رغم مرور أكثر من 14 عاما على الأزمة المالية، عادت التساؤلات مرة أخرى بشأن مدى صلابة النظام المالي الأميركي، بعد انهيار ثلاثة مصارف أميركية في غضون أسبوع وتدخل السلطات الفيدرالية لإنقاذ أموال المودعين.
وكتب مجلة إيكونوميست إن عملاء البنوك بدأوا يسألون مرة أخرى عما إذا كانت أموالهم آمنة، بعد محو 229 مليار دولار بالكامل من القيمة السوقية للبنوك الأميركية، هذا الشهر.
ويشير التقرير إلى الخسائر الفادحة التي تكبدتها البنوك، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، وهي السياسة التي ينتهجها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لكبح جماح التضخم، إلا أنها تؤثر على عمل البنوك.
وعندما كانت أسعار الفائدة منخفضة وأسعار الأصول مرتفعة، اعتمد بنك “سيليكون فالي”، أحد البنوك المنهارة، على السندات طويلة الأجل، ثم رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فانخفضت أسعار السندات، وتكبد البنك خسائر فادحة.
ولا تتطلب القواعد الحالية من معظم البنوك أن تأخذ في الحسبان انخفاض أسعار السندات التي تخطط للاحتفاظ بها حتى تبلغ موعد الاستحقاق.
ومع سحب المودعين أموالهم، كان على “سليكون فالي” بيع السندات، مما أدى إلى هذه الخسائر. وبشكل عام فإن مجموع الخسائر غير المحققة للنظام المصرفي بلغت حوالي 620 مليار دولار في نهاية عام 2022، أي ما يعادل حوالي ثلث إجمالي احتياطي رأس المال في الولايات المتحدة.
ولحسن الحظ، فإن البنوك ليست بمستوى الخطر الذي كان عليه “سيليكون فالي” لكن ارتفاع أسعار الفائدة جعل النظام المالي عرضة للخطر.
ويشرح التقرير أنه مع انخفاض معدلات التضخم، وكذلك الفائدة على مدار السنين، اشترت البنوك السندات، لكن لم يكن في الحسبان كيف سيكون الوضع، لو ارتفعت أسعار الفائدة.
وخلال الجائحة، تدفقت الودائع على البنوك، وضخت أموال التحفيز المالي السيولة في النظام المالي، واستخدمت البنوك الودائع لشراء سندات طويلة الأجل وسندات الدين المضمونة بالرهن العقاري.
تتمثل إحدى المشكلات في أن البنك قد اشترى السندات بأموال شخص آخر، وعادة ما يكون وديعة، ويجب على البنوك الصغيرة والمتوسطة دفع المزيد من الأموال للمودعين لمنعهم من أخذ أموالهم. وهذا يضغط على هوامشها الربحية، وهو ما يفسر أيضا سبب هبوط أسعار أسهم بعض البنوك.
ومع سحب المودعين أموالهم، يلجا المصرف لبيع الأصول، مما يكبد البنوك خسائر ضخمة.
ولمنع تفاقم الأزمة، تدخل الاحتياطي الفيدرالي بتقديم قروض بضمان سندات البنوك بالقيمة الإسمية للسندات، وفي بعض السندات طويلة الأجل، قد تكون أعلى من القيمة السوقية بنسبة تزيد عن 50 في المئة.
والمشكلة التي يوردها التقرير هنا أن هذا يخلق مشكلة أنه يشجع البنوك على التصرف “بتهور”، لأنها تعرف أن الاحتياطي الفيدرالي سيتدخل لإنقاذها، وستبحث البنوك المتنافسة عن عوائد عالية، من خلال المخاطرة المفرطة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن المودعين سوف يخاطرون بإيداع أموالهم دون التمييز بين المخاطرة المحسوبة والمخاطرة السيئة، لأنهم يعلمون أن الاحتياطي الفيدرالي يتدخل في كل مرة.
ويدعو التقرير إلى ضرورة اتخاذ خطوات تجعل النظام المالي أكثر أمانا، وعدم وضع استثناءات للبنوك، وخلق نظام يدرك مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة.
وتقول إيكونوميست: “يواجه المودعون ودافعو الضرائب، من وادي السيليكون، إلى سويسرا ذعرا شديدا. لا ينبغي أن يتعايشوا مع الخوف والهشاشة التي اعتقدوا أنها أصبحت جزءا من الماضي”
Follow Us: