الإثنين, نوفمبر 25
Banner

رشيد نخلة 150 عامًا على ولادة “الشاعر السماوي” والأمير الرشيد

سليمان بختي – النهار

#رشيد نخلة (1873-1929) أمير الزجل وواضع النشيد الوطني وابنه أمين (1901-1976 ) الذي بوأه أمير #الشعراء #أحمد شوقي إمارة الشعر وليا لعهده من بعده. شاعر وأديب وصحافي وزعيم سياسي. يعود نسب أسرته إلى بني هاشم العرب الحسينيين، نزحت عائلته من الحجاز إلى لبنان في القرن السابع للميلاد.

هو رشيد بن سعيد بك بن جرجس نخلة. والده كان ضابطا في الجيش العثماني تولى مديريتي سوق الغرب والعرقوب ونال لقب بك من الدولة العثمانية والوسام المجيدي والميدالية الحجازية. ولد في الباروك في العام 1873 وهذه السنة هي الـ 150 لولادته. تلقى تعليمه في مدرسة عين زحلتا ثم في مدرسة سوق الغرب الأميركية. تولى مناصب عدة منها “مدير العرقوب” خلفا لوالده ثم قائمقام جزين ثم مديرية دير القمر. أسس عام 1912 “جريدة الشعب” ومركزها عين زحلتا وكانت توزع مجانا في سبيل الحرية ولوجه الأدب. عندما عهد بها في العام 1925 إلى إبنه أمين كتب له: “فكن أنت برًّا يا أمين بعهده/ ومثلك من من يعهد الوفا”. بعد اشتعال الحرب العالمية الأولى 1915 نفي رشيد نخلة مع بعض أعيان لبنان إلى فلسطين. ضج الحنين به إلى لبنان وإلى وادي الصفا فكتب: “يا صفا العيش على وادي الصفا/ حسب حظي فيك ذكرى وكفى”. وبحسب كتاب جوزف أبي ضاهر “أمير الزجل” 2010، عاد رشيد من المنفى إلى لبنان ليواجه بطلب نفيه إلى الأناضول فتسلح وتخفى في الأودية ثم شكل حركة الفدائيين اللبنانيين في بيت الدين وصمم لها راية بيضاء في وسطها أرزة خضراء.

بعد إعلان دولة لبنان الكبير 1920 عين مفتشا للأمن العام ثم عين في العام 1925 محافظا لمدينة صور وأحيل على التقاعد في العام 1930. من مؤلفاته: “غريب الدار” 1898 و”العواطف اللبنانية” 1910. عام 1925 فاز بمسابقة النشيد الوطني “كلنا للوطن” وحفر إسمه إلى جانب النشيد في 53 كلمة. طلب رشيد نخلة أن تذهب قيمة الجائزة المالية إلى الفقراء. فكتب إليه وزير المعارف يسأله “إعلامنا الجهة التي تريدون أي ينحصر المبلغ فيها”. وجاء جواب الشاعر:

“الفقراء كما لا يخفى على الوزير الصديق، متكافئون في الحرمان، متماثلون في الخيبة، وفي تأخر رحمة الله التي وسعت السماوات والأرض وضاقت عليهم. فهو يرى معي، ولا ريب، أنه لا يجوز أن يفضل بعض الفقراء على بعض، في هذه العطية التي هي جهد المقل، والتي لا تغني عن فقر. ولكن معناها يدخل على أولئك المحزونين في ظل الحياة شيئا من البهجة، ويمثل لهم في صورة صادقة، صناعة المشتغلين بعواطف القلوب”.

جمع رشيد نخلة شعره الفصيح في ديوان بعنوان “ديوان الشاعر السماوي” بحسب وصف ولي الدين يكن له. أما الزجل فبرأيه هو لغة المهد وأن الأديب العربي إنما هو مترجم خواطره ترجمة. أي على عكس الشاعر العامي الذي يلقي فكرته إلى لسانه دون حاجة إلى الترجمة. إذ يفكر باللغة التي يكتب فيها. أما الأديب العربي فهو يفكر بالعامية ويكتب بالفصحى. أول كتاب زجل ظهر له هو رواية “محسن الهزان” 1926. في أيلول 1934 كتبت “نوفيل ليترير” الفرنسية عن رشيد نخلة أنه “مسترال لبناني”. وكتب الكاتب والسياسي الفرنسي موريس بارس بعد إطلاعه على زجل رشيد نخلة: “الآن عرفت ما كنت أجهله. أنتم جماعة الشعراء الشعبيين، تعيشون في بيوت الناس، ونحن نعيش في كتبهم فلا بدع إذ نراكم أشد حرارة منا”. بويع بإمارة الزجل عام 1933 ولم يحضر حفل مبايعته لسبب بتر ساقه.

جمعت أزجاله بعد وفاته بعنوان “معنّى رشيد نخلة” 1946 في إشراف إبنه أمين. وهو كان نشرها في “البرق” و”المعرض” و”المكشوف”. صدر له كتاب “المنفى” 1956 بتقديم أمين نخلة. أما المخطوطات فـ:”عنتر” و”كتاب الماضي” و”مذكرات رشيد نخلة” و”رسائل رشيد نخلة”. التقى في شعر رشيد نخلة وزجله جمال الصورة وقوة الوصف وتوهج النفس وبلاغة التعبير.

غنت من أشعاره فيروز أغنية “أهلا وسهلا” ومن ألحان الأخوين رحباني. كما غنى له وديع الصافي “قلت وقالت” و”صار الحكي بيناتنا من دون حكي”. وغنى له سعيد الأطرش “ولفي جفاني”. ومن أزجاله نختار “الله معك يا إم القميص الزهر/ زهر الربيع هفهف ع حفة نهر/ ربك خلق كل الدني بأسبوع/ لكن عليك ضل ينحت شهر”.

توفي رشيد نخلة في سنة 1939 وأقيم له مأتم رسمي وشعبي في الباروك. يوم وفاته وقف المطران أوغسطين البستاني أمام سطوح آل علوان ونادى “بناء على وصية الفقيد الكبير تحذير تحذير” يمنع منعا باتا حمل النعش إلا من قبل دروز الباروك فقط”. منح وسام الإستحقاق المذهّب وأطلق إسمه على شارع في منطقة الظريف. وشيد له ضريح في العام 1950 وأقيم تمثال له ونقل رفاته إليه في العام 1966.

لا تزال كلمة الأمير الرشيد تسمع في طول البلاد وعرضها كلما عزف النشيد وردده المنشدون. ولا تزال أزجاله تستعاد، ولا تزال كلماته في احتقار السياسة في لبنان تتجلى حين وصفها “السياسة قبر المروءة وحرفة المصلحة وصناعة الحيلة”.

Leave A Reply