جوزف فرح – الديار
«راحت السكرة واجت الفكرة»هذا القول ينطبق على حكومة تصريف الاعمال التي عمدت الى زيادة رواتب القطاع العام المقدرة بـ٤١٠٠مليار ليرة دون ان تؤمن التغطية المالية لها بحيث بات يخشى من تكرار تجربة سلسلة الرتب والرواتب التي تم التوافق عليها دون تحديد قيمتها ولا عدد المستفيدين منها مما ادى الى الانهيار وتسريعه .
وتأتي هذه الزيادات بإضافة اربعة رواتب جديدة على الرواتب السابقة التي حصل عليها موظفو القطاع العام سابقا وثلاثة رواتب للمتقاعدين والعسكريين وإعطاء 450 ألف ليرة لبنانية بدل نقل عن كل يوم عمل لموظفي القطاع العام.
هذه الزيادات لم ترض القطاع العام ولا المتقاعدين ولكن كيف ستؤمن الحكومة هذه الاموال طالما انها اعلنت انها لن تطبع ليرات لبنانية جديدة تحسبا لمزيد من حالات التضخم وانها لن تقر اية ضرائب او رسوم على المكلفين ولكن ما تسرب يؤكد ان الحكومة ستعتمد على رفع الدولار الجمركي الى ٦٠الف ليرة وعلى سعر صيرفة اعتبارا من ايار المقبل وقد اعلنت الهيئات الاقتصادية رقضها الارتفاع السريع للدولار الجمركي.
وطالبــت وبإلحاح بعدم الزيادة الى ما يوازي دولار منصة صيرفة، والتوقف عند سقف الـ60 ألف ليرة، لإعطاء الوقت الكافي لدراسة أثر زيادة الدولار الجمركي من 45 ألف ليرة الى 60 ألف ليرة ومن ثم النظر في إمكانية زيادته مرة جديدة بعد أقل من 15 يوماً.
الجدير ذكره ان الدولار الجمركي تم رفع سعره من 1500 ليرة للدولار إلى 8000 ليرة ثم إلى 15000 ليرة في شهر كانون الأول من العام 2022، ثم ارتفع إلى 45000 ليرة في نهاية شهر شباط الفائت، ليستمر بمساره الصعودي ويرتفع إلى 60000 ليرة، على أن يتم ربط الدولار الجمركي مطلع الشهر المقبل بدولار منصة صيرفة.
وفي هذا الإطار، أكدت الهيئات الإقتصادية تفهمها لحاجات الدولة التمويلية، لكنها في الوقت نفسه حذرت من أن إستسهال تأمين الإيرادات عبر زيادة الدولار الجمركي سيكون له تداعيات إجتماعية وحياتية خطرة وإخلالات إقتصادية لا تحمد عقباها
واذا كانت الحكومة قد جربت اكثر من مرة رفع الدولار الجمركي فأنها تعلم ان الايرادات التي كانت تأمل تحصيلها لم تتمكن من ذلك بل ازداد التهريب والاقتصاد غير الشرعي الذي وصل الى ٧٠في المئة من حجم الاقتصاد الذي جاء على حساب الاقتصاد الشرعي الذي تفرض عليه الضرائب والرسوم لتؤمن مداخيلها الدولة اللبنانية.
ليس هذا فحسب بل ان بيان الهيئات الاقتصادية كشف عن زيادة بدل النقل اليومي وقيمة إشتراكات العدادات لدى مؤسسة كهرباء لبنان .
وفي هذا الاطار فأن الطريقة السهلة في تحصيل الايرادات التي تعتمدها الحكومات اللبنانية لم تعد تجدي نفعا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها البلد والضائقة المعيشية التي يتعرض لها المواطن بعد ان وصل خط الفقر الى ٨٠ في المئة في المجتمع اللبناني وهذا يعني ان الحسابات التي درستها لن تتمكن من تحصيلها والايرادات المتوقعة ستذهب ادراج الرياح وان المطلوب هو الاتجاه الى تدابير تحبذ النمو وتدعم القطاعات المنتجة وتأمين فرص عمل للشباب اللبناني الذي يضطر اليوم للهجرة طلبا للارتزاق بعد ان سدت في وجهه اي فرصة او امل بإيجاد وظيفة في بلده .
ولعل اهم خطوة تقوم بها هذه الحكومة ان تعمد الى تخفيض سعر الدولار او استقراره وهذا لا يتم الا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتطبيق الاصلاحات واعادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وبالطريقة التي تعتمدها الحكومة لتأمين الاموال للخزينة لن تؤدي الغاية المرجوة منها مع مواطنين متهالكين غير قادرين على تأمين لقمة عيش عائلاتهم بل عليها الاتجاه الى طرق اخرى لمعالجة الوضع في القطاع العام الذي بات بحاجة لترشيق حجمه وتصويب انتاجيته .