صلاح سلام – اللواء
ما جرى في مجلس النواب أمس هو صورة من مشاهد الإحتقان التي تلف الشارع، بمختلف ألوانه الطائفية، وعلى إمتداد جغرافيته المناطقية، نتيجة الخلل الحاصل في تركيبة السلطة، بسبب الشغور في رئاسة الجمهورية، وما يرافق هذا الشغور من خطاب طائفي بغيض، يحاول أصحابه، تغطية فشلهم في إنتخاب الرئيس الماروني العتيد، وإعادة التوازن إلى معادلة الحكم، بعيداً عن عنتريات المزايدات الفارغة، التي تضر بالوطن، وتعرّض أمنه القومي للخطر.
يبدو أن الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي أدركا أسرع من غيرهما من القيادات السياسية والحزبية، مغبة التراخي أو التجاهل في التعامل مع تداعيات هذا الإحتقان المستعر، فبادرا كل من جانبه إلى إطفاء النيران في مهدها، قبل أن يشتد أوارها وتأكل الأخضر واليابس من بقايا الشراكة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين.
الرئيس ميقاتي عمد إلى إلغاء قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي، قاطعاً الطريق على حملات الإستغلال الطائفي لهذا الخطأ غير المبرر، والذي لا علاقة له بصيام المسلمين لا من قريب ولا من بعيد، لأن قاعدة الصيام مرتبطة بشروق الشمس وغروبها، بمعزل عن التوقيت الزمني، القائم على نظام الساعة، فيكون بذلك سحب فتيل الفتنة من الشارع.
والرئيس برّي سارع إلي تطويق الإشكال الناري بين النائبين سامي الجميل وعلي حسن خليل، الذي حصل إبان مناقشات جلسة اللجان المشتركة، وخرج عن حدود اللياقات السياسية، وكاد يتطور إلى صدام شخصي بينهما.
وهنا لا بد من التنويه بما أظهره رئيس حرب الكتائب النائب سامي الجميل من حصافة وحكمة، عندما امتنع عن الحديث عما حصل مع زميله الخليل إلى الإعلام، واضعاً المسألة في عهدة الرئيس برّي، الذي بادر فوراً إلى الطلب من معاونه السياسي النائب الخليل الإعتذار من زميله الجميل وطي صفحة الإشكال المؤسف بينهما، حتى لا يعطي فرصة للمصطادين في المياه العكرة، إستغلال هذا الإشكال العارض.
لبنان قادر على تجاوز قطوعات الفتنة في هذه المرحلة الحرجة، عندما يحل التفاهم مكان التنابذ، وتتغلب الحكمة وضوابط الخلافات على كل ما عداها من خلافات، وتبادل الإتهامات.
قدر لبنان أن يكون اللبنانيون معاً في السراء والضراء ولو كره المتضررون.