أحمد الغز – اللواء
تزور لبنان مساعدة وزير الخارجية الاميركي باربرا ليف التي رأت في حوار مع معهد ويلسون ان لبنان ينتظره مآلات عدة منها (التفكك وهو الاسوأ بينها او فقدان قوى الامن والجيش السيطرة على الواقع او الهجرة الجماعية او العديد من السيناريوهات الكارثية)، وتاتي زيارتها الى لبنان بعد اعلان وزير الدفاع الاميركي عن انتهاء زمن ما بعد الحرب الباردة مع القلق من تحالفات عالمية جديدة مما استدعى اعادة تشكيل انتشار القوات الاميركية وذلك بموازاة التهديدات الروسية بالمواجهة النووية مع تاكيد قيادة الناتو بان الحرب ستطول، مما جعل المنطقة تشهد تغييرات سريعة نتيجة دقة المرحلة التي لا تحتمل المغامرات وخصوصا ان الجميع يشاهد ازمات الحكومة الاسرائيلية الداخلية والعالمية وكيف ان اسرائيل تحولت من اداة استثنائية الى أعباء ثقيلة على الصهيونية العالمية والدول الغربية التي غامرت بمصداقية ميثاق الامم المتحدة على مدى خمسة وسبعين عاما من اجل مظلومية اسرائيل التي تحولت الى صانعة المظلوميات الشرق اوسطية .
معالم الفشل الدولي والاقليمي في لبنان كثيرة بعد احداث ١١ ايلول ٢٠٠١ نتيجة حروبها واحتلالاتها وأدواتها وشعاراتها من الفوضى الخلاقة الى صناعة الثورات بدل الثورات الصناعية الى تحويل الحلفاء الى اعداء والاعداء الى حلفاء مع عدم الاعتراف بالاخطاء والانسحابات الكارثية وترك المنطقة في فوضى مدمرة والشعب يريد اسقاط النظام و(الان يعني الان)، والخطأ الاكبر كان مع الادارة الاميركية السابقة وهو تحويل لبنان الى ساحة مواجهة مباشرة بالعقوبات والثورات والانهيارات المالية والاقتصادية وضرب القطاع المصرفي مما ادى الى ضياع مدخرات الناس وانتاج مجاعة لبنانية ثانية تذكر بالمجاعة الاولى ١٩١٥ مع الحرب العالمية الاولى حيث قضى نصف سكان لبنان من الموت جوعا على الطرقات.
المجتمعات الاوروبية واليابانية تعرف جيدا ما معنى الحروب العالمية وكيف تكون اهوالها وتداعياتها واثرها على الانسان المكان والزمان، ونشاهد ذلك من خلال التوجس والقلق الاوروبي الشعبي والرسمي منذ ٢٤ شباط ٢٠٢٢ مع بداية الهجوم الروسي على اوكرانيا، حيث تزداد التداعيات والتحالفات والويلات الاقتصادية والمعيشية والانسانية وانقسام العالم بين مؤيد لاوكرانيا ودعمها بالمال والسلاح والمعلومات واخرون يتوهمون حتى الان امكانية الوقوف على الحياد.
الايام الماضية تراجع مستوى حضور لبنان على قائمة الاولويات العربية والاقليمية والدولية بعد ان كان الزعماء اللبنانيين قد حددوا المكتسبات المالية والسياسية التي سيطالبون الاشقاء والأصدقاء بدفعها لهم ثمن افراجهم عن الاستحقاق الرئاسي وتشريع الاصلاحات، معتقدين بان الشغور الرئاسي هو فخ ينصبونه للاشقاء والاصدقاء لتحقيق المنافع والارباح على حساب الاستقرار والانتظام العام، ولكن يبدو ان حساباتهم لم تكن دقيقة هذه المرة لانهم مجموعة من المرتزقة الذين احترفوا النزاعات الاهلية العدمية حيث يقتل الاخ أخاه، ولا يعرفون شيئا عن معايير ومخاطر الحروب العالمية الكبرى وكيف تزول الدول والامبراطوريات .
دول المنطقة تسارع الى اتخاذ خطوات احترازية والتعامل مع مخاطر الحرب العالمية الثالثة بتهدئة النزاعات فيما بينها ومع دول المحيط والجوار وهي تدرك دقة واهمية مصادر الطاقة في الحروب العالمية، اما لبنان فانه يفتقد لوجود نخبة قادرة على الاقتداء بالسعودية وايران وتغليب مصلحة اوطانهم على الشعارات والنزعات ، نخبة لبنانية تغلب الوحدة الوطنية الانقسامات الوهمية وتسارع الى انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية من اجل حماية لبنان من ويلات الحرب العالمية الثالثة والمجاعة اللبنانية الثانية، وحفظ الله لبنان .