الجمعة, نوفمبر 22
Banner

فرنسا مستمرة في خيار فرنجية.. والحكومة تقارب الاجور بخطوة متقدمة

كتبت صحيفة “الجمهورية”: حدثان خطفا الأضواء أمس، الاول داخلي تمثّل بزيارة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لبكركي والمواقف اللافتة التي أعلنها من على منبرها إزاء الاستحقاق الرئاسي والتسويات الجارية في المنطقة والتي ستشمل لبنان. والثاني خارجي وتمثّل بزيارة وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان لدمشق هي الاولى لمسؤول سعودي بهذا المستوى منذ اكثر من عشر سنوات، وما أعلنه مع المسؤولين السوريين من مواقف ازاء الحل السياسي في سوريا وعودتها الى دورها على الصعيد العربي. ويتوقع ان يكون لهذين الحدثين تفاعلاتهما على الصعيد السياسي الداخلي، خصوصا لجهة ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي في ضوء التطورات الايجابية المتسارعة على ساحة المنطقة بفعل الإتفاق السعودي ـ الايراني الاخير.

قدّم فرنجية مرة جديدة امس رؤيته الرئاسية من على منبر بكركي بعد لقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، عاكِساً بمواقفه مناخ التسويات الجارية في المنطقة ومشدداً على اهمية استفادة لبنان منها للخروج من ازمته. وقال: «التسويات في المنطقة على قدم وساق ولطالما حذّرنا من انّ مع التسوية الناس سيتصالحون ويلتقون بعضهم مع بعض. اليوم وزير الخارجية السعودي في سوريا ووزير خارجية ايران التقى بنظيره السعودي، لقد تغيرت اللعبة في المنطقة وهذا الأمر سينعكس بنحو او بآخرعلى لبنان. لذلك انا ادعو من هذا المنبر جميع السياسيين الى قراءة الأمور بغض النظر عن الأشخاص».

واضاف: «ليس لدينا اي نظرة عدائية تجاه اي بلد صديق للبنان ولا سيما الدول العربية وخصوصا المملكة العربية السعودية. (…) اننا لا نريد الا الخير للعرب وللمملكة العربية السعودية، ونعتبر انفسنا اننا ولدنا في بيت عربي وليس مشرقياً او فينيقياً، وبالتالي منذ اليوم الأول قلنا اننا عرب وتربّينا بنفس عروبي. وعندما كانت تضرب العروبة في المنطقة كنا نُجاهر بها، وقلنا يومها: بئس هذا الزمن الذي اصبحت فيه العروبة تهمة».

وعن الضمانات السياسية التي سيقدمها للسعودية لتأمين التعاون معها، اوضح فرنجية: «لقد زرتُ باريس والجميع يعلم انهم ارادوا ان يلتقوا بنا والجميع يعلم انهم يتشاورون مع المملكة العربية السعودية. وبالتالي، أجبناهم عن عدد من الأسئلة التي طرحتها المملكة لأن ما من شيء نخفيه». واكد السير في الاصلاحات، وقال: «نحن ندعم اي حكومة في برنامجها الإصلاحي وندعم رئيسها». ورد فرنجية على القول بالتخلي عن صلاحيات رئيس الجمهورية، وقال: «اننا لا نتخلى ولو عن واحد في المئة منها بل نمارسها بمسؤولية وطنية وليس بكيدية شخصية». وأضاف: «هدفي ليس السلطة وانما ان اصبح رئيسا واترك بصمات في تاريخ هذا البلد. التسوية الكاملة في المنطقة نحن مضطرون للدخول فيها وليس البقاء خارجها، كما حصل في تجربة 1989، وللأسف دفعَ المسيحيون الثمن». وقال: «لقد سمعت الفيتو السعودي من الإعلام اللبناني ولكن لم اسمع هذا الكلام يوماً من المملكة واصدقائها، لا بل انا اسمع كل يوم أحاديث افضل». ولفت الى ان «الكثير من الأمور يتم وسط كتمان كبير».

وعن الضمانات التي يتمتع بها حول سلاح «حزب الله» وملف النازحين السوريين، قال فرنجية: «النازحون السوريون من اولويات اي عهد فكيف اذا كنتُ انا رئيسا للبلاد». واضاف: «علاقتي الشخصية مع الرئيس الأسد أسخّرها لمصلحة البلد واعادة النازحين. وعلاقتي الشخصية مع الحزب أسخّرها ايضا لمصلحة البلد. بالنسبة الى موضوع السلاح نحن مع الدعوة لمناقشة الإستراتيجية الدفاعية». وتعهد ان يدعو الى «حوار وطني حول الإستراتيجية الدفاعية».

الموقف الفرنسي

في هذه الاثناء وفي ضوء استمرار الاتصالات التي يجريها مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل مع القيادات اللبنانية، قالت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» ان الإعلان الفرنسي عن بعض اللقاءات لا يعني انها الاولى من نوعها فبعض اللقاءات التي عقدت في الفترة الاخيرة قد تكون الثالثة والرابعة بالنسبة الى بعض الزوار، وانّ برنامجا حافلا ستشهده العاصمة الفرنسية في الايام المقبلة، سواء اعلن عن هوية الشخصيات التي ستزورها ام لا فسيّان.

ولفتت المصادر إلى انّ ما فاجأ زوار العاصمة الفرنسية انّ إدارة الرئيس ماكرون لم تتخل عن تأييدها ترشيح لفرنجية، وهي مستمرة في حملتها الديبلوماسية لهذه الغاية على اكثر من مستوى داخلي وخارجي على السواء.

الرئاسة الى الواجهة

وفي سياق متصل، قالت اوساط سياسية متابعة لـ«الجمهورية» ان الانتخابات البلدية والاختيارية التي تم تأجيلها تقنياً نجحت في حَرف الانظار عن الملف الرئيسي المتعلق بالانتخابات الرئاسية أقله في الاسبوعين الاخيرين او في الاسابيع الثلاثة الاخيرة، ولكن مع التمديد لهذه المجالس ومع انعكاساتها التي تنتهي اليوم في ظل المواقف المتقابلة يعود ملف الانتخابات الرئاسية الى الواجهة مجدداً في اعتباره الملف الاساس الذي يحكم طبيعة المرحلة السياسية في لبنان، والذي من خلال إتمام الاستحقاق الرئاسي يعود الانتظام، وفي إمكان الدولة انجاز استحقاقاتها بالطريقة المطلوبة. ولذلك سيعود التركيز على هذا الاستحقاق خصوصا في ظل الزيارة التي قام بها رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية الى بكركي، وفي ظل تحركات خارجية محورها الانتخابات الرئاسية التي ستبقى العامل الاساس الذي من دونه لا امكانية لإجراء اي اصلاحات ولا لنقل البلاد الى مرحلة سياسية جديدة يسودها الاستقرار السياسي، وتنتظم من خلالها شؤون الدولة، وينطلق مسار الدولة اللبنانية. ولكن حتى اللحظة ما تزال الامور على حالها».

واضافت هذه الاوساط: «هذا في الصورة الشكلية، وفي الصورة المعلنة ولكن في الكواليس هناك كلام كثير عن انّ هناك ما يُطبَخ، وان هذا الاسبوع سينضم الى الاسابيع التي سبقته في اعتباره اسبوع عيد الفطر، ولكن في منتصف الاسبوع المقبل من المرجّح ان تبدأ معالم ما خلصت اليه الزيارة القطرية بالظهور حيث يُحكى عن تحركات جديدة بناء على المعطيات التي تلمّسها الموفد القطري، وبناء ايضا على ان الصورة اللبنانية الداخلية اصبحت جلية لكل القوى الدولية المتحركة في لبنان لإخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة، إن كان في الطليعة باريس والدوحة، وان كان ضمناً واشنطن والقاهرة والرياض كمجموعة خماسية همها الاول الوصول الى النتائج المرجوة في الانتخابات الرئاسية، ولكن في الصورة الشكلية ما زالت الامور على حالها في ظل ميزان قوى خارجي وداخلي هو في حالة جمود، لكن هذا الجمود لا يعني انه يعكس الصورة الحقيقية في ضوء حراك يجري على مستوى المنطقة ويؤشّر الى كسر حالة الجليد القائمة. وبالتالي، هذا الكسر في المنطقة لن يكون لبنان استثناء فيه وإنما سيمتد اليه، ولكن هذا الامر في انتظار مزيد من التبلور، واي حراك لن يكون هذا الاسبوع كونه اسبوع مستقطع بين العطلات المسيحية والاسلامية، وبالتالي المرجّح ان تعاود المحركات الدولية نشاطها بسرعة مواكبة للسرعة المشهود لها في التحرك في ضوء ما يحصل في المنطقة من اجل الوصول الى بلورة للملف الرئاسي وترجماته على ارض الواقع.

جلستان تشريعية وحكومية

وكانت الاحداث السياسية قد توزعت امس قبل الظهر في مجلس النواب الذي انعقد في جلسة تشريعية أقر فيه التمديد تقنياً للمجالس البلدية والاختيارية لمدة سنة تنتهي في 31 ايار 2024، وجلسة لمجلس الوزراء بعد الظهر أقرّت زيادة رواتب الموظفين في القطاع العام اربعة اضعاف.

وقد تخلل الجلسة النيابية مواجهة سياسية حادة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونواب من «التيار الوطني الحر»، وانتصَر له في هذه المواجهة نواب من تكتل «الاعتدال الوطني» ومن الطائفة السنية.

وخلال الجلسة توجه ميقاتي الى بري قائلاً: «دولة الرئيس تعلمون اننا اجتمعنا مع وزير الداخلية وقررنا فتح اعتماد اضافي من أجل انجاز الاستحقاق البلدي، وفي مجلس الوزراء أعددنا مشروع قانون لفتح اعتمادات اضافية، لكنكم طلبتم ان يتم تقديم مشروع القانون كاقتراح قانون». ثم توجّه الى فريق من النواب بالقول: «لو كنتم فعلاً لا تريدون تأجيل الانتخابات البلدية لِم حضرتم اليوم وأمّنتم النصاب للجلسة الحالية؟. من لا يريد التأجيل لا يحضر». وردا على اعتراضات نواب «التيار الوطني الحر» قال: «انا لم أسمّكم، ولكن الواضح ان اللي في مسلّة تحت باطو بتِنعرو».

مزايدون

وقالت اوساط نيابية قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الجمهورية» ان إقرار مجلس النواب قانون التمديد للبلديات «كان ضرورياً لأسباب اضطرارية»، معتبرة «ان النواب الذين قاطعوا الجلسة ورفضوا التمديد هم مزايدون ولا يتحلّون بالمسؤولية».

وأبدت الاوساط تقديرها لموقف رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي لم ينسحب وتكتله من الجلسة النيابية على رغم انفعال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «الذي كاد يأخذها في اتجاه سلبي». واكدت «ان الظروف الحالية لا تسمح بإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، لافتة إلى ان الامر لا يتعلق فقط بمشكلة التمويل وإنما ايضا بعدم وجود بيئة ملائمة نتيجة انهيار الدولة، إذ ان خلافاً وقعَ بين عائلتين في بلدة جب جنين على سبيل المثال أدى إلى وقوع ضحايا من الجانبين، مع ان المنطقة معروفة عموما بوداعتها.

واستبعدت الاوساط ان يقبل المجلس الدستوري الطعن الذي سيقدمه عدد من النواب في قانون التمديد للبلديات، مشددة على ان الجلسة والقانون هما دستوريان.

الى ذلك، عُلم ان بري بادَر فور انتهاء جلسة مجلس النواب الى توقيع قانون التمديد واحالته الى الحكومة قبل اجتماعها الذي انعقد بعد ظهر امس، ليتسنّى نشره في الجريدة الرسمية بلا تأخير.

باسيل يهاجم مولوي

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل قد قال بعد الجلسة: «شاركنا من باب المسؤولية وبهدف منع الفراغ في المواقع البلدية والاختيارية، فهذا الفراغ لا يمكن ان يُملأ عملياً من خلال حلول القائمقام محل المجلس البلدي، كما ان المخاتير لا يمكن لأحد الحلول محلهم». واعتبر أن «وزير الداخلية يتحدث خارج الجلسة في الاعلام لكن في الداخل يصمت ولا يقول اي كلمة». وقال: «كيف كان وزير الداخلية سيقيم الانتخابات وهو لم يتحدث بعد الى اي محافظ، وحتى الذين راسلوه بالكتابة، كما لم يتحدث الى القائمقامين ودوائر النفوس والسجل العدلي والقضاة والمعلمين. محافظة كعكار ترشّح فيها 5200 شخص عام 2016 واليوم يفصلنا عن آخر مهلة 5 او 6 ايام عمل ولم يترشح احد».

مجلس الوزراء

وعلى صعيد الحكومي، وفي نقاش سكنه الخوف من الاقدام على خطوة قد تدفع الى مزيد من التضخم وتأخذ البلاد الى الزمن القريب عندما اقرّت سلسلة الرتب والرواتب، اتخذ مجلس الوزراء في جلسته بعد ظهر امس، التي واكبها حراك شعبي تخلله صدام مع قوى الامن عند مداخل السرايا الحكومية، سلسلة قرارات وصفتها مصادر حكومية لـ«الجمهورية» بأنها «قرارات الممكن المتقدم لمواكبة الازمة». واوضحت «ان البحث في بنود زيادة الرواتب اخذ نحو ساعة ونصف ساعة، وكان الهاجس الاكبر فيها هو اقرار خطوة ناقصة قد تكون عواقبها اكبر من منافعها…».

وقالت هذه المصادر: «لقد اتخذ مجلس الوزراء خطوات تمنع التضخم او تحدّ منه وهو رفع الدولار الجمركي، حيث اكد وزير المال ان وصول الدولار الجمركي الى سعر صيرفة سيمتصّ الكتلة النقدية بالعملة اللبنانية ما يؤدي نوعا ما الى استقرار سعر صرف الدولار». واضافت «انّ صيغة الـ٤ ب ٣ هي الاكثر واقعية ومقبولة لتحسين الاجور مع بدلات النقل». واشار ت الى ان اعطاء بدل نقل يومي بمقدار ٤٥٠ الف ليرة اي ما يقارب ٩٠٠ الف كل يومين يُزاد على الراتب الذي أصبح عملياً مضروباً بـ٧، اصبح معاشاً يواكب موظف القطاع العام مثلاً؛ من يتقاضى ٣ ملايين ليرة شهريا كان معاشه في السابق مضروبا باثنين اي مرتين المعاش يصبح ٩ ملايين، والان يضرب بـ ٤ يصبح راتبه ١٢مليون ليرة فيصل راتبه الى ٢١ مليون (٩+ ١٢) يُضاف اليها بدل النقل اليومي سيصل راتبه الى ٣٠ مليون على ان يداوم أقله ١٤ يوما في الشهر إلزامياً (رئيس الحكومة اشترط ١٨ يوماً لكن وزير العمل لم يقبل وخفض المدة الى ١٤)، ويعود للوزير تنظيم عملية المناوبة، وهذا الامر اخذ الحيّز الاكبر من السجالات، وتحسّباً ستلجأ الحكومة الى التعديل في حال ارتفع سعر الصرف (البند التاسع في المرسوم). وعملياً، اكد المصدر ان لا تراجع او خفض لما تم التوصل اليه.

هذا بالنسبة الى القطاع العام، اما في القطاع الخاص فاعتبرت المصادر ان ما تم التوصل اليه هو نقلة نوعية اذ تمّ رفع الحد الادنى من ٦٥٠ الف ليرة الى ٩ ملايين مع زيادة غلاء معيشة ٤ ملايين و٥٠٠ الف زائد بدل نقل ٢٥٠ الفاً، فيصبح راتب اقل موظف في القطاع الخاص ١٤ مليون ليرة مع زيادات بدل النقل بحسب ايام الحضور وزيادة التعويضات العائلية الى حدود ٣ ملايين ليرة، وستكون الاجتماعات مفتوحة للجنة المؤشر لرفع بدل النقل للقطاع الخاص على غرار القطاع العام.

تمويل البلديات

وعلى رغم من المواقف المتشنجة التي شهدتها الجلسة النيابية والحديث عن تناغم حكومي، فقد تجاهل مجلس الوزراء البحث في ملف تمويل الانتخابات البلدية وكان الامر قد طوي الى فترة غير محددة قياساً على شكل ومضمون التمديد لولايات المجالس البلدية والاختيارية لعام كامل كحد أقصى، بعد ان أعيد الملف إلى وزير الداخلية للتوسّع في مشاوراته مع القطاعات الإدارية والقضائية والهيئات التعليمية وكل مَن لهم علاقة بإدارة العملية الانتخابية لتقدير الكلفة المقدرة، ليصار الى احياء البحث في تمويل هذه الانتخابات وتأمين مصادره.

وفي هذه الأجواء قالت مصادر نيابية وحكومية لـ«الجمهورية» ان المناقشات في شأن ملف التمديد للبلديات والمخاتير هي في فتح صفحة جديدة من المناقشات الدستورية والقانونية الحامية في ظل ما قطعته الاستعدادات من تحضيرات للطعون التي ستقدّم أمام المجلس الدستوري بقانونية ودستورية ما أقرّه مجلس النواب، وذلك من ضمن المهل القانونية والدستورية التي ستتحكّم بآلية العمل بمختلف محطاتها والعوائق التي يمكن ان تؤثر فيها.

Leave A Reply