علي ضاحي
برزت في الآونة الاخيرة ملفات عدة من فضيحة التنسيب الى المدرسة الحربية والفساد في وزارة المهجرين مروراً بقوى الامن الداخلي وليس انتهاءاً بملف “انفجار العصر” في مرفأ بيروت منذ 4 اشهر، وصولاً الى تعثر تأليف حكومة سعد الحريري الثالثة وضرورة تفعيل حكومة حسان دياب كنتيجة حتمية لانعدام فرص تشكيل حكومة جديدة قريباً وعدم ترك البلد في دوامة المراوحة والتعطيل وانعدام الخيارات. وكلها ملفات خلافية وسجالية وترفع من منسوب التوتر والقلق عند المواطنين وتدفعهم الى اليأس او خيارات غير محسوبة وتحت الضغط الاجتماعي والمالي والاقتصادي.
وتؤكد اوساط بارزة في 8 آذار لـ”الديار” ان العديد من اللقاءات والتواصل والتشاور ولا سيما التي جمعت قيادات حزبية بمرجع بارز في تحالف “الثنائي الشيعي” و 8 آذار اخيراً، تؤكد وجود تضخيم غير مسبوق لكل الاحداث الجارية في القضاء والسياسة والامن والاقتصاد.
ويستغرب المرجع المذكور اتهام العهد وفريق 8 آذار و”حزب الله” بتصفية الحساب مع ما تبقى من قوى 14 آذار ومع “الحريرية السياسية” ومع وجوه كانت محسوبة على تلك الحقبة من ضباط كبار وقيادات امنية وحتى الموظفين الكبار والصغار المدنيين وصولاً الى رتب ومراكز ادنى بالمسؤولية، كلام فيه انتقاص وإساءة للقضاء.
والاحتكام الى القضاء لا يعني عدم وجود تقصير من بعض القضاة وضرورة تنقية الجسم القضائي من الفاسدين وصولاً الى استنسابية القضاة في التعاطي في ملفات الفساد وابرزها الملفات التي قدمها “حزب الله” عبر النائب حسن فضل الله وتقاعس القضاء في معالجتها والبت فيها لوجود شخصيات محسوبة على الرئيس سعد الحريري وقيادات في “المستقبل”، ورغم ذلك لم يخرج فريق 14 آذار و”المستقبل” لانتقاد ما يجري بل حذروا من تناول مثلاً الرئيس فؤاد السنيورة وملف اوجيرو والتخابر غير الشرعي وغيرها من الملفات.
ويقول المرجع ان القضاء هو المكان الحاسم والفيصل للتأكيد على جدية الحرب على الفساد ووجوب ان تبدأ هذه الحرب من مكان ما وتشمل الجميع من دون استثناء.
ويؤكد المرجع وفق الاوساط ان الدعم كامل لأي جهة قضائية او امنية تقوم بملاحقة اي ملف فساد ولا غطاء على احد.
والمطلوب ان يبت القضاء في ملفات الفساد كلها وان يأخذ القانون مجراه. فلم يعد بعد الآن جائزاً القول ان العهد وحلفاءه لا يريدون مكافحة الفساد بل ليأخذ القضاء مداه ومن دون نكايات او تصفية حساب، لأن ذلك يحدث عندما يكون هناك ابتزاز او ملف مقابل ملف. فهل ما جرى من تزوير في المدرسة الحربية او في التعويضات الاستشفائية في الامن الداخلي او ملف المهجرين يقابله ملفات مثلاً للرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل و”حركة امل” و”حزب الله” وتمت “طمطمتها”؟
ولهذه الاسباب يؤكد المرجع ان الدعم كامل لكل الخطوات القضائية ولن يوقف هذه الاجراءات اي طرف ولن يتمكن احد من ذلك.
ويشير المرجع الى وجود حالة من التهويل والتخويف وتيئييس الناس، ولا سيما في ملف رفع الدعم عن المواد الاساسية وخصوصاً الخبز والدواء والمحروقات والاساسيات من المواد الغذائية. ويقول ان اي رفع للدعم لن يكون مفاجئاً وهناك دائماً حلول تبدأ من الرفع التدريجي للدعم وان يكون الترشيد وفق قاعدة مدروسة وايجاد بدائل في المقابل. واذا كان هناك ارادة جدية سيتم ذلك من الآن وحتى نهاية كانون الثاني المقبل. ويقول المرجع لسائليه ان هناك طروحات قيد التنضيج في هذا الإطار.
وفي ملف الاغتيالات، يؤكد المرجع ان المتوفر من المعلومات قليل جداً، وهناك اجواء من التضخيم الاعلامي والسياسي، بينما المعلومات الكاملة والمؤكدة ضئيلة وقد تم تزويد بعض الشخصيات بمعلومات محددة ودقيقة وبعض النافذين والمسؤولين من الصف الاول قد اتخذوا ما يلزم من احتياطات سرية لازمة وليس معلنة او مرئية.
وفي ملف تشكيل الحكومة يقول المرجع ان لا امكانية لتشكيل حكومة بوجود عناد وتعنت داخلي ولكن سيكون هناك حكومة في لحظة ما ويبدو ان فترة السماح لم تعد طويلة.
وفي ملف تصريف الاعمال وتوسيع عمل حكومة حسان دياب يؤكد المرجع ان لا توافق حتى الساعة بين الرئيسين ميشال عون وحسان دياب على عقد جلسة حكومية لاتخاذ قرارات مهمة.
ويبدو ان اعتراض الرئيس المكلف سعد الحريري على ذلك بقوة يمنع عقد هذه الجلسة، اذ يحاذر عون وفريقه وكذلك حلفاؤه في 8 آذار من “كسر الجر” مع الحريري وتطيير الحكومة الى غير رجعة. وبالتالي سيتم التعاطي في الفترة المقبلة بهدوء مع كامل الملفات من دون تهويل او افراط في التفاؤل او اليأس، المرحلة دقيقة وقاسية ولكن الاستسلام قاتل وسينهي اي فرص للنهوض مجدداً بالبلد.