الأحد, نوفمبر 24
Banner

الديار: لقاء عون ـ الحريري لإرضاء الرئيس الفرنسي: «كسر جليد» ولا تقدم جدي؟

على وقع تحذير الامم المتحدة من كارثة اجتماعية في لبنان، انتهى اليوم السياسي الاقتصادي «الماراتوني» بين بعبدا والسراي الحكومي «بصفر» نتائج، عمليا لقاء بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لم يتجاوز «كسر الجليد» بين الرجلين، والاتفاق على لقاء جديد يوم غد، لم يحمل الحريري تشكيلة «امر واقع»، عرضه لا يزال غير مكتمل وسط استمرار الخلاف على تسمية الوزراء المسيحيين. ويمكن القول ان الهوة لم تردم بعد، لكن كلاهما يحتاجان الى «حركة» ولو كانت «دون بركة» لارضاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عشية زيارته المرتقبة الى بيروت فيما يستمر في التعبير عن «الاستياء» من الواقع اللبناني. ويبدو ان الجميع بانتظار الاستراتيجية الاميركية الجديدة مع دخول الرئيس جو بايدن الى البيت الابيض إذ تشير التسريبات الاسرائيلية الى وجود تغيير نمطي في الضغط مع استمراره بأوجه جديدة ـ قديمة تضع لبنان مجددا امام الخيارات الصعبة. وفيما استدعت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للمثول امامها الخميس المقبل، وذلك للاستيضاح منه حول ملف الهدر الحاصل بالدولار، لا يزال «التخبط» سيد الموقف اقتصاديا، حيث تغرق حكومة تصريف الاعمال باجتماعات «عصف فكري» لمحاولة ايجاد حل لمشكلة «تبخر» دولارات الدعم حيث يتم تدوير الزوايا وتقديم الحلول تحت عنوان «الترشيد» لا «الرفع».

تحرك لارضاء ماكرون؟

حكوميا، لم تردم الهوة بعد بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، خصوصا في مسألة تسمية الوزراء المسيحيين، وما حصل لقاء «كسر جليد» اراد من خلاله الحريري الإيحاء لفرنسا عشية زيارة رئيسها ايمانويل ماكرون بيروت خلال اسبوعين، إنه يعمل فعلا لتشكيل الحكومة، بعد اعتكافه لنحو ثلاثة اسابيع عن التحرك. ووفقا للمعلومات، لا جديد يمكن الحديث عنه بعد لقاء الرئيسين بالامس، وقد كررالرئيس الحريري اصراره على تشكيل حكومة المهمة التي تتناسب وجوهر المبادرة الفرنسية، فيما يصر الرئيس ميشال عون على شروطه للتشكيل وأهمها وحدة المعايير وعدم تجاوز الكتلة المسيحية الكبرى في مجلس النواب، التي لها الحق في اختيار وتسمية وزرائها في الحكومة الجديدة، مع عدم ممانعته ان يكونوا من ذوي الاختصاص والكفاءة. ووفقا للمعلومات، كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ينتظر مسودّة حكومية مكتملة من 18 وزيرا، لكن هذا لم يحصل، الامر الذي حتم اللقاء الثاني غدا علّ الحريري ينجح في تذليل التعقيدات، ذلك ان الرئيس عون يصر على تسلم تشكيلة كاملة بما فيها اسماء الوزراء الشيعة. لكن الحريري لم يحمل معه اي اسماء لها علاقة بالثنائي الشيعي الذي لم يطرح اي اسماء بعد بانتظار توافق الرئيسيين اولا، وفي هذا السياق، يبدو موقف حزب الله واضحا في دعم مطالب الرئيس عون.

وأكد الحريري بعد اللقاء انه سيعود غدا الأربعاء للبحث مع رئيس الجمهورية في التشكيلة الحكومية وقال «انشالله منشوف»… ووفقا لاجواء تيار المستقبل، لا اختراقات كبيرة يمكن الحديث عنها، «فاللقاء الذي حصل امس هو الاتصال الأول منذ ثلاثة أسابيع، والاهم ان الملف عاد للتحرك، وقد حصل نقاش بالجو العام والأسباب التي أدت إلى توقف التواصل، كما تم تقديم طروحات بالحلول الممكنة للعقد التي تحول دون التأليف، وذلك دون التوصل الى تفاهم يتيح للحكومة ان «تبصر النور». لكن تحديد موعد جديد يوم الاربعاء، يمنح كلا الطرفين الوقت لمراجعة مواقفهما علّ الساعات المقبلة تحمل جديدا يساعد على تجاوز العقبات. ووفقا لتلك الاوساط، لن يحيد الحريري قيد أنملة عن المبادرة الفرنسية وليس في نيته الدخول في مزايدات شعبوية أو مهاترات تؤخر ولادة الحكومة.

لا تحول حكومي هذا الاسبوع !

من جهتها، استبعدت اوساط سياسية متابعة لملف التأليف، ان يشهد هذا الاسبوع تحولاً في مسار تأليف الحكومة لأن الرئيس الحريري غير مستعجل على ما يبدو لتلقف «كرة النار» الاقتصادية ولا يملك البدائل التي تمنع البلاد من «السقوط»، خصوصا ان الضمانات الخارجية لحصول حكومته على المساعدات غير متوافرة بعد على الرغم من الاندفاعة الفرنسية التي تبقى قاصرة عن تقديم ما هو مطلوب في غياب الدعم الاميركي غير المتوافر حتى الان في الفترة الانتقالية الرئاسية، ولهذا من المنطقي ان لا يستعجل الرئيس المكلف في المغامرة حكوميا قبل دخول جو بايدن الى البيت الابيض، خصوصا ان بعض المؤشرات بدأت تصل الى بيروت حول تغيير متوقع في مقاربة الادارة الجديدة لملف الصراع مع ايران وحلفائها في المنطقة.

ماكرون «مستاء»

وقد حضرت الازمة اللبنانية في باريس، وعبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي عن استيائه من الجمود الحاصل، وقال ان «لبنان يعاني من عدم تنفيذ المسار السياسي المطلوب ويجب ألا يبقى الشعب رهينة بيد أي طبقة سياسية». من جهته، دعا الرئيس المصري كل القوى السياسية اللبنانية لتشكيل حكومة تواجه مشاكل البلاد واضاف «نحن لن نتخلى عن لبنان».

غموض ادارة بايدن؟

في هذا الوقت، اكدت اوساط دبلوماسية اوروبية انها لم تجد اجوبة واضحة من الادارة الاميركية الجديدة حول الاستراتيجية المقبلة تجاه لبنان، ولفتت الى ان ما فهمته من خلال الاتصالات الاولية مع مسؤولين في الادارة الجديدة يشير الى ان الملف اللبناني سيكون جزءاً من كل، وليس وحدة منفصلة عن ملفات المنطقة، وما ستؤول اليه الامور في الملف الايراني والعلاقات مع دول الخليج سيكون له تأثير مباشر بالساحة اللبنانية.

هذه المعلومات التي تبلغها المسؤولون اللبنانيون، بمن فيهم الرئيس المكلف سعد الحريري، تقدم تفسيرا واضحا عن حالة «المراوحة» في تشكيل الحكومة، وما لم تصل مؤشرات ملموسة الى بيروت سيبقى الرهان على «الولادة» القريبة للحكومة العتيدة غير دقيق، الا اذا قررت ادارة ترامب صراحة تجميد سياستها على الساحة اللبنانية وتوريث الملف للادارة الجديدة، وهذا ما لا توجد مؤشرات حوله حتى الان.

وفي هذا السياق، تحذر تلك الاوسط، من الرهانات على عودة سريعة للولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع ايران لان طهران ليس لديها الكثير من من الأسباب كي تثق بواشنطن، فيما يتبنى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو ومعه حلفاؤه العرب الجدد، وبعض الاوروبيين، موقفا متشددا من هذا الملف، قد يؤدي الى حالة من «الشلل» في واشنطن، وهذا ما سيؤدي الى تمديد الازمة اللبنانية.

استراتيجية جديدة؟

وما لا يعرفه الاوروبيون، يبدو ان الاسرائيليين على دراية به، وهو ما يضع لبنان مجددا في دائرة الاستهداف، لكن عبر العودة الى «الحرب الناعمة» حيث ستكون الساحة اللبنانية امام امتحان جديد وخطر عنوانه التعاون العربي ـ الاسرائيلي برعاية اميركية لمحاصرة ايران. ووفقا لصحيفة «هارتس»، سيكون من الأسهل تطبيق استراتيجية أخرى، مغايرة عما اعتمده الرئيس ترامب، وذلك من خلال الاعتماد على المهارة المالية والتجارية للدول العربية، التي تستطيع التغلب على إيران عبر تجنيد موارد عربية من أجل المنافسة مع طهران وهو أمر عملي أكثر من استخدام القوة. وبحسب الصحيفة، فإن اتفاقات إبراهيم مع البحرين والإمارات واللقاء بين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تمنح إسرائيل قوة لإقناع شركائها العرب بإعطاء فرصة لمنافسة غير عسكرية مع إيران. لهذه الدول، خاصة الإمارات والسعودية، موارد لتعرض ثمناً أعلى من إيران في كل ساحة، ويمكن القول ان «الاحتكار» الذي تحظى به ايران أو تحاول تطويره في العراق وسوريا ولبنان، سوف يتقلص.

مقاربة ترامب لم تنجح

ووفقا لمعلومات «هارتس»، فإن إدارة ترامب التي اعتبرت العراق غطاء لإيران، واعتبرت سوريا أداة لخدمة إيران، واعتبرت لبنان عاملاً هامشيا، سيتغير مع الإدارة الجديدة التي ستكون أقل تركيزاً على إلغاء التهديد الإيراني بالقوة وأكثر تركيزاً على إبعاد إيران عن العالم العربي، ومن شأن ذلك أن يحقق أكثر مع مخاطرة أقل، إن إدارة بايدن يمكنها أن تعيد تنظيم العقوبات، بحيث إن الدول العربية التي تريد البدء في إعادة البناء، ولديها الوسائل لذلك، يمكنها البدء في العمل. بدلاً من دفع سوريا «الجائعة» إلى أحضان إيران، فستدفع هذه المقاربة طهران إلى الهامش لأنه سيكون هناك بديل أفضل لدعمها. كما يمكن تطبيق هذه المقاربة في لبنان أيضاً؛ فبدلاً من مقاربة ترامب الذي اعتقد أن الطريقة الفضلى لتقييد نفوذ إيران في لبنان هي زيادة معاناة الشعب اللبناني، وظن خاطئا، انه بامكانه ان يجرد حزب الله من سلاحه من خلال هذا الضغط.

تغيير في الاستراتيجية

ومن هنا، فان الاستراتيجية الجديدة تقوم على الدفع الى تعاون عربي واندماج أكبر لإسرائيل في محيطها، لتقليص الأزمة وتحسين مستوى الحياة بدلاً من مواصلة استخدام «ضغط بالحد الاقصى»، ومن هنا فان الولايات المتحدة وإسرائيل تتجهان لاختيار سياسة «الضغط الحكيم» عبر ومنافسة غير عنيفة تتم بواسطة دول عربية في المنطقة، كل ذلك لن يحول القوة إلى أمر هامشي، لكن بدلاً من ان تملأ ايران الفراغ الذي سيتركه انهيار الدول في المنطقة، يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل مساعدة الدول العربية لتأدية دور بناء من أجل بناء ميزان قوى قابل للحياة وإعادة تشكيل الشرق الأوسط بصورة أفضل.

تقديم التنازلات؟

وفي هذا السياق، تشير اوساط سياسية مطلعة الى ان هذه الاجواء الدولية الضبابية تزيد من صعوبة الامور على الساحة اللبنانية، والتطبيع في المنطقة سيزيد من ازمة لبنان الذي سيجد نفسه محاصرا، وهذا سيضع اي حكومة جديدة في مأزق لأنها ستكون امام خيارات صعبة في ظل الشروط الصعبة للحصول على مساعدات دون تقديم تنازلات.

التخبط في «ترشيد الدعم»

في هذا الوقت، لا يزال التخبط سيد الموقف في ملف «ترشيد الدعم» الذي حضر في السراي الحكومي، دون ان تحسم الامور بانتظار اجتماعات «ماراتونية» مقررة اليوم لاستعراض كل الخطط الوزارية. ووفقا للمعلومات، رفض رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب تعويم حكومته، او عقد جلسة حكومية في ظل مرحلة تصريف الاعمال، لكنه اكد في بداية الاجتماع الذي حضره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزراء المعنيين أن «الحكومة هي حكومة تصريف أعمال، ولكن البلد يواجه أزمة ونحاول ترشيد تمويل الاستيراد، ونبحث عن طريقة لا تؤذي الناس وتخفف كلفة هذا الاستيراد، وقد عرض سلامة ارقام كلفة الاستيراد خلال عامي 2019 و2020. وفي خلاصة يوم امس يمكن التأكيد، بحسب مصادر وزارية، ان «ترشيد الدعم» هو عنوان الاجتماع الذي عقد بالامس وشارك فيه ووزراء المال، والاقتصاد، والزراعة، والصناعة، والطاقة. وقد عرض كل وزير لتصوره حول أفضل السبل لترشيد الدعم، ولا سيما أن توجه الحكومة المستقيلة هو لرفض رفع الدعم. وبحسب مصادر مطلعة، تم البحث في تخفيض ساعات التغذية الكهربائية لتوفير المحروقات، فيما الاتصالات مستمرة مع العراق بشأن استيراد المشتقات النفطية، كما تم البحث في رفع الدعم عن الادوية التي تعطى من دون وصفة طبية.

«بلبلة» حول الطحين

في هذا الوقت، تسود «البلبلة» حول ارتفاع اسعار «مشتقات» الخبز، في ظل اتجاه وزارة الاقتصاد الى حصر الدعم «بالرغيف العربي». وقد أكد نقيب المطاحن والأفران علي ابراهيم ان «المطاحن لم تسلّم الأفران الطحين غير المدعوم لأنّها عزمت على بيعه بالدولار، بعد قرار وزير الاقتصاد دعم طحين الخبز اللبناني فقط». واشار الى ان «الطحين غير المدعوم يدخل في إنتاج الكعك والمناقيش وخبز الهمبرغر وغيره، وستصبح هذه المنتوجات جميعها بالدولار، ولن يستطيع الفقير شراء المنقوشة، لافتاً إلى أنّ «وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال راول نعمة عمم قراره على المطاحن منذ ثلاثة أيام، وطلب البدء بتطبيقه من اليوم (امس).

من جهته، اوضح المدير العام للحبوب في وزارة الاقتصاد جرجس برباري، ان «ما يتم تداوله عن رفع الدعم عن الطحين غير صحيح»، مشيرا الى انه لم يصدر قرار من وزارة الاقتصاد حتى اللحظة في هذا الموضوع، وقال: «الموضوع مطروح منذ اسبوع، واليوم سيكون هناك اجتماع في وزارة الاقتصاد مع اصحاب المطاحن. وقال «نحن نركز على الطحين الذي يصنع منه الخبز العربي، لانه اساسي في غذاء المستهلك اللبناني»، وأعلن ان وزير الاقتصاد سيدعم كمية 27000 طن طحين مخصصة للخبز العربي، موضحا ان هناك آلية لاتخاذ هكذا قرار، يتخذ بناء على اجتماع اليوم.

الامم المتحدة تحذر

في هذا الوقت حذرت وكالتا اليونيسف ومنظمة العمل الدولية التابعتان للأمم المتحدة من إلغاء الدعم دون ضمانات لحماية الفئات الأكثر ضعفا وأشارتا الى ان الامر سيصل إلى حد كارثة اجتماعية، محذرتين من عدم وجود وسيلة لتخفيف هذه الضربة الموجعة،وقال يوكي موكو ممثل صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في لبنان وربا جرادات المديرة الإقليمية لمنظمة العمل الدولية انه سيكون تأثير إلغاء دعم الأسعار في الأسر الأكثر ضعفا في البلاد هائلا، ومع ذلك لا يوجد شيء تقريبا للمساعدة في تخفيف أثر ذلك، وأضافا: من الأهمية بمكان أن ندرك أن اجتياز لبنان لمنحدر آخر الآن، دون وضع نظام شامل للضمانات الاجتماعية أولا، سيلحق كارثة اجتماعية بمن هم أكثر ضعفا في البلاد، وسيطيح رفاهيتهم ورفاهية البلد ككل لسنوات عديدة قادمة، وأشارا الى أن ما يصل إلى 80 بالمئة من الدعم يستفيد منه النصف الأغنى من السكان، ويذهب 20 بالمئة فقط للنصف الأكثر فقرا.

Leave A Reply