صلاح سلام – اللواء
الخطوات التنفيذية للتقارب السعودي – الإيراني تتقدم بوتيرة سريعة، بل أسرع مما توقع كثيرون ما زالوا يعيشون على مشاهد الإتفاقيات السابقة بين البلدين، والتي كانت طهران تجد سبيلاً للتنصل منها.
لم تعد تنفع القراءة في كتاب مرحلة النزاع بين البلدين، بعدما أثبت الطرفان جدّية كبيرة في الحرص على إنجاح إتفاق بكين، نصاً وروحاً، والمضي قدماً في بناء الثقة بينهما، بعد عقود من الخلافات والصراعات، تمددت إلى عدد من دول المنطقة.
الإنجاز الأول لمرحلة التفاهمات تحقق في اليمن، حيث تم الإعلان رسمياً عن إنتهاء الحرب، وحطّ أول وفد سعودي في مطار صنعاء، إيذاناً ببدء عودة العلاقات بين الدولتين المتجاورتين الى مجاريها الطبيعية، وتمهيداً لإستئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين الشقيقين.
الإنجاز الثاني بدأت تلوح خطوطه العريضة في الأفق اللبناني، حيث التوصل إلى صيغة للإنتخابات الرئاسية يُعتبر مفتاح الحلول المستعصية للأزمات اللبنانية، السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمالية.
التعثر الحاصل للجهود الفرنسية، ليس مفاجئاً للذين يتبعون بدقة تفاصيل التقدم المتوالي للتفاهمات السعودية والإيرانية حول ملفات النزاع في المنطقة، ولا سيما الملف اللبناني، حيث من المتوقع أن يتراجع الدور الفرنسي، الذي كانت أهميته تكمن في لعب دور الوسيط بين الرياض وطهران، وحاولت باريس من خلال هذا الدور أن تحقق مكاسب إقتصادية، ومصالح مختلفة من خلال الإستحواذ على مشاريع «دسمة» في لبنان، فضلاً عما كان الرئيس الفرنسي ماكرون يُمنّي النفس به من إستثمارات ومشاريع ضخمة في إيران تصل أرقامها إلى مليارات الدولارات.
وإزاء العجز السياسي اللبناني المتمادي في «لبننة» الإستحقاق الرئاسي، ووصول الخلافات بين الأطراف الحزبية والسياسية إلى طريق مسدود، لم يعد ثمة إحراج في الحديث عن إنتقال الملف الرئاسي إلى الخارج، وخاصة إلى الرياض وطهران، بما يمثلان من مرجعتين للفريقين اللبنانيين: الفريق السيادي والمعارضات التقليدية والمستجدة، وفريق الممانعة الذي يضم الثنائي الشيعي وحلفائه.
المعلومات الأولية ترجح أن يتم إنجاز هذا الملف في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة، أي قبل الصيف، بصيغة متكاملة تكفل إنقاذ لبنان من دوامة الأزمات الراهنة، والإنتقال إلى مرحلة الإصلاح والإنقاذ، من خلال التوافق على شخص رئيس الجمهورية، وتركيبة الحكومة وإسم رئيسها، والبرنامج الإصلاحي الذي سيفتح أبواب المساعدات الخارجية، ويُنهي إشكالات الإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
لا ضرورة للحديث عن إمكانيات التعطيل من الداخل، لأنه سيكون من رابع المستحيلات، لأن أي طرف سيُغامر بركوب تيار التعطيل، يكون قد كتب بيده قرار خروجه من المعادلة الجديدة!