ايفا أبي حيدر ـ الجمهورية
يعيش لبنان ساعات حاسمة قد ينفصل على أثرها عن شبكة التواصل العالمي اذا ما طرأ عطل على السنترالات الاساسية في ظل استمرار إضراب موظفي اوجيرو، والاخطر في هذه المرحلة تقدّم خدمة الانترنت غير الشرعي على الشرعي منها في تعويمٍ فاضح «لأصحاب إنترنت الحي» بما يُذكّر ببدايات انتشار أصحاب المولدات الخاصة.
تطورات دراماتيكية شهدها قطاع الانترنت والتخابر في الساعات الاخيرة، فوزير الاتصالات جوني القرم في تَسابق ما بين انهيار القطاع والوقوع في المحظور الذي لن يسلم منه لا قطاع خاص ولا قطاع عام ولا حتى شركتي ألفا وتاتش. فلبنان مهدد بانعزاله عن العالم في ظل استمرار اضراب موظفي اوجيرو للاسبوع الثاني على التوالي، وقد بدأت السنترالات تتوقف تباعاً في المناطق. وقد برز بنتيجة ذلك ارتفاع الطلب على خدمة الانترنت غير الشرعي التي لم تتأثر حتى الساعة بالاضراب، لا بل على العكس زاد رصيدها لدى المشتركين المرغمين باللجوء اليها تلبية لاعمالهم وتسيير امورهم.
ad
في السياق، شرحت خبيرة في مجال الاتصالات لـ»الجمهورية» ان خدمة الانترنت تصل الى المواطنين عبر عدة طرق، هي: إمّا عبر «أوجيرو» والشركات المرخصة اي خدمة DSL والفايبر، وامّا عبر شركتي تاتش وألفا اللتين تبيعان خدمة 3G و 4G، أو من خلال الشركات غير المرخصة.
وتابعت: عندما تتعطل خدمة أوجيرو نكون أمام خطرين: الاول، التغذية الدولية التي تصل الى المراكز الاساسية الستة في لبنان منها سنترال رأس بيروت والجديدة وطرابلس… فإذا توقف عملها نكون امام خطر انقطاع التغذية الدولية للانترنت عن كل البلد، في هذه الحال تتوقف شركات الانترنت الشرعي وغير الشرعي وشركتي تاتش والفا.
أما الخطر الثاني فيكمن في توقف او تعطّل عمل سنترالات اوجيرو في المناطق، وفي هذه الحال يتوقف فقط الانترنت عن المستخدمين المرتبطين بخدمة هذا السنترال، والذين هم على الشبكة الشرعية. فعلى سبيل المثال عندما توقف العمل بسنترال انطلياس تضرر فقط المستخدمون المرتبطون بهذا السنترال والمشتركون بالشبكة الشرعية اي اوجيرو او القطاع الخاص المرخّص، لافتة الى ان هؤلاء يشكلون على صعيد كل لبنان نحو 400 الف مستخدم في مقابل مليون مستخدم لدى الشبكة غير الشرعية.
ورداً على سؤال، أوضحت الخبيرة ان الاعطال التي تطال سنترالات اوجيرو المناطقية لا تؤثر على الانترنت غير الشرعي لأن لهؤلاء شبكاتهم وامداداتهم الخاصة في الاحياء وهم لا يتّكلون على شبكة اوجيرو الداخلة بالسنترالات، إنما فقط يتأثرون في حال تعطلت التغذية الدولية الواصلة الى السنترالات الاساسية في لبنان.
ولفتت الخبيرة الى انه حتى الآن صدر أكثر من تطمين من قبل موظفي اوجيرو انّ السنترالات الاساسية للبنان ستبقى بمأمن عن الاضراب والتعطيل، لكن في حال طرأ عطل ورفضوا إجراء التصليحات اللازمة فستتوقف كل الاعمال في البلد، لذلك نحن في خطر.
واشارت الى ان هذا الاضراب هو ضد الدولة ويؤذي مصالحها أكثر مما يؤذي مصالح الانترنت غير الشرعي والشركات المرخصة، والخطورة تكمن في تحوّل مستخدمي اوجيرو والشركات الشرعية، وهم نحو 400 الف مستخدم يؤمّنون باشتراكاتهم إيرادات للدولة، الى الانترنت غير الشرعي بما يعني تعويم القطاع غير الشرعي.
هل يتسلم الجيش القطاع؟
وعن تسلّم الجيش لإدارة القطاع أكدت الخبيرة أنه رغم أحقية مطالب موظفي أوجيرو والتأييد الكامل لهم، لكن في ظل خطورة الوضع وتأثر أعمال الشركات الخاصة بهذا الاضراب لا سيما تلك المرتبطة بعقود عمل مع الخارج، يمكن ان يكون تسلّم الجيش ادارة القطاع جزءاً من الحل، بمساعدة خبراء ألفا وتاتش. عدا عن انّ هذا اللااستقرار في القطاع سيكون سبباً لهروب الاستثمارات او انسحاب بعض الشركات من لبنان.
وكان وزير الاتصالات جوني القرم قد أجرى مشاورات امس مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي طلبَ «تدخّل الجيش لاستلام قطاع «أوجيرو» بالكامل». هذه الخطوة خلقت حالاً من الغضب والاستنكار بين المستخدمين والعاملين في هيئة «أوجيرو»، واعتبروها كسراً لإضراب العاملين الذين اعتبروه «تَنصّلاً لوزير الوصاية من تحمّل مسؤولياته».
ولاحقاً أعلن المجلس التنفيذي لنقابة «أوجيرو» في بيان «ترحيبه بالجيش اللبناني حامي الوطن والقلعة الصامدة المنيعة»، مؤكداً أنّ «جميع المراكز والمكاتب هي بتصرّفه من المركز الرئيسي إلى آخر مركز على مساحة الوطن». وأكد المجلس «استمراره في الإضراب المفتوح واستعداده لمتابعة التفاوض حينما تهدأ النفوس».
القرم: لجلسة حكومية طارئة
وفي بيان أصدره القرم أمس، جدّد التأكيد على أن أيّ قرار يتعلّق بشؤون الموظفين سواء كان إيجابياً أو سلبياً، أو يصبّ لمصلحتهم أو لا، أو أي قرار مالي بالصرف والقبض، ليس من صلاحيته كوزير، إنما هذه أمور مُناطة بمجلس الوزراء. وإذ جدّد تأكيده أنه يتفهّم هموم موظفي هيئة «أوجيرو» ويَعي أحقية مطالبهم، وأنه يلعب دوره كوسيط ما بين النقابة والمسؤولين المخوّلين اتخاذ القرارات، أكد أنه يسعى بكافة الوسائل المتاحة أمامه والتي يسمح بها القانون، إلى نقل طلبات الموظفين وهمومهم إلى سلطة القرار. ودعا مجلس الوزراء الى عقد جلسة طارئة وعلى جدول أعمالها ملف موظفي هيئة «أوجيرو».