كتبت صحيفة “النهار” تقول: يبدو واضحا ان اقدام الثنائي الشيعي على ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيه، حرك المياه الراكدة للاستحقاق الرئاسي المجمد منذ ايلول الماضي، اي منذ مهلة الشهرين السابقة لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون. لكن هذا الحراك غير المضمون النتائج الايجابية، قد يقود الى مزيد من التأزم، بدليل ما ذهبت اليه صحيفة “عكاظ” السعودية، ولو غير رسمي، من ان انتخاب فرنجيه، الوجه الاخر للسيد حسن نصرالله، وفق ما اعتبرته، يقود لبنان الى الخراب. وبدا لافتا ان “حزب الله” الذي اعتبر امينه العام ان لا خطة “ب” لدى فريقه بعدما رشح فرنجيه، دعا تكرارا وفي يومين متتاليين الى الحوار حول الاسماء المطروحة، وقد غرد نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قائلا: “طريقان لا ثالث لهما. إمَّا طرحُ الكتل لأسماء المرشحين لديها للرئاسة والحوار في ما بينها لتأمين الترجيح لأحدهم، وإمَّا التمترس حول خياراتها وعدم إنجاز الاستحقاق إلى أجل غير مسمَّى”.
وداخليا، دعا “التيار الوطني الحر” الى التعامل مع انتخابات الرئاسة كاستحقاق لبناني سيادي، لا يتعاطى فيه الخارج، الاّ من خلال مصلحة لبنان ومساعدة اللبنانيين على الاتفاق في ما بينهم”. واذ اعتبر انه “حان وقت التحاور والتفاهم في ما بيننا كلبنانيين دون انتظار الخارج، ودون القبول بأن يفرض علينا احدٌ من الخارج او من الداخل قراره”، عبر من خلال محطته التلفزيونية عن رفضه الحوار حول فرنجيه. فقد عددت النشرة في مقدمتها المسائية ما سمته “ثلاثُ مطباتٍ كبيرةٍ تحول حتى الآن دون وصولِ رئيسِ تيار المردة. المطبُّ الأول ميثاقي، ويعبِّر عنه خيرَ تعبير، تقاطعُ القوى والشخصياتِ المسيحية النيابية في غالبيتها الساحقة عند رفض ترشيحه، ولو لأسبابٍ مختلفة، ما يجعل تمثيلَه النيابي حتى اللحظة، محدوداً ومحصوراً جداً على المستوى المسيحي، الى درجةٍ يستحيل معها تسويقُه رئاسياً في وضعه الحالي، حتى لدى الجهاتِ المحليةِ والخارجيةِ الداعمة او غيرِ الممانعةِ على الأقل، لانتخابه. أما تغييرُ الوضعيةِ الراهنة، فيتطلّب من فرنجية إما تفاهماً مع التيار الوطني الحر، أو تسويةً مع القوات اللبنانية، والأمران يحتاجان اليوم الى ما يشبه المعجزة. المطبُّ الثاني دستوري، ويتمثل بشكل واضح بعجز القوى المؤيدةِ له عن تأمين نصابِ الثلثين الذي يتطلب ستةً وثمانين نائباً…اما المطبُّ الثالث فسعودي، حيث قطعت صحيفةُ عكاظ الشكَّ باليقين، من خلال ما نشرته في الساعات الاخيرة من صورٍ معبِّرة، ومقالاتٍ قاسية في حقّ فرنجية وعلاقتِه بحزب الله…”.
من جانبه، أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، انّ “الفريق الممانع لن يستطيع تأمين النصاب لانتخاب مرشحه.. والمضي بمرشح حزب الله يعني انّ درب الجلجلة طويل الامد، ومواجهتنا ستكون سياسية دستورية”، معتبراً أنّ “حزب الله يخشى اي رئيس اخر غير فرنجية، فوضع الحزب ضعيف لأنه لا يثق بمرشح سوى فرنجيه”.
مجمل هذه المواقف والمواقف المضادة، اربكت فريق رئيس “المردة”، الذي لم يحسم بعد الاطلالة التلفزيونية لفرنجيه التي كانت مرجحة الاحد، ولا يزال يدرس التوقيت المناسب لاعلان الترشح، والظروف المحيطة به، وقت اغتنم رئيس “تيار المردة”، تقليداً سنوياً درج عليه بتلبية دعوة رئيس دير مار جرجس – عشاش الاب كليم التوني الى الغداء، لإطلاق مواقف بعد إعلان ترشيحه من عين التينة وحارة حريك، تؤكد أنه “تحت سقف الكنيسة”، وتأخذ على الأطراف المسيحيين الآخرين تباين مواقفهم حيال الدستور وتدعوهم الى انتخاب رئيس للجمهورية عبر تطبيق الدستور.
واذ احاط فرنجيه نفسه بمطران طرابلس للموارنة يوسف سويف، والرئيس العام للرهبنة اللبنانية المارونية الاباتي هادي محفوظ، وعدد كبير من الكهنة والرهبان، في رسالة الى المشككين في تمثيله المسيحي، اعتبر ان الكنيسة المارونية “ضمير الموارنة، وعلى الذاكرة المسيحية ان تكون كاملة وترى الامور كما هي على واقعيتها، فبالأمس كانت مقاطعة جلسة النواب خطيئة مميتة وضد الدستور عند البعض، اما هذا البعض فإنه اليوم يعتبر هذه المقاطعة حقاً”.
وأشار الى “أن المسيحيين يتفقون على السيء وليس على الايجابي، وحبذا لو يتفقوا لمرة واحدة على الايجابي وليكن الدستور هو الضمان، اما اذا كانوا لا يريدون الدستور فلتكن لديهم الجرأة للمطالبة بتعديله. ولكن ان نكون مع الدستور عندما يناسبنا ونكون ضده اذا انتفت مصلحتنا، فهذا لا يجوز”.
ورأى “أن علينا ان نطبق الدستور بالانتخابات الرئاسية، وبعدم تطبيقه نكون كمجلس ملة بحيث تتفق الاحزاب المسيحية الاربعة على رئيس، وعندها لا لزوم للانتخابات فهل هذا ما يريدونه؟”. وأكد انه لانتخاب الرئيس “يجب ان يتوافر حضور ثلثي المجلس، مما يعني ضرورة حضور نصف عدد النواب المسيحيين للجلسة، وهذا يؤمن الميثاقية”.
مصالحة سليم وعون
وسط هذه الاجواء الضبابية، تمثل الخرق الايجابي الوحيد امس في وضع التباينات بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون، على سكة الاحتواء. ففي اجتماع جمع الرئيس نجيب ميقاتي بوزير الدفاع الوطني وقائد الجيش في السرايا، جرى الاتفاق على حل التباينات بروح التعاون حفاظا على الجيش ودوره.
وفي معلومات “النهار” انه بعدما وصل الخلاف بين الوزير موريس سليم والعماد جوزف عون الى حد يهدد انتظام سير الامور العسكرية، تدخلت اكثر من شخصية رسمية امنية وسياسية، بحيث لعب كل من مدير المخابرات العميد الركن انطوان قهوجي والمدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا دورا اطفائيا، وفّر وفق المعلومات امكانية اعادة الامور الى نصابها، من دون احداث خرق نوعي يتمثل بتأمين لقاء يجمع سليم وعون.
هذا الاستعصاء استدعى تحركا عاجلا قام به العميد قهوجي باتجاه السرايا الكبيرة اولا ومن ثم عين التينة، حيث ابدى رئيس مجلس النواب نبيه بري استعدادا سريعا للتدخل وفق مبدأ “فصل السلطات وتعاونها”، وجرى تواصل بينه وبين الرئيس نجيب ميقاتي، فتم ابتداع فكرة عقد اجتماع وزاري امني يجمع الوزراء المعنيين والقيادات العسكرية والامنية، على ان يُعقد على هامشه اجتماع يضم ميقاتي وسليم وعون وهذا ما حصل امس.
واوضح مصدر معني لـ”النهار” انه “تم في خلال الاجتماع الثلاثي عرضت الاسباب التي ادت الى تفاقم الخلاف بين وزير الدفاع وقائد الجيش، وهو نتيجة تراكمات تعود الى وزراء سابقين، الا ان دخول العامل السياسي بشكل ضاغط على الخط هذه المرة فاقم الخلاف، الامر الذي دفع قائد الجيش الى اللجوء لاتخاذ اجراءات استثنائية لتأمين استمرار توفير الحاجات الاساسية للمؤسسة العسكرية، لان هناك امور لوجستية وتموينية لا تنتظر طويلا في الادراج انما تحتاج الى اجراءات سريعة، وعرض كل من سليم وعون وجهة نظريهما، وبنتيجة الاجتماع تم الاتفاق على عودة الامور الى طبيعتها، والعلاقة بين القيادة والوزارة الى مجاريها، شرط ابعاد التأثيرات السياسية من كل جهة عن مسار هذه العلاقة”.
ولخص مصدر حكومي الاجتماع بالقول “انه أثمر كسرا للجليد بين سليم وعون الامر الذي يستكمل بعودة الاجتماعات بينهما قريبا جدا، وتبقى الامور التفصيلية التي لا يحتاج حلها الى جهد كبير انما الى نوايا حسنة، ومنها تشكيلات وفصل عدد من الضباط في مواقع محددة تخص وزارة الدفاع”.
طلب قضائي فرنسي
وفي شأن غير متصل، وبعد مرور 40 عاما، طلبت السلطات الفرنسية من الادعاء العام اللبناني، اعتقال شخصين يشتبه في تورطهما في تفجير عام 1983 في بيروت، الذي أسفر عن مقتل عشرات الجنود الفرنسيين، وفقاً لقناة “العربية” نقلا عن مسؤولين قضائيين لبنانيين.
كما حدد الطلب هوية المشتبه بهما وهما يوسف الخليل وسناء الخليل، وطلب من الادعاء العام اللبناني احتجازهما واستجوابهما، ثم إبلاغ السلطات الفرنسية بالنتيجة.
في 23 تشرين أول 1983، فجر انتحاريون بسيارات مفخخة قاعدة تابعة لمشاة البحرية الأميركية ومقر قيادة المظليين الفرنسيين في بيروت، ما أسفر عن مقتل 241 جندياً أميركياً و58 جنديًاً فرنسياً.
ووفق “العربية”، لم يذكر المسؤولون القضائيون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم بما يتماشى مع اللوائح، ما إذا كان الاثنان عضوين في “حزب الله”.
وفي عام 1997، أمرت السلطات اللبنانية بالتحقيق مع رجلين بشأن صلات محتملة بالتفجيرات الانتحارية ضد قواعد عسكرية أميركية وفرنسية في أول إجراء قانوني في القضية.
وكان الرجلان اللذان أمرت الشرطة بالتحقيق معهما في ذلك الوقت هما حسن عز الدين وعلي عطوي، ويعتقد أنهما كانا من كبار المسؤولين الأمنيين في “حزب الله”.