الإثنين, نوفمبر 25
Banner

المركزي يتدخّل من جديد.. وصيرفة 90 ألفاً

ايفا ابي حيدر- الجمهورية

لم يكد يمضي 20 يوماً على تعميم المركزي الاخير قبل ان يُصدر بياناً جديداً أمس، يعلن فيه التدخّل مجدداً في السوق، شارياً لليرة، لكن هذه المرة من عند الصرافين، في ظلّ اضراب المصارف. هذه الخطوة ادّت إلى هبوط سريع للدولار بعدما كان لامس 145 الفاً إلى 110 آلاف ليرة في غضون دقائق.

حفلة جنون شهدتها السوق السوداء في الساعات الاخيرة، لتجسّد فعلياً مرحلة الانهيار الكبير وتعكس الواقع المأساوي للأوضاع. إذ ليس بالصدفة إن صُنّف لبنان من أتعس بلدان العالم بعد افغانستان التي حلّت في المرحلة الاخيرة.

ما بين ظهر الاثنين وظهر الثلاثاء ارتفع الدولار من 114 الفاً إلى 145 الفاً اي بزيادة 31 الفاً، وفي غضون دقائق تدحرج إلى 110 آلاف ليرة، وذلك ابّان إصدار مصرف لبنان بياناً يعلن فيه التدخّل في السوق مجدداً، شارياً لليرة، انما هذه المرة مستعيناً بالصرّافين، لأنّ القطاع المصرفي كان في حالة اضراب قبل ان تصدر جمعية المصارف بيانا مساء امس تعلن فيه تعليق الاضراب والانخراط تاليا بعمليات صيرفة.

لا يختلف اثنان انّ الليرة اللبنانية فقدت قيمتها وما عادت تُستعمل الّا في محطات المحروقات ولدفع رسوم وضرائب للقطاع العام، الذي هو ايضاً في حالة اضراب. لذا يتجّه الأفراد إلى صرف الدولار وفق الحاجة، للمحافظة على قيمة اموالهم حتى لو كان المبلغ المبتغى تصريفه 20 دولاراً، ومن كان له سبيلاً إلى الدولار بات يدفعه مباشرة في غالبية المحلات، وبالتالي فإنّ بيان مصرف لبنان الاخير ما هو الّا تكرار لمحاولة يائسة لتجميد المسار التصاعدي للدولار قليلاً، وذلك كسباً للوقت، علّ وعسى تستفيق السلطة النائمة من سباتها وتفتح ورشة اصلاحية او تتخذ اجراءات جدّية لانتشال الوضع قليلاً، وإلى حينه لا شك انّ تدخّل المركزي سيكون محدوداً بالزمان وبتأثيره المؤقت على السوق.

وفي خضم حفلة الجنون التي شهدتها السوق السوداء امس، ولما فُقدت السيطرة على السوق كلياً، تدخّل مصرف لبنان مجدداً، فأصدر الحاكم رياض سلامة، بياناً جاء فيه: «بناءً لقانون النقد والتسليف وللمواد 75 و83، وبناءً لموافقة دولة رئيس الوزراء ووزير المالية، يعلن مصرف لبنان عن إجراء عملية مفتوحة ومستمرة لشراء الاوراق النقدية اللبنانية وبيع الدولار نقداً على سعر صيرفة.

يُحدّد سعر صيرفة بـ 90,000 ل.ل، مقابل كل دولار ابتداءً من 21 آذار 2023.

يمكن للجمهور ان يسلّم الليرة النقدية إلى الصرافين من فئة «أ» او إلى المصارف العاملة ويتسلّم الدولار بعد ثلاثة ايام.

تُسجّل كل العمليات على منصّة صيرفة.

يمكن للمصارف التي تعود عن اضرابها المشاركة في هذه العملية.

انّ الهدف من هذه العملية هو الحدّ من ارتفاع سعر صرف الليرة في السوق الموازية والمحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي».

ولاحقاً أكّد سلامة في تصريح لوكالة انباء اجنبية «انّ القرار الذي اتخذناه أمس جاء لسحب كل الليرات اللبنانية من السوق، ومصرف لبنان لديه القدرة على ذلك. اما عن طريقة شراء الدولار مقابل الليرة فبكل بساطة على المواطنين الذهاب إلى اقرب صراف فئة A يتعامل معه المركزي، وهم معروفون من الجميع او من المصارف التي لم تغلق أبوابها». وأكّد سلامة اصراره على تنفيذ هذا القرار، وذلك لمصلحة القدرة الشرائية للمواطنين.

اللافت في قرار المركزي الاخير فتح المجال امام الصرافين هذه المرة للتدخّل بعملية شراء الليرة، وذلك بسبب استمرار المصارف في اضرابها. فهل تساهم هذه العملية في إنجاح تدخّله في السوق لفترة اطول، خصوصاً انّ الصرافين مقصودون من قِبل الأفراد أكثر من المصارف؟ ولأنّ عمليات الصرافة تسير لديهم بوتيرة اعلى، ام انّ الهدف من إدخالهم في عملية الشراء تجفيف اموالهم؟ وهل يكونون أكثر المستفيدين من هذه اللعبة؟

في السياق، يقول المستشار المالي وليد ابو سليمان لـ»الجمهورية»، إنّ لا فارق بين تجيير شراء الليرة إلى المصارف او الصرافين، فالنتيجة نفسها او ربما قد يطول استقرار الدولار اياماً أكثر مع إدخال الصرافين كجهة شارية لليرة لصالح مصرف لبنان.

أضاف: «انّ الليرة اللبنانية فقدت قيمتها وما عاد اقتناؤها مرغوباً به من قِبل اللبنانيين، وحتى الآن بقي سعر البنزين فقط يُدفع بالليرة والضرائب والرسوم المتعثرة راهناً بسبب استمرار اضراب القطاع العام، أما الشركات التي لا تزال تدفع بالليرة فلن يكون في امكانها الاستمرار طويلاً، تبقى «العترة» على المودع الذي لا يزال يسحب وديعته على سعر صرف 15 الفاً بينما الدولار الاسود تخطّى الـ115 الفاً».

كما توقف ابو سليمان عند دور منصة صيرفة التي أُنشئت كي تلحق بها السوق السوداء، بينما ما نراه اليوم هو العكس تماماً، إذ بها هي من يلحق بالسوق السوداء، بدليل انّها ارتفعت في غضون ايام من 45 الفاً الى 70 فـ 80 والآن 90 الفاً، لافتاً الى انّ أحداً ما عاد يؤمن بأي دور يمكن ان تحققه تدخّلات المركزي في السوق لأنّها ما عادت تصمد أكثر من ايام.

وتوقف ابو سليمان عند ميزانية مصرف لبنان النصف الشهرية عن آذار، والتي كشفت عن تراجع الاحتياطي الاجنبي 260 مليون دولار وخسارة الليرة 25% اضافية من قيمتها. وقال: «تأتي هذه الارقام بنتيجة تدخّله في السوق مطلع الشهر الجاري بائعاً للدولار وشارياً لليرة، فامتص 14 الف مليار ليرة من السوق، ورغم ذلك استمرت الليرة بالتدهور، ما يعني انّ كل هذه الترقيعات ما عادت تكفي، وما يحصل هو شراء للوقت حتى نهاية ولايته ممّا تبقى من اموال كل المودعين».

Leave A Reply