غسان ريفي – سفير الشمال
نزل الاتفاق السعودي ـ الايراني برعاية صينية ومباركة روسية وما تلاه من تفاهمات بين دول كُسرت القطيعة بينها بعد أكثر من عقد، كالصاعقة على حلفاء المملكة في لبنان، خصوصا أن أحدا منهم لم يكن يفكر أن الايجابيات الاقليمية ستتطور بهذه السرعة، وأن ما كان مسموحا ومطلوبا سياسيا بالأمس بات اليوم محظورا.
لا شك في أن التفاهمات الاقليمية التي تأخذ طريقها نحو الترجمة الفعلية بإنفتاح وتعاون سياسي وإقتصادي وإستثمارات ومشاريع مشتركة، ستساهم في تثبيت إستقرار المنطقة التي يعتبر لبنان جزءا لا يتجزأ منها، وتنعكس عليه إجواءها سواء كانت سلبية أم إيجابية.
لذلك، فقد بات معلوما أن حلفاء السعودية تبلغوا بشكل مباشر، بأن “المنطقة تتجه لتأخذ شكلا جديدا بعيدا عن التوترات ومن ضمنها لبنان، وأن الخطاب الهجومي والاستفزازي تجاه الخصوم لم يعد يجدي نفعا، وأن الاتجاه يقضي بعدم تبني أي مرشح لرئاسة الجمهورية يشكل تحديا لحزب الله وحلفائه“.
هذا الواقع ضاعف من حالة الارباك التي يعيشها حلفاء المملكة في لبنان نتيجة تعذر إنتخاب رئيس للجمهورية وعدم القدرة على التوافق مع أي مكون سواء كان مسيحيا أو إسلاميا حول مرشح توافقي، ولدى من ينتظرون على أبواب السراي على أمل أن تتبدل الظروف السياسية لترفع من حظوظهم الى دخولها في العهد الجديد.
لذلك، فإن بعض هؤلاء بلعوا ألسنتهم وآثروا الصمت بإنتظار وضوح صورة وحجم المتغيرات التي قد يشهدها لبنان على وقع إيجابيات المنطقة، والبعض الآخر ذهب نحو التصعيد ورفع السقوف، ليس ضد الاتفاق أو بوجه السعودية التي دعمتهم في الانتخابات وما تزال تحتضنهم، بل من أجل حجز مكان لهم في التسوية المقبلة وعدم خروجهم من المولد بلا حمص، خصوصا مع سعي المملكة الى أن يكون رئيس الجمهورية اللبنانية حاضرا في القمة العربية التي تستضيفها الرياض في منتصف أيار المقبل، الأمر الذي يفسر إستئناف المفاوضات ووضع الملف الرئاسي على نار حامية.
بات معلوما، أن زيارة رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه الى فرنسا كانت إيجابية، خصوصا أن الفرنسيين يعلمون ما يمكن أن يقوم به فرنجية على صعيد حل كثير من الملفات العالقة نظرا لتقاطعه مع أكثر من فريق فاعل داخل لبنان ومع الدول المحيطة لا سيما سوريا التي تستعد للعودة الى حضن الجامعة العربية، ولحضور رئيسها بشار الأسد القمة العربية في الرياض.
وربما يدرك كثيرون أن الفرنسيين حسموا أمرهم بتبني ترشيح فرنجيه بتغطية أميركية ترجمت بتصريحات مساعدة وزير الخارجية باربرا ليف التي أكدت أن “ليس لدينا مرشح لرئاسة الجمهورية ولسنا ضد سليمان فرنجيه“، وهذا الكلام فسرته أكثر السفيرة دوروثي شيا التي قالت “أننا لسنا ضد فرنجيه وهو ليس ضد أميركا“، أمام كل هذه التطورات يفسر بعض المراقبين كلام السفير السعودي وليد البخاري للدكتور سمير جعجع بأننا “لا نريد مرشح تحدي لحزب الله“، بأنه تمهيد نحو الخطوة الأولى للسير بسليمان فرنجيه الى قصر بعبدا!..