كتبت صحيفة الديار تقول: انشغلت الاطراف اللبنانية في قراءة وتقويم الاتفاق السعودي – الايراني وانعكاساته على الساحتين الاقليمية والدولية بصورة عامة وعلى لبنان بشكل خاص. وصدرت مواقف اولية لعدد من القيادات والسياسيين ترحب بهذا الحدث الكبير، فيما تريثت قيادات اخرى في التعليق عليه، لا سيما اطراف « المعارضة السيادية» التي تتقدمها القوات اللبنانية.
مرجع بارز: لبنان سيتأثر ايجابيا
ونقلت مصادر مطلعة لـ «الديار» عن مرجع بارز قوله «ان اعلان الاتفاق بحد ذاته ترك اثرا ايجابيا على المنطقة، ومن شانه ان يترك الاثر نفسه على لبنان. وهذا حدث يبعث على الارتياح والتفاؤل، فكلما برزت عناصر ايجابية جديدة تساعد على الاستقرار في المنطقة ساعدتنا الظروف اكثر في حل ازماتنا».
واضاف «لا يمكن ان نتوقع نتائج هذا الاتفاق في لبنان بين ليلة وضحاها، لكننا لسنا في جزيرة معزولة، وبطبيعة الحال سنتأثر بشكل او بآخر بايجابيات هذا الحدث، خصوصا انه يحدث بين دولتين لهما تاثير في لبنان».
بري يرحب ويدعو للتلاقي سريعا
وفي هذا السياق، رحب الرئيس نبيه بري بالاتفاق، داعيا الاطراف اللبنانية الى التلاقي سريعا لمعالجة الاستحقاقات، وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي.
وقال في تصريح مسهب ان الاتفاق السعودي الايراني هو «بارقة الامل التي لم نفقدها يوما ولن نفقدها».
واذ وصف الاتفاق بالتاريخي والاستراتيجي للمنطقة، قال «انطلاقا من القراءة الايجابية لمشهد التقارب العربي الايراني وعودته الى طبيعته نجدد الدعوة الصادقة والمخلصة لجميع القوى في لبنان، الى وجوب المبادرة سريعا للتلاقي على كلمة سواء نقارب فيها كافة القضايا الخلافية وننجز استحقاقاتنا الدستورية وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق والحوار، وكفى هدرا للوقت وتفويتا للفرص. فلنثبت للاشقاء والاصدقاء اننا بلغنا سن الرشد الوطني وسياديون بحق ونستحق لبنان».
مواقف سابقة مرحبة والمعارضة: لا يفيد فرنجية
وسبق ان نوه اول من امس الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باعادة العلاقات الايرانية السعودية وقال «انه تحول جيد، ونحن سعداء لان عودة العلاقات العربية الايرانية هي لمصلحة لبنان واليمن وسوريا والمنطقة».
ووصف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الاتفاق بانه» انجاز كبير في تخفيف التوترات في الشرق العربي».
وقال مصدر في الحزب التقدمي الاشتراكي للديار ان الاتفاق حدث ايجابي ويريح الاجواء في المنطقة، ويمكن الافادة منه في لبنان. واضاف علينا ان نتابع نتائجه وتفاصيله، لكن الحدث مهم بصورة عامة.
ورأى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ان الاتفاق « سيحدث موجة استقرار في المنطقة تشمل لبنان»، لكنه شدد على «ان لا حل لازمتنا من الخارج اذا لم نبادر في الداخل الى وضع الحلول دون مكابرة او تحدّ».
ولم يصدر عن الصف الاول في المعارضة السيادية لا سيما القوات اللبنانية تعليق مباشر، لكن اوساط هذه القوى ركزت على ما قاله وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان « ان لبنان يحتاج الى تقارب لبناني وليس الى تقارب ايراني سعودي». ورأت ان الاتفاق لن يؤثر في موقف المعارضة وخيارها في شأن الاستحقاق الرئاسي، ولا يزيد من اسهم مرشح الثنائي الشيعي فرنجية.
تحرك ناشط في الاسابيع المقبلة
وبانتظار نفاذ مفعول الاتفاق على الصعد كافة يطرح السؤال: ما هو نصيب لبنان من هذا الاتفاق، وكيف سينعكس على الاستحقاق الرئاسي اللبناني؟
في هذا المجال، قال مصدر سياسي مطلع لـ «الديار» انه من السابق لاوانه معرفة نتائج الاتفاق وانعكاساته على لبنان وعلى الاستحقاق الرئاسي، لافتا الى ان هناك مناخا يؤشر الى توقع تنشيط الحراك الداخلي والخارجي في الاسابيع المقبلة، لافتا في هذا المجال الى اللقاء الذي جمع وزير الخارجية السعودي مع وزيرة الخارجية الفرنسية اول من امس.
واضاف من الصعب الحديث عن توقيت محدد لحسم الاستحقاق، ومن الصعب ايضا تغليب خيار على اخر في الوقت الراهن. لكن ترشيح الثنائي الشيعي لفرنجية، وان واجه معارضة من اطراف عديدة، فانه انهى مرحلة وسياسهم في تحريك مياه الاستحقاق اكثر.
ولفت المصدر الى ان الاتفاق السعودي الايراني سيخلق مناخا افضل للتعاطي مع هذا الاستحقاق، بغض النظر عن موقف كل منهما من هذا المرشح او ذاك.
ووفقا للواقع الضاغط بسبب الانهيار الداخلي والاجواء الخارجية المستجدة بعد الاتفاق، رأى المصدر ان حسم الاستحقاق محكوم بفترة زمنية لا تزيد على الشهرين او الثلاثة.
تحرك البخاري والموقف السعودي
وعلى الصعيد المحلي، بقيت الساحة الداخلية في حالة ترقب من دون تسجيل اي مواقف جديدة او تحرك ملموس بشان الاستحقاق الرئاسي.
وفي ضوء الاتفاق السعودي الايراني، لم تتضح معالم التحرك الذي بدأه السفير السعودي وليد البخاري بزيارته لبكركي. ولم يحدد موعد لقائه الرئيس بري، لكن مصادر عين التينة قالت لـ «الديار» ان التواصل قائم اصلا مع السفير، في اشارة الى امكان عقده في اي وقت.
وقال مصدر مطلع على الموقف السعودي ل»الديار» ان البخاري لم يتحدث عن فيتو على فرنجية او غيره، لكنه في سياق الحديث عن المواصفات بدا ان السعودية تؤيد مرشحا غير محسوب على طرف بحد ذاته، وانها لا ترغب في الوقت نفسه في الدخول بالاسماء او دعم مرشح معين.
واضاف المصدر ان السعودية تميل الى الحكم على نهج الرئيس وما سيقوم به، وانها تتعامل مع الخطوات التي سيقوم بها، اكان في اطار العلاقات مع المحيط العربي او على صعيد سياسة لبنان الخارجية والاصلاحات الداخلية.
خارطة المواقف الى الرئاسة
وفي شأن خارطة الطريق الى الرئاسة، قالت مصادر مطلعة ان اعلان الثنائي الشيعي دعم ترشيح فرنجية فتح الباب امام مرحلة جديدة، خصوصا انه اقترن بدعوة من الرئيس بري والسيد نصرالله الطرف الاخر لاعلان مرشحه والحوار في هذا الشأن.
وفي المقابل، تصر القوات اللبنانية وحلفاؤها في المعارضة على التمسك حتى الان بمرشحها ميشال معوض، وتربط الانتقال الى مرشح اخر بتوفير التاييد الاكبر وتأمين الـ٦٥ صوتا.
اما الحزب التقدمي الاشتراكي فيركز على الحوار والتفاهم على مرشح وفاقي خارج الاصطفاف القائم.
ويشدد التيار الوطني الحر على الذهاب الى خيار ثالث، رافضا فرنجية ومعوض او قائد الجيش العماد جوزاف عون. ويتجنب طرح اسم معين والذهاب الى جلسة انتخاب بمرشح للتيار.
الان عون لـ«الديار»: مرشحنا التفاهم الواسع
وحول هذا الموضوع قال النائب الان عون لـ «الديار» امس « ليس لدينا مرشح او اسم محدد واحد حتى الان. نحن نشدد على اتجاه لبناء تفاهم واسع، ونركز على توجه واسع وليس على مواجهة. واذا لم نصل الى الى هذا التوجه العريض سنبقى نراوح مكاننا. وحتى الان لا نستطيع ان نقول ان هناك مرشحا معلنا يعكس هذا التوجه».
واذ اكد معارضة فرنجية، اوضح ردا على سؤال حول مقاطعة الجلسة كما اعلنت القوات اللبنانية: «لم نبحث هذا الموضوع، ونحن توجهنا اصلا للمشاركة، لكن لم نبحث المقاطعة حتى الان».
وعن الاتصالات مع القوات اللبنانية اكتفى بالقول « لا شيء بعد، والتواصل يجري عبر الكنيسة».
موقف كتلة الاعتدال
وعن كتلة الاعتدال الوطني ذات الغالبية السنية، قال النائب وليد البعريني لـ «الديار»: «ان الاتفاق السعودي الايراني يخدم البلدين ويخلق اجواء ايجابية في المنطقة. اما على صعيد لبنان، فان الامر يعتمد على اللبنانيين في تحويل الاتفاق الى دفع ايجابي لحل ازماتهم وانتخاب رئيس الجمهورية. وكما عبرنا سابقا نحن مع التوافق لحسم هذا الاستحقاق».
هل ستقاطعون الجلسة؟
اجاب: «طبعا لا، نحن مع ممارسة دورنا الدستوري وسنبقى على هذا الموقف».
من هو مرشحكم؟
اجاب: «نشدد على التوافق، ونحن نتريث في الوقت الراهن في تاييد اي مرشح، ولكن حين يعلن عن موعد الجلسة تعقد كتلتنا اجتماعا لها وناخذ موقفنا خلال الجلسة او قبلها».
الدولار الصاعد واضراب المصارف
على صعيد اخر، واصل الدولار امس ارتفاعه السريع والجنوني فوق الـ92 الف ليرة، بينما بقيت الاسواق في حالة فلتان وفوضى دون اي ضوابط، وتخطى سعر صفيحة البنزين المليون وسبعمائة الف ليرة.
ورجحت مصادر اقتصادية استمرار هذا الصعود الصاروخي للدولار، خصوصا بعد رفع مصرف لبنان سعر دولار صيرفة الى ٧٣ الف ومئة ليرة، ما انعكس ايضا زيادة على فواتير الهاتف الخلوي والكهرباء.
وبشان اضراب المصارف، قالت مصادر مطلعة الديار امس ان الاتصالات التي جرت لم تسفر عن اقناع المصارف بعدم العودة للاضراب المفتوح بعد غد الثلاثاء، مشيرة الى ان الرئيس ميقاتي تدخل مجددا بشكل شخصي لوقف الاضراب قبل سفره الى الفاتيكان للقاء قداسة البابا يوم الخميس المقبل.
وقالت ان الاتصالات ستستمر في الساعات المقبلة، خصوصا بعد وقف القرار القضائي بالاستئناف ضد بنك البحر المتوسط، من اجل ثني جمعية المصارف عن موقفها.
ولم تستبعد المصادر ان يضغط ميقاتي لاستمرار فتح ابواب المصارف.
وحول زيارته للفاتيكان، قالت مصادر ميقاتي لـ «الديار» انها ليست الاولى وقد سبق وزار الفاتيكان العام الماضي. وهي زيارة تكتسب اهمية في هذا الوقت ونظرا الى دور رئيس الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعا في ظل الشغور الرئاسي.
واشارت الى انه سيجري البحث في الوضع الراهن في لبنان والمنطقة، ويتناول بطبيعة الحال الاستحقاق الرئاسي وسبل العمل لاجرائه في اسرع وقت.
وفي خصوص انعقاد مجلس الوزراء، قالت المصادر انه لن يحصل الاسبوع المقبل ليس بسبب الزيارة، وانما لعدم تمكن وزارتي التربية والمال من انجاز الجداول المتعلقة بمساعدة الانتاجية ومساعدة المتقاعدين في القطاع العام المدني والعسكري.