غسان ريفي – سفير الشمال
كسرت زيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى الصرح البطريركي في بكركي ولقائه مع البطريرك بشارة الراعي الجمود الرئاسي الداخلي، بالتزامن مع حراك خارجي لم يهدأ منذ أن تم الاعلان عن إنعقاد القمة العربية في الرياض في 19 أيار المقبل أي بعد شهر بالتمام والكمال، حيث يبدو أن السعودية تسعى الى أن يكون عقد الرؤساء العرب في القمة مكتملا بمن فيهم الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اللبناني المنتخب.
أعطى لقاء فرنجية ـ الراعي والكلام بعده عن الخطوط العريضة التي يمكن لفرنجية أن يلتزم بها في حال أصبح رئيسا، إنطباعا بأن الرجل قد أدار محركاته بإتجاه بعض القيادات، خصوصا أنه أبدى إستعداده للحوار مع كل المكونات السياسية لا سيما المسيحية منها لطرح الأمور كما هي وتسمية الأشياء بأسمائها، وذلك في المكان والزمان الذي يحدده كل تيار أو حزب، ولكن يبدو أن “لا حياة لمن تنادي” حيث مرّ يومان على الزيارة من دون أن يتلقف أي فريق مسيحي دعوة فرنجية للحوار، ما يؤكد المؤكد بأن التواصل اليتيم الذي جرى بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية خلص الى التوافق على عدم إنتخاب رئيس، بدل أن يفضي الى فتح الآفاق أمام الآليات التي يمكن أن تنهي حالة الفراغ الرئاسي التي يشكو منها الجميع وفي مقدمتهم التيار والقوات.
لم يعد خافيا على أحد أن النائب باسيل وبالرغم من كل الضوضاء السياسية التي يُحدثها في الأجواء الرئاسية، إلا أنه حتى الآن ليس لديه مرشحا حقيقيا، بل هو يلقي بعض القنابل الدخانية بين الحين والآخر بهدف جسّ النبض، ويرفض أي مرشح من تياره، ويتحيّن الفرص التي يمكن من خلالها إحياء حظوظه الرئاسية.
في حين لا يخفي مطلعون على أجواء القوات أن سمير جعجع ما يزال مرشحها الأول، وفي حال لم تتمكن من إعادة خلط الأوراق لإنعاش حظوظ إمكانية طرحه، فإنها ستستمر في الاعلان الاعلامي الاختباري عن تمسكها بترشيح ميشال معوض، على أمل أن تساعدها الظروف في تسمية مرشح على قياسها.
لكن الآمال الباسيلية والقواتية شيء، والواقع شيء آخر، خصوصا أن الحلف السياسي الداعم لترشيح فرنجية متمسك به الى أبعد الحدود، وليس لديه خطة باء، ولا يفكر في التراجع عن موقفه الإيجابي حياله وعلى هذا الأساس معطوفا على الايجابيات الدولية ـ الاقليمية باشر زعيم المردة تحركه الذي من المفترض أن يُستكمل بعد عيد الفطر، خصوصا وبحسب كثير من المراقبين فإن ما يجري في المنطقة من مصالحات وإيجابيات يصب في مصلحته، كما أن التعهدات التي تطالبه بعض الدول بها سواء على صعيد حل ملف النازحين أو في ملف ترسيم الحدود مع سوريا ووقف التهريب بين البلدين، فضلا عن الاستراتيجية الدفاعية، فهي كلها ملفات تحتاج الى شخص يستطيع أن يحاكي القيادة السورية ويتوافق معها، لذلك فقد تحدث فرنجية أمام الاعلاميين عن كل هذه الملفات بكثير من الثقة وصولا الى تحدي من يستطيع حملها ومعالجتها.
لا شك في أن لبنان يتنفس برئة واحدة، هي الرئة السورية في حين أن الرئة المفتوحة على فلسطين المحتلة معطلة، وبما أن كل الملفات الساخنة المطروحة على طاولة الرئيس العتيد تحتاج الى بحث معمق مع القيادة السورية، وبما أن المصالحات العربية قد شملت سوريا العائدة حتما الى الجامعة العربية، فإن الرئيس اللبناني القادم يفترض به أن يتقاطع مع هذه التطورات والملفات وما دون ذلك إستمرار في الانعزال وصولا الى الانتحار.