صلاح سلام – اللواء
أن يَمثُل حاكم المركزي رياض سلامة أمام قاضي التحقيق، فهي خطوة تُعيد للقضاء اللبناني بعض هيبته المفقودة، ولو شارك في جلسات التحقيق قضاة فرنسيون، يتابعون دعاوى ذات علاقة عن نشاط البنك المركزي اللبناني، وتحويلات ملتبسة لشقيق الحاكم رجا سلامة، ومساعدته ماريان الحايك.
حضر سلامة إلى جلستي التحقيق بصفة «شاهد»، أدلى بما لديه من معلومات في معرض إجابته عن مائة سؤال في كل جلسة، قاطعاً الطريق على كل الحملات التي استهدفته في الفترة الأخيرة، بحجة تهربه من مواجهة القضاء.
قد يكون من بين المسؤولين القلائل في لبنان الذين خضعوا لجلسات تحقيق، والتي ما زالت في إطار الإستماع إلى «شاهد»، ولم يتحول بعد إلى متهم. ولكن في بلاد الديموقراطيات العريقة، يُعتبر إستدعاء مسؤول حالي أو سابق إلى القضاء بتهم الفساد، أو إساءة إستخدام السلطة لمصالحه الخاصة، أمراً طبيعياً، انطلاقا من مبدأ الفصل بين السلطات، فضلاً عن تكريس دور القضاء في المساءلة والمحاكمة لكل من تحوم حوله الشبهات، أو من يكون متهماً بقضية مالية بالذات. من الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي وغيره من رؤساء ووزراء أوروبيين، إلى رؤساء حكومات العدو الإسرائيلي، وآخرهم أولمرت ونتانياهو، الذين حُكم على بعضهم بالسجن، ومازال سيف القضاء مُصلتاً على رقبة رئيس حكومة العدو، الذي يخوض معركة طاحنة ضد المحكمة العليا.
ولكن اللافت في قضية سلامة، البيان الذي أصدره أمس بعد انتهاء جلسة الإستماع الثانية، وأشار فيه إلى الحملات التي إستهدفته من سياسيين وإعلاميين، ومحاولاتهم المتكررة لإحالته إلى القضاء.
ثمة من إعتبر البيان بمثابة إنتقال سلامة من موقع الدفاع إلى مرحلة التحذير، التي قد تسبق الهجوم على خصومه السياسيين، من خلال ما يملك من «داتا» تفصيلية لحركة الأموال في الداخل قبل إندلاع الأزمة، وما شابها من فساد غير مسبوق، إلى جانب المعلومات الموثقة عن التحويلات الكبيرة لبعض السياسيين إلى الخارج، خلال فترة إقفال المصارف في الأسبوعين الأخيرين من تشرين الأول ٢٠١٩، إثر إندلاع إنتفاضة ١٧ تشرين.
فهل يكتفي سلامة برسائل التحذير.. أم يتجرأ على كشف المستور؟