لم يبق سوى المستشفيات الحكومية آخر ملاذ للمرضى العاجزين عن الاستشفاء في المستشفيات الخاصة، وفي ظل انحسار التقديمات الصحية من المؤسسات الضامنة، لم يبق غير هذه المستشفيات كي تتوقف عن العمل، وعندئذ يكون القطاع الاستشفائي قد انهار، لينضم الى المؤسسات العديدة كقطاع الاتصالات والتعليم والزراعة والدواء والمتقاعدين العسكريين، التي تنهار واحدة تلو الآخر..
أمس، حذرت نقابة العاملين في المستشفيات الحكومية من توقفها عن العمل إن لم يتم تصحيح رواتبهم التي فقدت قيمتها خمسين بالمئة من قيمتها جراء صرفها على سعر صيرفة 90 ألف ليرة، مما ادى الى اشكالية معيشية لدى كافة العاملين في القطاع الاستشفائي الرسمي، عدا عن حرمانهم من التقديمات الاجتماعية والصحية، ويعجزون عن مداواة انفسهم في حين يقدمون التضحيات في سبيل مرضاهم الذين يقصدون المستشفيات الحكومية.
ماذا يحصل في الشمال في حال توقف العاملون في المستشفيات الحكومية؟؟ دائما يأتي الشمال في المرتبة الاولى من حيث التأثر بتداعيات اي اضراب او عجز او ازمة تصيب اي قطاع من القطاعات الحيوية في البلاد.
فالواقع الاستشفائي في الشمال، خاصة في طرابلس وعكار والمنية والضنية مصاب بازمات نتيجة المتغيرات المالية في سعر صرف الدولار، الى ازمة المصارف، وارتفاع تكاليف الاستشفاء التي حددت بالدولار..
مستشفيات خاصة عديدة قلصت من اجنحتها الاستشفائية والطبية، واقفلتها إما لتوفير مصاريف المحروقات، او لانخفاض اعداد مرضى الضمان والتعاونية ومؤسسات ضامنة اخرى لا تزال تسدد النفقات على سعر صرف الدولار 1500 ليرة، ولعدم قدرة هؤلاء المرضى تسديد الفارق الكبير وبالعملة الاميركية.
وبرأي مراجع صحية لـ”الديار”، انه في ظل هذا الواقع كان يفترض ان توسع وزارة الصحة من مساحة دعمها للمستشفيات الحكومية، وتوفير كل مستلزمات الدعم المادي والمعنوي واللوجستي كي تبقى عاملة في خدمة المرضى من ذوي الدخل المحدود، ومن غير المضمونين.. الا ان المفاجأة اتت بصرف الرواتب على منصة صيرفة 90 ألف ليرة، دون أن يشملهم الاتفاق الذي طال موظفي الادارة العامة، والقطاع العام عامة.. هذه المفاجأة اصابت العاملين بالمستشفيات الحكومية بصدمة، الامر الذي دفع بالهيئة التأسيسية لنقابة العاملين في المستشفيات الحكومية الى الاستنفار والتهديد بالتوقف عن العمل، ما لم يجري المسارعة الى تصحيح سعر صرف منصة على غرار القطاعات العامة الاخرى..
توقف العمل في المستشفيات الحكومية، خاصة في الشمال، ستكون له تداعيات خطيرة تتعلق بالمرضى وبالخدمات الاستشفيات لشرائح واسعة من المواطنين، ويعني ذلك ان البلاد باتت في نفق مظلم على كل الاصعدة، وبالتالي لا يعني ذلك سوى استقالة وزارة الصحة ومعها حكومة تصريف الاعمال من كل مهامها في رعاية صحة وسلامة المواطنين كافة…”.