منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدأ الاهتمام يتزايد بأدب الأميركتين، الوسطى والجنوبية، في العالم العربي، الذي جاء نتيجة لاستدارة غربية سابقة وترجمة العديد من رموزه، ونيل عدد من كتّابهما جوائز دولية، خاصة بعد تسلّم الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز “نوبل للآدب” عام 1982.
وخلال العقود الأربعة الماضية تراكمت الترجمات من تلك القارّة البعيدة، ما مكّن القارئ العربي من الاطلاع على العديد من التجارب البارزة، وآخرها صدور كتاب “ميراث سرفانتيس اللانهائيّ: مختارات من القصة القصيرة العالمية” بترجمة الكاتب المغربي خالد الريسوني عن “دار خطوط وظلال”.
يضمّ الكتاب ثمانية عشر نصاً قصصياً اختارها المترجم ممثلة لحساسيات سردية مختلفة وأجيال أدبية متنوعة، وهي “حياتي صحبة الموجة” للشاعر المكسيكي أوكتافيو باث (1914 – 1998)، و”الجهة الخلفيّة، تليها الجنّة حافلة” للكاتب الإسباني خوان خوسيه مياس (1946 – 1987)، و”بيتٌ إلى الأبد” لمواطنه الروائي إينريكي بيلا ماتاس (1948)، و”عبْر السطوح” للكاتب البيروفي خوليو رامون ريبيرو (1929 – 1994)، و”مَتجر الدُّمى” للكاتب الفنزويلي خوليو غارمنديا (1898 – 1977)، و”الدخيلة، يليها الخنجر” للشاعر الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس (1899 – 1986).
يضمّ الكتاب ثمانية عشر نصاً قصصياً اختارها المترجم ممثلة لحساسيات سردية مختلفة
إلى جانب “التحدّي” للكاتب البيروفي ماريو بارغاس يوسا (1936)، و”رُوحٌ طاهرة” للروائي المكسيكي كارلوس فوينتس (1928 – 2012)، و”الليل مستلقياً على ظهره” للكاتب الأرجنتيني خوليو كورتاثار (1914 – 1984)، و”في رحلة شهر العسل” للكاتب الإسباني خابيير ماريّاس (1951)، و”اليدُ التي تكتُب، تليها قصص أخرى” لمواطنه القاصّ خوسيه ماريا ميرينو (1941)، و”أنْ نكُفّ عن أن نكون قِردة، تليها قصص أخرى” للقاصّ الغواتيمالي أوغستو مونتيروسو (1921 – 2003).
ويتضمن الكتاب أيضاً “صائدَا القنادس” للكاتب الأرجنتيني رودولفو والش (1927 – 1977)، و”وردةٌ، يليها السّرّ” للكاتب الإسباني خوان إدواردو ثونييغا (1919 – 2020)، و”شاطئ” للشاعر التشيلي روبيرتو بولانيو (1953 – 2003)، و”السرير والمكتب، تليها قصص أخرى” للكاتب الكولومبي اللبناني لويس فيّاض (1945)، و”المنارة” خوان خوسيه أريولا للكاتب المكسيكي (1918 – 2001)، و”مشاكل في الجحيم وقصص أخرى” لمواطنه الشاعر خوسيه إيميليو باشيكو (1939 – 2014).
الصورة
غلاف الكتاب
في قصته القصيرة جداً بعنوان “صوت صغير”، كتَب خوسيه ماريا ميرينو: “هل تتحدّثون عن الكون؟ الذرّة هي الكون! هل تتحدّثون عن الحياة؟ الخليّة هي الحياة! هل تتحدّثون عن فضاء؟ كلّه يتّسع في راحة الكفّ! هل تتحدّثون عن الزمن؟ هذه اللحظة ذاتها هي الأبديَّة! لكن صَوتها كان صغيراً جدّاً، ولا أحد انتبهَ إليه”.
يشير الناقد المغربي خالد بلقاسم، في تقديمه الكتاب، إلى أن “قصص هذه الإضمامة تروم، وَفق بناء نصيٍّ مدروس لا يُفرّطُ في التكثيف الذي تتبايَنُ درجاتُهُ من قصّة إلى أخرى، سَبْرَ أسرار الحياة، والتقاطَ مَلمح مَنسيٍّ من ملامح اليَوميّ، والنفاذَ إلى جُزئيات يُبرزُها مُتخيّلُ القصص أو يَجلو عنها النسيان أو يَختبرُ الإمكانَ الدلاليّ لغرابتها أو لبُعدها العجائبيّ، قبل أن يُحَوِّل هذه الجزئيّات إلى أسئلة وُجوديّة أو ميتافيزيقيّة. تُنصتُ قصصُ هذه الإضمامة، في الغالب العامّ، لأشياءَ مُتناهيةِ الصّغر، ومنها تعبُرُ إلى دلالات شاسعة، بل إنّ مِن هذه القصص، مثل قصّة عبر السطوح لخوليو رامون ريبيرو، ما يُنبّهُ على خُطورة الأشياء الصغيرة، وعلى أنّ الأشياء المُتناهية الصِّغر هي التي تُعذّبُنا”.
وفي نصّه “السرير والمكتب”، يكتب لويس فيّاض: “كان ليونسيو يحلمُ أنّه ينامُ في السرير وأنه هناك كان يحلمُ أنه بسبب إهمالٍ ما بقيَ نائماً على المكتب”.
المصدر:العربي الجديد