فادي عيد – الديار
دخلت أكثر من جهة سياسية على خط الإستحقاق الرئاسي، بعدما ضاقت مساحة التوافق الداخلي، وبات مستحيلاً أن يأتي رئيس الجمهورية العتيد عبر تسوية داخلية، وذلك ما يفصح عنه مرجع سياسي في مجالسه، الذي أكد أنه لن يسمي أي مرشح لهذا الإستحقاق بعدما باتت الأسماء الحيادية معروفة وواضحة، وكي لا يكون هناك إحراج لبعض الأحزاب المسيحية تحديداً، التي تتواءم في ما بينها على رفض هذا المرشّح وذاك دون أن تقدّم البديل، متخوِّفاً من أن تكون التحوّلات في المنطقة مدخلاً لحروب جديدة عسكرية واقتصادية، وما بينهما من أزمات في الداخل اللبناني، وتحديداً على المسار الإقتصادي والإجتماعي.
ويلفت المرجع المذكور إلى أن معلوماته، تؤكد أن صندوق النقد وكل الصناديق الضامنة والدول المانحة لن تقدم أي مساعدة للبنان قبل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، والشروع في العملية الإصلاحية، وتحديداً في قطاع الكهرباء، لافتاً إلى أن الأموال التي تعطى لبعض الأسلاك الأمنية ولفترة محدّدة، تأتي على خلفية المخاوف من انفلات الوضع الأمني على الساحة اللبنانية، وحصول اضطرابات واهتزازات، ربطاً بالأوضاع الإجتماعية الصعبة، وهذه مسألة مؤقتة، ما يعني أن وضع البلد غير سوي، وينبئ بانفجار إجتماعي قريب في حال لم تحصل تسوية دولية ـ إقليمية.
وإذ أكد المرجع نفسه، أن العمل جارٍ في الوقت الراهن على هذه التسوية، أشار إلى أن الأمر ليس كما يعتقد البعض بأنه قد يأتي بـ»كبسة زر»، حيث يصار في هذه المرحلة للعمل ضمن الأولويات من قبل الدول المعنية بالملف اللبناني، من السعودية إلى إيران إلى كل طرف مشارك في اللقاء الخماسي، والذي له اعتباراته وخصوصيته واستراتيجيته، لذلك إذا لم يتم تقديم تنازلات من بعض الأطراف الداخلية، فإن الأمور ذاهبة إلى شغور طويل قد يستغرق وقتاً، وهذا من شأنه أن يفاقم من حجم المشكلات القائمة اليوم.
وعلى هذه الخلفية، يضيف المرجع، ان ثمة تعويلا لما ستحمله الأيام المقبلة، بعد إعادة تحريك موضوع الإستحقاق الرئاسي، والملف اللبناني بشكل عام، من قبل الدول الخمس، مع عودة متوقعة للموفد القطري محمد عبد العزيز الخليفي، إضافة إلى ما سيحمله معه السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، حيث يتوقع أن يلتقي في الأيام القليلة المقبلة بمرجعيات سياسية وحزبية على صلة وثيقة بالمملكة، وتحديداً رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، إلى أطراف أخرى ومرجعيات روحية، ومن الطبيعي أنه سيلتقي مع رئيسي المجلس النيابي وحكومة تصريف الأعمال نبيه بري ونجيب ميقاتي، ويعوّل على هذه اللقاءات، إذ يتبيّن بوضوح الموقف السعودي من الإستحقاق الرئاسي، في ظل التحليلات التي تضج بها الساحة الداخلية حول قبولها بهذا المرشح وذاك، فيما ينقل عن أحد المقرّبين من هذا الحراك الخليجي واللبناني، بأن الإتفاق بين الدول الخمس سيكون موحداً على التوصل إلى تسوية شاملة، ومرشح يحظى بتوافق غالبية الأطياف اللبنانية.
وفي سياق آخر، فإن المعطيات تشير إلى أن هناك حالة ترقّب عما إذا كان جرى أي بحث أو توافق حول الإستحقاق الرئاسي بين إيران والرياض بعد التقارب الحاصل بينهما، وعودة العلاقات الديبلوماسية، وما إذا كان لزيارة وزير الخارجية الإيراني حسين عبد الأمير اللهيان إلى بيروت صلة بالإستحقاق الرئاسي، خصوصاً وأن إيران قادرة على القيام بتقريب المسافات بفعل حضورها الإقليمي واللبناني.
لذلك، فإن الترقب هو عنوان المرحلة بعدما بات محسوماً أنه ليس هناك أي توافق بين المكوّنات الداخلية، في ظل تساؤلات هل بُحِث الموضوع الرئاسي بين الرياض وطهران؟ وفي كلا الحالتين أن تقاربهما أمر إيجابي حيال الوضع اللبناني بكل استحقاقاته.