نذير رضا – الشرق الأوسط
احتوت الحكومة اللبنانية جزءاً من أزمة رواتب الموظفين، بصرف الرواتب بالدولار الأميركي على منصة «صيرفة» العائدة لمصرف لبنان المركزي، بسعر أقل من ثلث سعر الدولار على المنصة نفسها، وبنحو نصف سعره في السوق الموازية، وذلك في مسعى لتعويض قيمة الرواتب المتدهورة.
وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن القرار اتُّخذ بصرف الرواتب على سعر صرف 60 ألف ليرة للموظفين، وطلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة موافقة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير المال يوسف الخليل، ولفتت المصادر إلى أن القرار يدخل حيز التنفيذ لجميع موظفي القطاع العام بمن فيهم العسكريون في الخدمة الفعلية والعسكريون المتقاعدون، يوم الاثنين المقبل، حين يحوز القرار توقيع ميقاتي، بعد أن حاز (الجمعة) موافقة وزير المال.
وقبل عامين، أطلق مصرف لبنان المركزي منصة «صيرفة» التي توفر الدولار النقدي على سعر صرف أقل من سعره في السوق السوداء. ويبلغ سعر صرف الدولار على منصة «صيرفة» 90 ألف ليرة، بينما يبلغ في السوق السوداء 110 آلاف ليرة، وتُصرف الرواتب للموظفين من وزارة المالية بالليرة اللبنانية، لكنهم يبادلونها في المصارف وماكينات الصرف الآلي بدولارات على سعر «صيرفة». وتعد هذه الخطوة دعماً ومساعدة إضافية للموظفين الذين تدهورت قيمة رواتبهم.
وقالت مصادر مصرفية إنها أُبلغت أمس باعتماد سعر «صيرفة» بـ60 ألف ليرة للعسكريين بدءاً من يوم الجمعة، أما الموظفون المدنيون فبدءاً من يوم الاثنين. وقالت المصادر إن الاتفاق تم، لكن لم يتم تنفيذه أمس (الجمعة)، لأن التبليغ جاء متأخراً بعد انتهاء الدوام الرسمي.
ومن شأن هذه الخطوة أن تفرض أعباء إضافية على مصرف لبنان، لكنّ مصادر مالية أكدت لـ«الشرق الأوسط» إن الاتفاق قضى أيضاً بأن تُحمّل فوارق الأسعار لوزارة المال.
وبهذه الخطوة، سيصرف الموظفون رواتبهم بسعر صرف أقل بنسبة الثلث من سعره على «صيرفة». فمن يبلغ مجموع راتبه مع المساعدات والحوافز الأخرى، 9 ملايين ليرة على سبيل المثال، سيتقاضى 150 دولاراً الآن، بزيادة 50 دولاراً على ما كان سيتقاضاه لو كان وفق سعر الصرف الأساسي لمنصة «المركزي». وفي الوقت نفسه، سيتمكن من بيع راتبه في السوق الموازية بزيادة كون سعر صرف الدولار في السوق الموازية يبلغ 110 آلاف ليرة.
وتأتي هذه الخطوة الحكومية، بعد تمنع الموظفين عن تقاضي رواتبهم. وشملت حملة التمنع، العسكريين في الخدمة الفعلية الذين أعلنوا رفضهم سحب رواتبهم على سعر صرف 90 ألف ليرة لمنصة مصرف لبنان، كذلك العسكريين المتقاعدين والموظفين المدنيين.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تدخل حكومي لم يُعرف ما إذا كان لمرة واحدة فقط، بهدف مساعدة الموظفين على دفع جزء من التزاماتهم، لكن الخطوة لم تسهم في إعادة الموظفين الذين دخلوا في إضراب مستمر قبل 3 أشهر، إلى دوائر عملهم. وقالت مصادر وزارية إن درس هذا الملف سيتم يوم الاثنين في الجلسة الحكومية المزمع عقدها في السراي الحكومي، وتأجلت من الأسبوع الماضي. وتخصص لمعالجة ملفات معيشية ومالية في ظل تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية، وفي مقدمها ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى مستويات غير مسبوقة، وتدهور قيمة رواتب القطاع العام.
وفقدت العملة الوطنية قسماً كبيراً من قيمتها الشرائية، ما دفع التجار للتحول باتجاه دولرة الأسعار، فيما لم ترتفع قيمة رواتب الموظفين الذين تفاقمت معاناتهم في الأشهر الأخيرة بشكل كبير، مع ارتفاع سعر صرف الدولار من 40 ألف ليرة للدولار الواحد، إلى 110 آلاف ليرة، خلال أربعة أشهر.