مرسال الترس – سفير الشمال
ربما نفهم لماذا يقف المسؤولون في لبنان معظم الأحيان متفرجين على ما حل ويحل من أزمات على الشعب اللبناني، حيث يقال أنهم يقدمون مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة للبلاد.
وربما نفهم لماذا يدير السياسيون في لبنان الظهر للمشاكل التي عصفت وتعصف بأهل البلاد حيث يقال أنهم يقدمون مصالح حاشيتهم على عامة الناس، باستثناء بعضهم الذي يسعى لدعم جزء من السكان بعبوة من المواد الغذائية لسد رمق وإغناء عن جوع.
ولكن العَصي على الفهم هو كيف يتجاهل رجال الدين أبناء رعاياهم وما يعانوه من ضيق حياتي ومعيشي وتربوي من دون أن يبادروا الى مد يد العون وسد رمق اولئك الناس الذين تسحقهم منذ ثلاث سنوات التدابير المالية التي اقدمت عليها المصارف التي تحمل المسؤولية لمصرف لبنان المركزي وحاكمه رياض سلامة الذي يحمل بدوره الدولة ومسؤوليها تلابيب تبديد الأموال بدون حسيب أو رقيب منذ ثلاثة عقود. حتى بات الارتفاع الجنوني باسعار الدولار الأميركي والانهيار غير المسبوق بالعملة الوطنية بمثابة الحبل الذي يشد الخناق على رقاب اللبنانيين ولا من يسأل أو يستجيب لإستغاثة.
في كتاب نشره الزميل جورج عرب عن البطريرك الماروني أنطون عريضة (انطون عريضة الخادم والمعلم منشورات 2021) أنه عندما كان مطراناً على طرابلس وتوابعها إبان الحرب العالمية الأولى قد صرف ثروته (وهو ابن عائلة ثرية) واستدان أكثر من سبعين ألف قرش من أجل إطعام أبناء رعيته ومد يد العون لكل محتاج على مساحة العديد من المناطق اللبنانية
لا بل تردد أنه سعى لرهن الصليب من الذهب الذي يحمله على صدره (وهو رمز رجال الدين في رتبته) لدى مفتي طرابلس الشيخ محمد الجسر من أجل تأمين المزيد من الأموال لدعم العائلات المعدومة والفقيرة.
فهل ينتظر رجال الدين في زماننا أن تصبح العائلات فقيرة ومعدومة كي يتحركوا أم أنه لم تصل الى آذانهم بعد أن معظم العائلات باتت على ابواب الفقر المدقع؟
والكلام موجه الى رجال الدين في مختلف الطوائف والمذاهب (الذين يدرك الجميع أنهم يضعون أيديهم على ثروات وممتلكات ضخمة) كي ينزعوا القطن عن آذانهم والنظارات السوداء عن أعينهم ويرفعوا الصوت ليس لإسماع المسؤولين فقط، بل لتوجيه الإنذارات اليهم بوجوب مد يد الرحمة لوطن يحتضر وأبناؤه الذين لم يعد باستطاعتهم أن يجدوا مستشفى يستقبلهم، او مدرسة تعلم أبناءهم، وغداً قد لا يجدون من يواريهم في الثرى!.