”، ان تتلقف ترشيح الثنائي الشيعي وبعض النواب المسيحيين والسنة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، خصوصا انها هي من كانت تطالب بضرورة البقاء في مجلس النواب واقفال الابواب وعدم الخروج منه الا مع تصاعد الدخان الابيض تطبيقا للعملية الديمقراطية، وعلى هذا الاساس اعتصم النائبان ملحم خلف ونجاة عون داخل المجلس النيابي.
لم يخرج داعمو فرنجية عن اصول العملية الديمقراطية خصوصا ان الجلسات السابقة تأرجح فيها مرشح المعارضة على حافة الاربعين وتراجع ليصل الى 34 صوتا، وطبعا فإن ما لم يحصل عليه في الدورة الاولى لن يحصل عليه في الدورة الثانية، خصوصا ان كثيرا من النواب المستقلين والتغييريين يرفضون التصويت لمرشح القوات التي يعتبرونها من اركان المنظومة ولو سارعت الى ركوب موجة الثورة ونقل البندقية من كتف حكومة الرئيس سعد الحريري الى كتف ثوار 17 تشرين.
خلال تلك الفترة مارس الفريق الداعم لفرنجية حقه الدستوري في اعتماد الورقة البيضاء في وقت كان يعمل فيه من اجل تأمين الاصوات اللازمة لمرشحه غير المعلن، وعندما نضجت المشاورات، اعلن الرئيس بري دعم فرنجية وتلاه السيد حسن نصرالله وابدى عدد من النواب السنة والمسيحيين من غير المنتمين الى الكتلتين الاساسيتين ترحيبهم بهذا الترشيح.
يقول المنطق السياسي ان قوى 8 آذار نزلت عند رغبة المعارضة في طرح مرشحها، ما يفسح في المجال امام تنافس ديمقراطي في مجلس النواب بين مرشحين جديين، لكن يبدو ان هذا الامر لن يحصل، بعدما اعلنت المعارضة انها ستعطل النصاب في الدورة الثانية لمنع انتخاب فرنجية.
موقف المعارضة المتناقض، يؤكد قناعتها بان الثنائي وحلفاءه وما كانوا ليرشحوا فرنجية لو لم يكونوا واثقين من تأمين الاصوات التي تؤمن له الفوز، وبأنها غير قادرة على تأمين الفوز لمرشحها او لأي مرشح آخر تتبناه، وبأن الاجواء الاقليمية والدولية تتجه الى ان تصب في مصلحة فرنجية الذي لم يعلن حتى الان ترشحه لرئاسة الجمهورية.
في غضون ذلك، سارع بعض اركان المعارضة الى فك طلاسم تغريدات السفير السعودي وليد البخاري وتحركاته المستجدة التي بدأت في بكركي امس وتحليلها ومحاولة استثمارها اعلاميا لمصلحته، في وقت يتناسى فيه البعض الموقف السعودي الواضح بأن ليس لدى المملكة أي مرشح ولن تتدخل في هذا الاستحقاق، في حين ان المواصفات فهي عرضة للاخذ والرد والتقييم المتحرك بحسب المواقف من المرشح المعني، علما ان الموقف السعودي الوحيد من فرنجية هو الاحتفاء به بشكل لافت في منتدى الطائف، اما ظاهرة “التقاء الساكنين في الاستحقاقات البنيوية” التي تحدث عنها السفير البخاري، فربما تقضي بتحريك ساكن سليمان فرنجية كونه صحيحا وحذف الساكن الآخر.