“تُشعرك تينا بأنك أقوى رجل في هذا العالم، تجعلك في حالة استيقاظ ونشاط لم تختبرها طيلة حياتك، قد تستمر لأيام متواصلة بلا نوم، لا حاجة لطعام ولا لشراب معها، تمنحك ثقة بالنفس وإحساس بأنك لا تقهر، ترفع من رغبتك وقدراتك الجنسية إلى حدودها القصوى، وتعطيك اندفاعاً عاماً قد تقدم معه على أي شيء، حرفياً أي شيء. ثم فجأةً وبعد انتهاء مفعولها، تهبط بك إلى أسفل درك نفسي وجسدي قد يصله الإنسان، تتركك مهزوما مكتئبا، ضعيف خائف وعاجز عن القيام بأبسط الأمور الحياتية، كالنهوض من الفراش بالدرجة الأولى، وتبقيك مدة على هذه الحال حتى تتعاطاها من جديد”.
هكذا يصف عاصم، (اسم مستعار) لموقع “الحرة” تأثير مخدر “تينا” على متعاطيها، وذلك بعدما أدمنه لأشهر عدة.
“تينا” هي واحدة من التسميات المعطاة لمادة الكريستال ميث، والتي باتت تنتشر بشكل واسع جداً في لبنان، إلى حد بدأ يدفع جمعيات أهلية ونشطاء لبنانيين إلى دق ناقوس الخطر، محذرين مما يصفونه “وباء” إدمان يهدد المجتمع اللبناني، ولاسيما الفئات الأكثر تهميشاً وضعفاً، حيث يجد أفراد منها في هذا المخدر وسيلة هرب من واقع يعيشونه، في بلاد تشهد من أكثر من ثلاث سنوات تداعيات أسوأ أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخها، ومن الأعقد في تاريخ العالم وفق وصف البنك الدولي.
زياد السبلاني، وهو مؤثر معروف على مواقع التواصل الاجتماعي باسم “كوكب زحل”، نشر مؤخراً فيديو تمثيلي توعوي للتحذير من مخاطر “تينا”، مستهدفا بشكل خاص مجتمع “الميم عين” (المثليين/ات والعابرين/ات جنسياً)، يتحدث فيه عن الخداع الذي يقع فيه متعاطو هذه المادة، والأوهام التي تغرقهم فيها، بينما تسحب منهم في المقابل حياتهم وصحتهم وأموالهم، مرفقاً الفيديو بمعلومات علمية لشرح مخاطر المادة وطريقة عملها فضلاً عن طرق الحصول على المساعدة خلال تعاطيها أو الإقلاع عنها.
انتشر الفيديو على نطاق واسع، وترك استحسانا وتشجيعاً لدى متابعيه، الذين عبروا في تعليقاتهم عن تقديرهم لهذه اللفتة نظرا لحجم المشكلة السائدة في لبنان والتي تجعل معظمهم يعرفون أشخاصا وقعوا ضحية هذا “المخدر الشيطاني”، على حد وصفهم.
سبق لزياد أن عمل على هذا الموضوع مع أكثر من جهة وجمعية تعنى بالإدمان على المخدرات والصحة العامة لمجتمع “الميم عين”، وذلك بكون “تينا” مرتبطة بالأمرين، وبحسب ما يقول لموقع “الحرة” فإن الفيديو يستهدف الأشخاص الذين يعانون من إدمان، أو يعرفون حولهم أشخاصاً مدمنين، أو من كانوا مدمنين سابقين، أو من ليسوا مدمنين، ولكن يستخدمون هذا المخدر بين الحين والآخر أو جربوه.
ويضيف: “اخترت الحديث عن هذا الأمر بكونه يعنيني بشكل شخصي وأرى نفسي من بين الفئات المستهدفة بالفيديو، ولدي خبرة ومعرفة بهذا المخدر تسمح لي بالحديث حوله، لاسيما وانني أريد عبر هذا الفيديو إفساح المجال للحديث حول هذا الموضوع الذي لا يولي أحدا الاهتمام الكافي به، بينما أملك الجرأة والقدرة على ذلك فاخترت خوض هذا الأمر رغم مما قد يعرضني له من مخاطر لكن يجب أن تحكى بالأمور كما هي، بهدف التوعية والمساعدة”.
ما هو الكريستال ميث؟
وتختلف التسميات التي تطلق على الكريستال ميث بين دولة وأخرى أو مجتمع وآخر، ومن أشهر التسميات المستخدمة “الشبو، كريستال، كريستينا، الشيطان، السابو، آيس، غلاس، ميث وغيرها…”، أما اسمه العلمي فهو “ميثامفيتامين”، مشتق عن الأمفيتامين، الذي يعتبر من المنبهات القوية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، ويدخل في تركيبته ملح الهيدروكلوريد ليصبح مفعوله أقوى من الأمفيتامين العادي.
يأتي عادة على شكل بلورات كريستالية متفاوتة الأحجام، أو على شكل حبوب تكون أقل نقاءً.
وينسب اكتشاف المادة وتجربتها للكيميائي الياباني، ناغايوشي ناغي، عام 1893، إلا أن ذروة استخدامه وإنتاجه الممنهج بدأ خلال الحرب العالمية الثانية، وتحديداً من ناحية النظام النازي في ألمانيا، الذي استخدمه بكثافة على الجنود الألمان من أجل تحسين أدائهم ومدهم بالطاقة والاندفاع خلال الحرب، حتى أطلق عليه تسمية “المخدر النازي”.
يتم تعاطي الميثامفيتامين عادة عبر تدخينه في انابيب زجاجية مخصصة لذلك، ويؤخذ أيضاً عن طريق البلع أو في الأرداف أو عن طريق الاستنشاق بعد طحنه أو الحقن بعد تذويبه بالماء وهذا أخطر الأساليب وأقلها انتشاراً.
جرى استخدامه في الماضي لعلاج بعض الحالات المرضية المحدودة، كالنوم القهري والاكتئاب وعلاج السمنة المفرطة، إضافة إلى علاج اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة، إلا أن استخدامه تراجع بشكل كبير نظراً للسمية العصبية العالية التي يسببها، فيما يخضع استخدامه الطبي لتنظيم قانون المواد الخاضعة للرقابة، وهو مُدرج في الجدول الثاني في الولايات المتحدة، بسبب ارتفاع احتمالية إساءة الاستخدام لأغراض ترفيهية، وارتفاع قابلية الإدمان عليه.
وبحسب المركز اللبناني للعلاج والوقاية من الإدمان – “سكون”، يعطي الكريستال ميث، على المدى القصير، دفعة سريعة للطاقة، ويسبب النشوة، ويعطي إحساسًا بالسيطرة، ويزيد من المتعة، ويزيد من الأداء الجنسي، ويعطي الشعور بالثقة والعظمة.
يمكن أن يبقي الكريستال ميث الشخص مستيقظًا لفترات طويلة من الوقت، حتى لأيام متتالية، دون الشعور بالجوع.
أما على المدى الطويل، يمكن أن يتسبب الكريستال ميث في حدوث ارتباك وخمول وضعف المهارات الحركية وضعف الانتباه وخطر الإصابة بالذهان وخطر حدوث تلف دائم في الدماغ، وفق “سكون”، كما يمكن أن يصيب الجسم بسوء التغذية، ويمكن أن يسبب إجهاد القلب وضغط الدم، ويمكن أن يسبب تلف الكبد والكلى، والصرع، وتلف الجهاز التنفسي الشديد.
ويزيد الميث من إنتاج مادة الدوبامين في الدماغ، وهو ما المسبب الأبرز للإصابة بالإدمان عليها، حسب “معاهد الصحة الوطنية الأميركية”، حيث تؤدي مادة “الميثامفيتامين” إلى فقدان المتعاطي الارتباط بالواقع والانفصال عنه وتزيد من حدة العنف لديه، وتقوده للإصابة بأمراض “الفصام وجنون العظمة والارتياب الشديد بالآخرين والهلاوس السمعية والبصرية”.
ماذا يقول مدمنوها؟
وفي سبيل فهم تأثيرات هذه المادة وكيفية انتشارها، كان لموقع “الحرة” سلسلة مقابلات مع مجموعة من المدمنين عليها في لبنان، تحدثوا عن تجربتهم معها وكيفية تعرفهم عليها، مع ما يسود حولها من مفاهيم وقصص ومعلومات، فضلاً عن تقديم صورة عن الأجواء الاجتماعية التي تنتشر فيها.
تعرّف عاصم على “تينا”، من خلال أصدقاء له، “يحكى عنها كثيراً في مجتمع المثليين، حيث تحاك حولها أساطير وقصص لا تنتهي عن مفعولها وشعورها والطاقة التي تمنحها، لاسيما على صعيد القدرة الجنسية والجرأة التي تمنحها لمتعاطيها، ما يجعلك متلهفاً لتجربتها، وهو ما حصل معي حيث كانت الحشرية أكثر ما دفعني لتجربتها بعد كل ما سمعته عنها”.
بدأ عاصم يقرأ ويسأل محيطه عنها، قبل أن يخوض تجربتها، “لكن للأسف فبكون هذا الموضوع تابو، ليس هناك وصول سهل للمعلومات الصحيحة حولها، ما يدفع الشخص لاستقاء معلوماته من مصادر غير مختصة أو غير موثوقة، ويحوله إلى فريسة سهلة لمروجيها الذين يسوقون لكونها لا تؤذي وأن مساوئها مضخمة أكثر من الواقع، وهو ما حصل معي حيث إن كل ما قيل لي من قبل لم يكن قريباً لما اختبرته بعد تجربتها”.
الاسم العلمي لمادة الكريستال ميث هو الميثامفيتامين
من النفس الأول تشعر بنشوة عارمة، وفق عاصم، “تفتح النفس والمجاري الهوائية، وتدفعك للحركة لاإرادياً، تشعر بدرجة عالية من الوعي وطاقة كبيرة في داخلك، وتصبح حسّاساً أكثر تجاه المحيط وعاطفي بشكل أكبر، كما تطلق طاقة حركية تدفعك للمشي والتحرك عشوائياً، وتنطلق للتحدث كثيرا وبنمط سريع، وتظهر الهوس وتحفز الوسواس القهري، فبعض متعاطيها يقومون بالتنظيف، أو الترتيب، أو الاستحمام كثيراً، أو غسل اليدين، وترفع من مستوى الارتياب إلى حد الجنون والشك”.
ويضيف: “كنا نبدأ تعاطيها يوم الخميس ولا نتوقف قبل الاثنين صباحاً وأحيانا الثلاثاء، لا أكل ولا شرب ولا اهتمام بشيء آخر اطلاقاً. خاصة أن معظمنا لم يكن لديه أي شيء يقوم به لاحقاً، معظمنا عاطل عن العمل وليس أمامنا مصدر للمتعة غير ذلك، وهنا المشكلة أنه لم يكن لدينا أي مساحة للتنفيس أو للتعبير عن أنفسنا، ما من إمكانية في لبنان لملئ وقتي كإنسان طبيعي، المهرب الوحيد أمامي كان هذا الأمر، المخدرات والجنس، وهنا لست في معرض التبرير لنفسي وإنما لأشرح للكثيرين ممن يجدون أنفسهم في مواقف مشابهة أنهم ليسوا الوحيدين الذين يعيشون ذلك ويفكرون به، ومع ذلك فخيار “تينا” وسط كل تلك الظروف، كان أسوأ ما أقدمت عليه.”
كاميليا، (اسم مستعار)، فتاة لبنانية هربت من لبنان إلى ألمانيا بسبب “تينا”، بعدما تورطت في تعاطيها من الترفيه الشهري إلى الإدمان اليومي، تؤكد في حديثها لموقع “الحرة” أنها كانت مضطرة للرحيل عن كل الأجواء التي تعرفها في لبنان، لتتمكن من التخلص من إدمانها.
وتضيف: “وصلت تينا لتصبح ثقافة موجودة في المجتمع من حولي، كيفما اتجهت تجد أناس يتعاطونها وتجدها متوفرة أمامك، وهذا يزيد من حالات الإدمان عليها لأشخاص كانوا بالعادة يستخدمونها بين فترة وأخرى، ويصعّب عملية توقيفها، فبينما كنت اتعاطاها في البداية بمناسبات محددة، تطورت إلى مرة في شهر وتقلصت المدة حتى باتت الوتيرة يومية”.
علاقة كاميليا مع “تينا”، بدأت كهروب من الواقع الذي كانت تعيشه في لبنان، “فبالإضافة للوضع المأزوم، يأتي ضغط العمل والضغط النفسي والحاجة لوظيفتين وسط ضغط مالي واجتماعي واكتئاب عام وإحباط جماعي، بدأت آخذها للهروب من هذا الواقع، ثم أصبحت عاجزة عن الذهاب إلى العمل من دونها”.
“أول مرة جربتها غشّتني، كان سبق لي أن تعاطيت أنواع كثيرة من المخدرات عبر البلع أو الشم، فتوقعت أن التدخين يفترض أن يكون تأثيره أخف بالعادة، ولكن فعليا كانت أقوى من أي شيء جربته في الماضي. كنت برفقة شاب تربطنا علاقة جنسية، ارتفعت لدي القابلية لممارسة الجنس والشعور بالرغبة إلى حدود لم أكن اختبرتها من قبل”.
الجانب المظلم
لكن وفي مقابل كل تلك المشاعر الغامرة، تبدأ الرحلة العكسية مع “تينا” بعد زوال مفعولها والتوقف عن تعاطي جرعات إضافية، حيث ينقلب مزاج المتعاطين، ويدخلون مرحلة يصفونها بـ “الداون”، وهو مزيج مشاعر سلبية كالاكتئاب والارتخاء والاحباط واللامبالاة، بالإضافة إلى التعب الجسدي وآثار الجفاف وسوء التغذية التي ترهق العضلات والدماغ وتترك الشخص في حالة ضياع تام.
هنا يبدأ مفعول إدمانها بدفع الشخص للشعور بالحاجة إلى تعاطيها من جديد ليكون بوضع سليم، وفق عاصم، وتنتقل “تينا” من الحفلة والعطلة إلى الحياة اليومية، حيث يبدأ الاعتماد عليها من أجل القابلية للعمل أو الاستيقاظ المطول أو تحسين المزاج والحصول على الطاقة، للهرب من آثار السلبية بعد تعاطيها. وتكر السبحة في الاعتماد عليها لمتابعة الأمور الحياتية.
يتكرر الأمر بحذافيره مع كاميليا، فبعد طول استيقاظ بسببها، يتطلب الأمر النوم لفترات طويلة من أجل التعويض وتعافي الجسم والذهن، “وأنا بطبعي أكره النوم، ولكن جسمي يجبرني، الأمر أدخلني بصراع مع نفسي، بت أتعاطى إلى جانبها أدوية منومة، فتطيل من مدة نومي وأتأخر على عملي. شيئاً فشيء، فقدت السيطرة على حياتي وساعتي البيولوجية بشكل نهائي وعمت الفوضى، فكلما كنت أحاول الإمساك بزمام الأمور تنفلت من جديد إلى أن خسرت وظيفتي وعلاقاتي الاجتماعية وصحتي ومدخراتي”.
تصف كاميليا الشعور بالندم والاكتئاب والحساسية المفرطة بعد زوال مفعولها في اليوم التالي، “لكن الأسوأ من ذلك، أنها تجعلك اقل اهتماماً بكل شيء ولامبالٍ بكل ما يمكن أن يحصل في حياتك بسببها، تتوقف عن الانتباه لنفسك بشكل كامل مع استسخاف للأمر ولا مبالاة رهيبة، وتصل بك إلى حد عدم الاهتمام حتى بنظافتك الشخصية وتنظيف الأسنان، ولأنها تتسبب بجفاف الجسم تؤدي أيضاً إلى مشاكل جلدية وتتسبب بظهور حبوب في الجلد متل حب الشباب والرؤوس السوداء”.
ومن أكثر تأثيرات الكريستال ميث شيوعاً تظهر على شكل أضرار في الفم والأسنان، إذ تؤثر سلباً على الأسنان وتضعفها وتتسبب بالتهابات في اللثة، فهي تتسبب بجفاف الحلق ما يسهل في التقاط العدوى وتكاثر البكتيريا في الفم، ويؤدي إلى تقرحات وتشققات في الشفاه.
الجانب المظلم من إدمان الميث هو ان المدمن يخسر حياته بكل ما للكلمة من معنى، وفق السبلاني، دون أن يشعر بذلك حتى، حيث يفقد الإحساس بالوقت وبالمحيط، يفقد الإحساس بقيمة الأمور من حوله، وهذا خطير جدا، ففي مراحل متقدمة من تعاطيه قد يجعلك تهلوس ويدخلك في دوامات نفسية وأضرار لا يمكن الشفاء منها، إضافة إلى نوبات قلق وذهان وجنون ارتياب.
انتشار مخيف في لبنان
يؤكد كل من تحدث إليه موقع “الحرة” أن نسبة تعاطي مخدر “تينا” تبلغ مستويات غير مسبوقة في لبنان، وينقل مركز “سكون” عن نتائج المسح الأوروبي على شبكة الإنترنت حول المخدرات لعام 2021 أن 16 بالمئة من المشاركين من لبنان أفادوا عن استخدام مادة الكريستال ميث في ازدياد ملحوظ نتيجة انتشار وباء كوفيد 19.
من جهته، يؤكد عاصم، أن انتشار “تينا” في لبنان “بات مؤخراً أكبر مما يتخيله أي أحد، نسمع عن أطفال وأولاد يتعاطونها بعمر الـ16 والـ 17عاماً، وربما أصغر في حالات معينة، فيما تلاحظ كاميليا أن هناك تقبلاً غريباً للأمر في لبنان، وتضيف: “بعد سفري لاحظت أن في أوروبا والولايات المتحدة نوع من الوصمة على متعاطي هذه المادة، حيث يرفض كثيرون المشاركة في جلسة يتم تعاطيها أو حتى زيارة مكان يتواجد فيه من يتعاطاها وما إلى ذلك، المشكلة في لبنان، وهذا أمر سلبي بنتيجته، أن التقبل أكبر لهذا المخدر ويتعاملون مع الأمر بذهنية منفتحة جداً لدرجة مضرة، فمثلاً مستحيل أن تجد من يرفض زيارة مكان بسبب أحد يتعاطى هذه المادة”.
وكان لموقع “الحرة” حديث مع تاجر مخدرات في بيروت، يتوفر الكريستال ميث على قائمة المواد التي يبيعها، حيث أكد أنه وبسبب انخفاض ثمنها وقوة تأثيرها تطغى “تينا” اليوم على مختلف أسواق المخدرات الأخرى، لاسيما المنشطات والمنبهات من فئتها، كالكوكايين والكراك وحبوب الأمفيتامين وحبوب النشوة، حتى الكابتاغون الذي بقي لسنوات ماضية متصدرا السوق يتراجع اليوم أمامها، في حين أن هناك أصناف معينة لم تعد متوفرة في السوق اللبناني وتوقف تصنيعها بسبب “تينا”، كالكراك (حجارة الكوكايين) الذي تحول مدمنوه إلى تعاطي الميث.
ويضيف: “في زمن أزمة اقتصادية، كل الناس تريد التوفير وأحيانا لا يملكون تكلفة غيرها من المخدرات، غرام الكوكايين بـ 100 دولار قد لا يكفي سهرة واحدة بينما بـ 3 دولارات بإمكانه أن يبقى مستيقظاً ومنتشياً لثلاث أيام كاملة، حتى الأغنياء باتوا يتجهون إليها بسبب مفعولها الأقوى بكثير من الكوكايين، إنها حرفياً رديف الهيرويين على الجانب النشيط، من يريد أن يتجه “داون” لديه هيرويين ومن يريد “آب” بات لديه تينا، وهذه أول مرة يكون هذا الخيار متاحاً بهذا الرخص”.
على الجانب الآخر، تؤكد التقارير الأمنية في لبنان على هذا الواقع، لناحية اتساع انتشار هذا المخدر في الفترة الماضية بشكل لافت، حيث باتت تسجل قوى الأمن الداخلي نسبة مضبوطات أعلى من مادة الكريستال ميث خلال مكافحتها للمخدرات، ويتكرر ضبط المادة في عمليات توقيف المروجين والتجار التي تنشر قوى الأمن الداخلي بيانات إلقاء القبض عليهم، حيث تُظهر أيضاً توزعاً لترويج المادة في مناطق مختلفة على الأراضي اللبنانية.
وفي حديث لموقع “الحرة” يشير مصدر أمني، رفض الكشف عن هويته لعدم امتلاكه إذناً بالتصريح، إلى أن هذا المخدر له ماض قديم ودائما ما كان موجوداً، ولكن بشكل أقل بكثير من الوقت الحالي، حيث نشهد له انتشاراً أوسع، فيما المضبوطات منه لا تزال بكميات قليلة.
من أين يأتي؟
يتكرر بشكل لافت ذكر إيران كمصدر رئيسي لهذا المخدر في لبنان والمنطقة، حيث يتم تصنيعها محلياً هناك وتوزيعها على دول الجوار، أمر يشدد عليه تاجر المخدرات ومعه عدد من متعاطيها الذين قابلهم موقع “الحرة”، وسبق لهذه المعلومة أن تكررت في تقارير وتحقيقات صحفية عدة تناولت انتشار هذه المادة ولاسيما في العراق حيث شكل الكريستال ميث أزمة اجتماعية خلال السنوات الماضية بعدما لاقى انتشاراً واسعاً جداً في البلاد.
ويضيف التاجر: “في النهاية أنا أحصل عليها من تاجر أكبر، يقولون أحيانا من إيران أو من تركيا، ولكن ما أعرفه بشكل مؤكد أنها تدخل إلى لبنان عبر المطار والمرفأ، وليس عبر طرق التهريب البرية، حيث تصل هذه المادة إلى لبنان قبل سوريا ويحصل عليها تجار لبنان قبل سوريا.
ويلفت إلى أن “تهريبها يحصل بألف حيلة وحيلة بكونه ليس مخدراً تقليدياً بالشكل ولا معروف على نطاق واسع، فتهرب مرة على أنها كريستالات وأحجار للزينة، وأحيانا على أنها أملاح، وأحيانا أخرى في فلاتر المياه حيث تشبه مواد تنقية المياه الموجودة فيها”.
عملية نوعية لمكتب مكافحة المخدّرات المركزي تؤدّي إلى إحباط تهريب مادّة Crystal meth المخدّرة عبر المطار وتوقيف أحد أفراد الشبكة.#قوى_الامن
— قوى الامن الداخلي (@LebISF) August 9, 2021
إلا أن اللافت للنظر وبحسب التحقيقات التي أجراها موقع “الحرة”، هو انخفاض سعر الميث في لبنان بالتزامن مع الانهيار المالي عام 2019، على غرار أصناف أخرى من المخدرات المصنعة محلياً، حيث كان يتراوح سعره بين 80 و100 دولار للغرام الواحد، أما بعد الأزمة الاقتصادية انخفض ليصبح بنحو 20 دولار وأقل، وهو ما لا يفترض أن يحصل لو كان مصدره خارجياً، بل يفترض أن يبقى ضمن حد قريب كسعر الكوكايين مثلاً، الذي لا يزال يحافظ على سعره القديم بكونه ومواده الأولية مستوردة من خارج البلاد وفق سعر الدولار.
يؤكد المصدر الأمني هذا الأمر أيضاً، فوفقاً للمعلومات المتوفرة لديه، بعدما كان يتم استيراده من دول مجاورة، فإن الكريستال ميث بات يصنع محلياً في لبنان في الآونة الأخيرة، “وهذا الأمر بات مؤكداً بالنسبة لنا، وهناك جهود أمنية تبذل حالياً على هذا الصعيد لا يمكن الكشف عن تفاصيلها، فضلاً عن تشدد في الرقابة على المواد الأولية التي يصنع منها”.
يذكر أن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أعلن عن ضبط أكثر من مليار قرص من مخدر ميثامفيتامين في شرق وجنوب شرق آسيا العام الماضي.
ورأى في تقرير له أن “الانتشار الكثيف لهذه المخدرات، عبر هذه المنطقة الشاسعة لهو دليل آخر على أن التصنيع غير المشروع هناك مستمر في التوسع دون رادع، حيث يتم إنتاج كميات هائلة من الميثامفيتامين، إلى جانب انخفاض عدد المؤثرات العقلية الاصطناعية الجديدة.
ورأى المكتب الأممي أن عصابات الجريمة المنظمة والعصابات المسلحة تقف وراء ازدهار هذه الصناعة، حيث أدت وفرة الإمدادات المرتبطة باستخدام المواد الكيميائية غير المنظمة إلى “انخفاض مستمر في أسعار المخدرات”، لا سيما الميثامفيتامين البلوري، الذي بات بأسعار أرخص ودرجة نقاء أعلى ما يجعله “المخدر الرئيسي الذي يثير القلق” في المنطقة.
مجتمع “الميم عين”.. الضحية الأكبر
يلفت المصدر الأمني إلى أن هذا المخدر “ينتشر على نطاق أوسع في أوساط المتحولين والمثليين جنسياً، ويتركز الاقبال عليه من قبلهم بسبب مفعوله الجنسي، حيث يزيد الشهوة الجنسية نحو 30 مرة أكثر من المعتاد”.
هذه المعلومة كانت قد تكررت أيضاً في الفيديو الترويجي لزياد السبلاني، حيث أشار إلى أن عقار “تينا” شائع في مجتمع “الميم عين” حول العالم كما في لبنان، وهو أمر واقع له أسباب عديدة، وفق السبلاني، على رأسها المفعول الجنسي لعقار “تينا” الذي يجعل متعاطيها أكثر انخراطاً في العملية الجنسية وتقبلاً فيها، “في وقت يتميز مجتمع الميم بأنه نشط جنسياً بمعدلات أعلى من غيره، ومع ذلك فإن استخدام هذا العقار خلال العلاقات الجنسية لا يقتصر على المثليين أبداً، بل ينتشر لدى مختلف التوجهات”.
يؤكد تاجر المخدرات أيضاً على أنه “ليس حكراً على المثليين كما يقال، لدي زبائن من مختلف التوجهات والأجواء يطلبونها ومدمنين عليها، خاصة من يحب شعور الاستيقاظ والنشاط كالكوكايين والأمفيتامين، تجد “تينا” مكان لها في مختلف الأجواء، إذ لا يقتصر استخدامها على الجنس والحفلات فحسب، لها استخدامات أبعد من ذلك بكثير وتدخل في أماكن وأجواء لا يمكن التنبؤ بها، يشتريها من يريد الجنس والسهر ويشتريها المحافظ والمتديّن، ويشتريها الطبيب والمهندس والطلاب وحتى أمنيون وحزبيون، وتباع في كل المناطق دون استثناء”.
من ناحيته، الأخصائي في تعزيز الصحة المجتمعية والناشط على صعيد الصحة والحقوق الجنسية لمجتمع “الميم عين”، حمزة الزهران، يصف في حديث لموقع “الحرة” انتشار الكريستال الميث في مجتمع “الميم عين” بحد ذاته أنه جائحة أو وباء، “كما كان يحصل في الستينات والسبعينات خلال وباء الـ HIV”.
ويضيف: “حين يقال أن مجتمع “الميم عين” الأكثر استعمالا لعقار “تينا”، هذا يعني أنهم الأكثر تضرراً منه والنسبة الأكبر من ضحاياه، ولديهم المسببات الرئيسية للمشكلة، التي لا يريد أحد الالتفات إليها، لا أتصور أن المثليين هم التجار والمروجين لهذه المخدرات وانما مستهلكين لها، وهنا السؤال لماذا ينتقل هذا المرض بنسبة أكبر في هذا المجتمع؟”
“هناك أمراض تنتقل بين فئات اجتماعية دون أخرى، وحين تُدرس يفهم السبب، مثلاً هناك مرض أسمه داء الملوك، ناتج عن تناول اللحوم بشكل كبير، وكان يسجل فقط لدى الأغنياء والملوك لكون الفقراء لم يكونوا قادرين على أكل اللحوم بهذا القدر، الأمر نفسه بالنسبة إلى المخدرات والكريستال ميث”.
ويرى الزهران أن التعامل مع هذه المشكلة خاصة في لبنان، يجري كما سبق للعالم أن تعامل مع HIV، “حيث نشهد انتشاره الكبير، ولكن نخشى الحديث عنه ونحوله إلى تابو، ويتم التعامل معه بطريقة غير سليمة صحيا واجتماعيا، إلى أن يخرج الأمر عن السيطرة كما بدأ يحصل اليوم”.
ويتابع: “الدولة اللبنانية حتى اليوم لا تعترف أصلا بوجود مثليين، فكيف لها أن تخاطبهم، حتى إجراءات الحماية والحملات التي تقام لمواجهة مرض نقص المناعة وحملات توزيع الأدوية كالـ prep (الوقاية قبل التعرض Pre-exposure prophylaxis)، تضطر الدولة لتمريرها تحت ستار المنظمات الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية حتى لا تضطر للاعتراف بهم. بالنسبة لها يجب أن يبقى مجتمع “الميم عين” موضوعا نخشاه ونخشى الحديث عنه وعن قضاياه ومشاكله”.
يضاف إلى ذلك، بحسب أخصائي الصحة المجتمعية، حالة التفلت الكبيرة في البلاد، بسبب كل ما تشهده من أزمات، وما ينتج عن ذلك من حالة اكتئاب جماعي، وتدهور نفسي عام يجعل الناس تهرب باتجاه أي شيء يبعدها عن الواقع أو يغيبها عما تعيشه، “لاسيما افراد مجتمع “الميم عين”، الذين يعانون في الأصل من تمييز واضطهاد اجتماعي ونبذ وتنمر، وقد يكونون بعيدين عن احتضان اجتماعي وأسري، بسبب شكلهم أو سلوكهم أو هويتهم الجندرية وتوجهاتهم الجنسية، وهذا يجعلهم عرضة بشكل أكبر بكثير للإدمان بصورة عامة”.
وبحسب الزهران لم يسجل لأي نوع من المخدرات أنه كان حكراً على نوع واحد أو توجه جنسي واحد، “لكن الفرق أن مجتمع الميم عين منغلق على نفسه في لبنان، والجميع يعرف بعضه ويتواصل ويخلق روابط، فالكل يعرف عن كل شيء ويجرب الأمور نفسها، وتنتشر بينهم أسرع، ولكن في الوقت نفسه اعرف كثير من المغايرين جنسيا في لبنان يتعاطون “تينا”، رجال ونساء”.
ويحذر الزهران من أن لبنان أصلا غير مؤهل للتعامل لا مع المادة ولا مع متعاطيها ولا مع خصوصيات المجتمعات الذي تنتشر فيه، “فمثلاً المادة منتشرة بكثافة اليوم في أوروبا والولايات المتحدة أيضاً، ولذا هناك سياسات محلية من أجل الحد من الضرر من خلال التوعية إلى طرق تعاطيها الآمنة وعدم الوقوع في مشاكل أخرى ترتبط بالصحة والسلامة، هنا بالإمكان الذهاب إلى طبيب وتلقي تعليم عنها ومعلومات علمية حولها، ونشط حملات التوعية في الملاهي الليلة وأماكن الاحتفال والرقص حيث تجد دائما وسيلة مساعدة وتوعية حولها وحول غيرها من المخدرات، أما في لبنان فكل ذلك غير متاح. وهنا الخطورة”.
ويخلص إلى أن “المشكلة ستكون كبيرة جداً ان لم يجدوا مقاربة واقعية وفعالة لها من الآن، وعلى رأسها الاهتمام بواقع مجتمع “الميم عين” في لبنان ومشاكله وتحدياته، لأنهم في النهاية جزء من المجتمع اللبناني، وما يصيبهم من شأنه أن يصيب الجميع”.
الإقلاع.. ليس مهمة مستحيلة
ومثلما يجري التسويق لميزات “تينا” في سياق ترويجها، يسود الاعتقاد بأن الإقلاع عن تعاطيها مهمة مستحيلة، وهو ما يخالف الواقع المثبت بتجارب المئات من الذين نجحوا في الخروج من دوامة “تينا”.
وفي هذا السياق، يؤكد السبلاني أنه وعلى الرغم من مخاطر إدمانه العالية جداً والسريعة أيضاً، إلا أن الترويج لكون التعافي من إدمانه مهمة مستحيلة هو تضليل “يسلب كافة المدمنين عليه أمل الشفاء من إدمانهم، وهذا علمياً غير صحيح، حيث بالإمكان واقعيا الشفاء من إدمان الكريستال ميث وهو لا يضاهي أيضاً إدمان الهيرويين كما يقال ويروج أيضاً، الكلام عن ذلك يساهم في استسلام المصابين بالإدمان فيما يحتاجون لدفع من أجل التعافي والإقلاع عنه الذي ما زال ممكنا إجراؤه حتى في المنزل دون الحاجة إلى مراكز علاج شرط أن تتوفر النية والإرادة والشروط الصحية”.
من جهته، مركز “سكون” ينصح أن يكون هناك تقييم شامل من قبل طبيب / طبيب نفسي، لتقييم ما إذا كان العلاج في المستشفى مطلوبًا أو يمكن إجراء الانسحاب في المنزل.
ويوصي أيضًا بالمتابعة مع المتخصصين في استخدام المواد المخدرة، نظراً لتأثيرات الكريستال ميث على المدى الطويل.
خاض نضال، 29 عاماً، تجربة الانسحاب في المنزل، بعد تعاطي الميث على مدى عام كامل، يعرض تلك التجربة لموقع “الحرة” في سبيل تعميم الفائدة لمن يحتاجها.
ويركز نضال بالدرجة الأولى على الحاجة إلى النوم المستمر، والذي قد يمتد على أسبوع أو أكثر، “كل ما على الشخص فعله أن يأخذ إجازة من عمله ومسؤولياته للفترة اللازمة، ويجد مكاناً آمناً ومطمئنا والأفضل أن يكون في منزله، لكي يشعر بالراحة التامة، على الشخص أن يسامح نفسه على النوم ويسمح لنفسه أن ينام كي يستعيد عافيته، قد تصل ساعات النوم إلى 20 ساعة يومياً، لا بأس بذلك، عليه أن يحب نفسه، فلا بأس بالكسل والارتخاء والشعور بالتعب، وحتى الانتكاس وارد جداً في البدايات لاسيما لمن لديهم تاريخ طويل مع الإدمان، الانتكاس جزء من عملية التعافي، الأهم عدم فقدان الأمل”.
ويشدد نضال على عدم القسوة على النفس وعدم الشعور بالخجل أو ضعف الثقة بالنفس “فهي الأسباب الرئيسة التي تقف خلف ادمان هذا المخدر تحديداً، وعدم الشعور بالذنب، أحياناً لا يلوم أحد المتعاطين، ولكن البارانويا التي يعانون منها تجعلهم يفكرون بذلك حيث تتحطم الثقة بالنفس”.
ويلفت إلى أنه “من الجيد وجود أشخاص تثق بهم إلى جانبك لمساعدتك وتشجيعك في هذه المرحلة، ولكن في الوقت نفسه يمكن القيام بها على انفراد وهذا ما فعلته أنا، لم أتعاط أي أدوية مساعدة أو بديلة ونجحت في الإقلاع عن هذا العقار بنفسي، لكن ذلك لا يمنع بللجوء إلى مراكز علاج متخصصة، إن كان الأمر ممكناً، والخضوع لبرامج علاج وإعادة التأهيل، حيث تسير الأمور تحت المراقبة وفي أجواء داعمة نفسيا وصحيا”.
أهم نصائح نضال، “قطع كل الصلات مع هذا المخدر، التوقف عن التواصل مع من يمثلون مصدرا له أو محفزا على استخدامه، لاسيما الذين لا يزالون يتعاطونه، والبائع الذي تشتري منه”.
الشعور الرائع لإقلاع عن المخدر يبدأ مع الأسبوع الأول، بحسب نضال، “حيث يستعيد الإنسان توازن طاقته ويبدأ يلمس أنه قادر على الشعور بالقوة والعافية والقدرة على الاستيقاظ والنوم بطرق منتظمة إلى حد ما، ويبدأ بعدها الشعور بقدرة ظن انه لن يختبرها مجدداً بدون تينا، ثم تحتاج الأمور من بعدها إلى التزام ومتابعة وتصبح أسهل بكثير”.
التقليل من الضرر.. أقل ما يمكن
ولأن هذا مشاكل كالإدمان لا يمكن معالجتها بين ليلة وضحاها، بحيث سيبقى هناك من يتعاطى المخدرات، ومن بينها الميث، تتجه دول عدة وجمعيات وجهات معنية إلى اعتماد سياسات تقليل الضرر بهدف الحد من المخاطر المرتبطة بتعاطي المخدرات للأشخاص الذين ينوون استخدامها.
وفي هذا الإطار، زود مركز “سكون” موقع “الحرة” بمجموعة نصائح عامة تمثل إحدى طرق تقليل أضرار استخدام المخدرات، من خلال توفير معلومات دقيقة وعلمية بتصرف من يعتزم استخدامها، وينصح المركز بما يلي:
• البحث عن المواد قبل استخدامها – لفهم آثارها على المدى الطويل والقصير ومعرفة ما يمكن توقعه
• تجربة جرعة صغيرة مع كل دفعة جديدة، فقد تختلف جودة المادة مع كل دفعة، جرب القليل بينما تكون متيقظًا فقط لتختبر كيف سيتفاعل الجسم معها وتجرع وفقًا لذلك.
• تتبع جرعاتك، فمن الممارسات الجيدة أن تكتب على هاتفك أو على ورقة منفصلة في كل مرة تتناول فيها جرعة وكميتها لتجنب الجرعات الزائدة.
• تجنب خلط المواد المخدرة في جلسة واحدة. إذ يضعف خلط المواد من تحمل الجسم ويزيد من الآثار السلبية للأدوية، مما يزيد من خطر تناول جرعة زائدة.
• احتفظ بأدواتك لنفسك لا تشارك الحقن وأدوات الاستنشاق وتجنب مشاركتها مع أشخاص آخرين من أجل منع الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية أو التهاب الكبد B أو التهاب الكبد C.
• من الأفضل دائمًا تجربة مواد جديدة في بيئة آمنة – من المهم أن تكون محاطًا جيدًا في حالة احتياجك للدعم، ومن أجل معرفة تأثيرات الدواء وحدوده بشكل صحيح وبدون أي ضغط.
• لا تستخدمها بمفردك – تأكد من أن شخصًا آخر على علم بمكان وجودك أو أنه معك أثناء استخدامك، في حال احتجت إلى أي نوع من الدعم.
• حافظ على رطوبتك – تأكد من شرب كوبين إلى ثلاثة أكواب من الماء في الساعة، أو أكثر إذا كنت تتعرق بشدة.
وفيما يخص مخدر تينا على وجه الخصوص، ولكونها ترفع من الرغبة الجنسية، بحيث يمكن أن يستمر الجنس أكثر من 24 ساعة، مما يزيد من خطر الإصابة الجروح والالتهابات، لذا ينصح باتباع إجراءات الوقاية الجنسية واجراء الفحوصات الدورية، واستخدام المزلقات وتبديل الواقيات الذكرية بعد نحو كل 30 دقيقة.
وفي حين أن السكتة القلبية ليست شائعة فيما يتعلق باستخدام الميث، ولكن المخدر يؤثر بشكل بالغ على نظام القلب والأوعية الدموية، لذا يجب التحقق من مشاكل القلب والأوعية الدموية قبل استخدام الميثامفيتامين، وعلى عكس الأمفيتامينات الأخرى، يُعتقد أن الجرعات الترفيهية من الميثامفيتامين يمكن أن تسبب تلف الأعصاب.
ولأن الميث يحرم من النوم والطعام لفترات طويلة، يزداد خطر الإصابة بالذهان، حيث يمزج المتعاطي بين الواقع والخيال دون القدرة على التفريق بينهما، يشتمل ذلك على جنون العظمة والقلق والأوهام والهلوسة البصرية والصوتية والتهيج والسلوك العدواني، والتعامل مع المصاب بالذهان يجب أن يتم بهدوء ومحاولة تأمينه بالدرجة الأولى، حيث من الشائع أن يصاب بالارتباك والخوف، ويمكن أن يشعر بتعرضه لأخطار غير موجودة، وهنا من المفيد التقارب مع المصاب ومحاولة تشتيته عن ما يفكر به من خلال طرح أسئلة حول مواضيع أخرى أو تهدئته او حتى معانقته بلطف إذا أمكن.
وفيما يلي وصف لما قد يبدو عليه شعور الجرعة الزائدة من الكريستال ميث، فالزيادة الطفيفة قد تنعكس على شكل عدم انتظام في ضربات القلب وضغط الدم، شعور بالالتباس والتشتت أو الإضراب والهلع، ألم خلال التبول، ارتفاع في درجة الحرارة وآثاره، ارتعاش في الجسم و العضلات، ألم عضلي، تنفس سريع وغير منضبط.
أما بالنسبة إلى الجرعة الزائدة بنسبة أكبر، فقد تؤدي إلى حالة الذهان، فقدان الوعي، توقف التنفس، توقف القلب، انخفاض ضغط الدم، وبرودة الجلد، والدوخة، النزيف الدماغي ما قد يسبب صداع شديد أو فقدان الوعي، ومن المحتمل أن تؤدي جرعة زائدة من الميثامفيتامين إلى تلف دائم في الدماغ والجهاز العصبي.
تجدر الإشارة إلى أنه يمكن اللجوء في لبنان إلى المستشفيات لتلقي المساعدة الصحية في حال التعرض لجرعة زائدة من المخدرات، حيث تمنع وزارة الصحة اللبنانية على المستشفيات إبلاغ القوى الأمنية عند وصول حالات تتعلق بتعاطي المخدرات، وذلك من أجل حث المدمنين والمتعاطين على تلقي الرعاية الصحية في الحالات الطارئة، بدلاً من الخوف من العواقب القانونية، وذلك للمساهمة في التقليل من الوفيات والأضرار الصحية الناجمة عن المخدرات.
حسين طليس – الحرة