خرجت مئات النساء إلى الشوارع في حي بي أوغلو بمدينة إسطنبول التركية، مساء يوم الأربعاء، ضمن “مسيرة الليلة النسوية” التي دعوا إلى تنظيمها قبل أيام في يوم المرأة العالمي، في تحدٍ للحظر الذي فرضته السلطات مع ساعات الصباح، أمام أي تجمع.
وانتشرت تسجيلات مصورة نشرتها جمعيات نسوية أظهرت تجمع المئات من النساء وأفراد مجتمع الميم في الحي المذكور، بالإضافة إلى مداخل شارع تقسيم، والذي أغلقه أفراد من الشرطة، بموجب الحظر الذي فرضته بلدية بي أوغلو.
🟣 #8M2023 I İstanbul Cihangir'de Feminist Gece Yürüyüşü öncesi bir araya gelmek isteyen grupların buluşması polislerce engelleniyor.
Kadınlar barikatların kaldırılması için direniyor.#dokuz8/@ebruerdem__ pic.twitter.com/AGfIkPPhVY
— dokuz8haber (@dokuz8haber) March 8, 2023
وكانت البلدية قد أعلنت سبب حظر “مسيرة الليلة النسوية” التي دعي إليها في الساعة 19.30 في تقسيم بإعلان نُشر على موقعها الالكتروني، وجاء فيه أن “المسيرة قد تثير السخط في جزء من المجتمع بسبب الحساسيات الاجتماعية، وقد تزعج السلام الاجتماعي”.
ومن الأسباب التي وضعتها البلدية أيضا أنه “يمكن أيضا للمجموعات الداعمة للمنظمات الإرهابية المشاركة في المظاهرة وإساءة استخدام الاجتماع لأغراضها الخاصة”، وهذا “قد يعرض النظام العام والأمن القومي للخطر”.
وقد “تكون هناك هجمات لفظية وجسدية واستفزازية بين الجماعات / الأفراد الذين يرغبون في عقد الاجتماع والمجموعات الأخرى، وقد تتعرض ممارسة حرية تنقل الناس وعملهم لخطر جسيم”، بحسب البيان.
وردا على هذا التصريح الصادر عن مكتب حاكم المنطقة، رد منظمو مسيرة “الليلة النسوية” على هذا البيان بالقول: “إن الدولة الذكورية، التي لا تحرك ساكنا ضد عنف الذكور، وجرائم قتل النساء والمتحولين جنسيا، والتحرش والاغتصاب. هي مشغولة بإغلاق الشوارع في وجه النساء ومحاولة إسكات أصوات النساء مرة أخرى بأعذار مختلفة”.
في غضون ذلك أعلن المنظمون، من بينهم منظمة “أوقفوا قتل الإناث” أنهم سيلتقون ويخرجون في المسيرة بتقسيم، رغم الحظر، وهو ما وثقته التسجيلات المصورة التي انتشرت بكثرة، خلال الساعات الماضية.
وذكرت وسائل إعلام تركية معارضة أن “الآلاف من النساء والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية والخناثى تجمعوا في مسيرة الليلة النسوية الـ 21 في بي أوغلو وعلى مداخل تقسيم”.
وقال موقع “بيرغون” إن “النساء اللواتي لا يعترفن بالقرار تواصلن التجمع في شوارع بي أوغلو”، مشيرا إلى أنه “وبينما ألغى مكتب حاكم إسطنبول خدمات المترو من أجل منع المسيرة التي ستقام بسبب يوم المرأة العاملة العالمي في 8 مارس، كانت منطقة تقسيم تحت حصار الشرطة منذ الليلة الماضية”.
وتتهم منظمات الدفاع عن حقوق المرأة الحكومة التركية بالتضييق على عملها، وأن الانسحاب الأخير من “اتفاقية إسطنبول” جاء لإرضاء المحافظين الذين اعتبروا أن المعاهدة أضرت بوحدة العائلات.
لكن الحكومة التركية تنفي على لسان كبار مسؤوليها هذه الادعاءات.
ولطالما كانت منطقة جيهانغير في إسطنبول، وكذلك الأمر بالنسبة لشارع تقسيم الشهير ساحة مواجهات، خلال السنوات الماضية، بين الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة وحقوق مجتمع الميم من جهة وأفراد الشرطة من جهة أخرى.
وكتب حساب “منظمة العفو الدولية” باللغة التركية عبر موقع التواصل “تويتر”: “اليوم سنكون في تقسيم للاحتفال بمسيرة ليلة النسوية، والتي من المقرر عقدها في اسطنبول”، مضيفا: “الاحتجاج السلمي حق من حقوق الإنسان”.
وأشارت المنظمة إلى أنه و”على الرغم من الحظر والعقبات، تجمع مئات المتظاهرين في جيهانغير، بانتظار انطلاق المسيرة الليلة أمام موقف السيارات المتعدد الطوابق”، المعروف في المنطقة هناك.
ولا تقتصر المسيرة النسوية الليلة على إسطنبول، لكنها ذات زخم أكبر قياسا بباقي المدن التركية، من بينها أنقرة، إذ ذكرت منظمات نسوية أن “مسيرة خرجت فيها انطلاقا من شارع انقلاب، باتجاه الشوارع الأخرى”.
وفي إحصائية نشرتها منظمة “أوقفوا قتل الإناث” عبر “تويتر”، الأربعاء ذكرت أنها وثقت 328 جريمة قتل استهدفت النساء في تركيا، في الفترة الممتدة من 8 مارس 2022 وحتى الثامن من الشهر ذاته هذا العام.
وتحتل هذه الجمعية صدارة المنصات التي تعنى بحقوق النساء في تركيا، حقوق أفراد مجتمع الميم، وفي الوقت الذي تنظم الوقفات الاحتجاجية بين الفترة والأخرى، تصدر بيانات شهرية وسنوية بخصوص الانتهاكات التي تتعرض لها النساء، من قتل وتعنيف وغيرها.
وفي مارس 2021 كان إردوغان قد أصدر مرسوما قضى بالانسحاب من “اتفاقية إسطنبول”، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة خاصة داخل أوساط الحركات النسوية.
وتتضمن الاتفاقية التي وقعت عليها 45 دولة أوروبية التزامات قانونية، تشمل الاستثمار في التعليم وجمع البيانات حول الجرائم المتعلقة بالنوع أو الجنس وتقديم خدمات الدعم للضحايا.
ومنذ سنوات، كانت هناك أصوات في حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في البلاد ومعه حليفه “حزب الحركة القومية” تقول بإن “اتفاقية إسطنبول” تشجّع على العنف، من خلال “تقويض الهيكل الأسري”.
وفي المقابل، علت أصوات معارضة، معتبرة أن الاتفاقية رغم التوقيع عليها، لم تشهد تطبيقا صارما لبنودها.
وسبق وأن أعلنت “الرئاسة التركية” أن الانسحاب من اتفاقية إسطنبول “لا يعني بأي شكل من الأشكال التهاون في حماية المرأة، وأن تركيا لن تتخلى إطلاقا عن مكافحة العنف الأسري”.
في المقابل اعتبرت جمعيات نسوية بينها “سنوقف قتل النساء” في بيانات سابقة أن الانسحاب من الاتفاقية “غير قانوني”، وأن “الدولة قد سجلت قرارها بالتخلي عن واجبها في منع العنف ضد المرأة”.