الأربعاء, سبتمبر 25

قضاة يعززون سطوة المصرفيين.. ونقابة المحامين تتلهى بقمع محاميها!

عزة الحاج حسن – المدن

بعد أكثر من 3 أعوام و6 أشهر على انفجار الأزمة المالية في لبنان، وارتكاب المصارف جريمة الاستيلاء على ودائع عملائها، لا يزال عدد كبير من القضاة يعززون سطوة المصارف على أموال المودعين وعموم العملاء المصرفيين، ويجيّرون القوانين لصالح تعاميم ابتدعها حاكم مصرف لبنان، المشتبه به دولياً بارتكاب جرائم مالية.

قرارات قضائية تسهّل الطريق أمام المصارف لتجريد العملاء من أموالهم، في وقت تتلهى فيه نقابة المحامين بقضايا تقوم على قمع حرية تعبير محاميها، بدلاً من حماية أصحاب الحقوق والوقوف سدّاً بوجه المتطاولين على القوانين.

قرار مخز

آلاف الدعاوى القضائية المُقامة من مودعين بوجه المصارف، مرمية في أدراج المحاكم منذ عام 2019، لم يصل أصحاب الحقوق فيها إلى نتائج. أما القضايا التي يتم تحريكها، فتصب غالباً في صالح المصارف، تتجاوز فيها القرارات القضائية كل القوانين والأعراف، وتستند إلى تعاميم حاكم مصرف لبنان، المخالفة أصلاً للمبادئ القانونية والدستور.

وآخر القرارات القضائية المجحفة بحق عملاء مصرفيين تلك الصادرة عن المحكمة الابتدائية في بيروت، والتي وصفها المحامي فؤاد الدبس بـ”المخزية”. وخلاصة القضية أن شخصاً مقترضاً من بنك الإعتماد اللبناني Credit Libanais، قام بعرض وإيداع، وقد رفضه البنك مراراً، فما كان أمام العميل سوى رفع دعوى إثبات عرض وإيداع ضمن المهل القانونية ووفق الأصول. تم تبادل اللوائح ثم أصدرت المحكمة قراراً مؤقتاً بإعادة فتح المحاكمة، وطلبت توضيح بعض المعطيات قبل إصدار القرار النهائي.

وقد استوجب قرار المحكمة، وهو قرار غير نهائي، “توضيح بعض المعطيات قبل إصدار الحكم النهائي، أما المعطيات المطلوبة فهي أولاً: تكليف المدعي بالاستحصال من المديرية العامة للأمن العام على إفادة تبين حركة دخوله وخروجه من لبنان منذ العام 2019 وحتى تاريخ صدور الإفادة.

ثانياً: تكليف المدعي ببيان ما إذا كان قد تقدم من المصرف المدعى عليه، بطلب خطي لتسديد اقساط القرض قبل استحقاقها، وفي حال الإيجاب إبراز ما يفيد ذلك.

ثالثاً: تكليف المدعي عليه ببيان قيمة مجموع المبالغ التي يعتبرها متوجبة بذمة المدعي بتاريخ توجيه العرض الفعلي والإيداع، موضوع الدعوى وتفصيل المبالغ وبيان سبب توجبها.

التعاميم تتقدم القوانين

طلب المحكمة يتلاءم مع تعاميم حاكم مصرف لبنان، وهي تستهدف من خلاله رصد حركة المقترض بين لبنان والخارج لتحسم ما إذا كان على المقترض سداد قرضه بالدولار الفريش أم بالليرة وفق سعر الصرف الجديد. قد تكون المقاربة منصفة، فيما لو كانت المصارف تسدّد الودائع بعملتها التي أودعت فيها، لاسيما المصارف التي يملك أصحابها وأعضاء مجلس إدارتها العقارات والحسابات المصرفية خارج لبنان.

تلاحق المحاكم باسم المصارف المقترضين الذين يثبت خروجهم ودخولهم إلى البلد، بصرف النظر عن وضعهم المادي، وما إذا كانوا قادرين على سداد قروضهم بالدولار، في وقت تتغاضى فيه عن المصارف المتهرّبة من سداد الودائع بعملتها الأساسية، وتكتفي بسداد الودائع بالليرة اللبنانية.

وفي حديث لـ”المدن”، يقول المحامي فؤاد الدبس الذي تفرض عليه نقابته الاستحصال على إذن مسبق للدفاع عن الناس، أن إجراء المحكمة يتلاءم مع تعاميم حاكم مصرف لبنان، التي هي مخالفة بالأصل للقوانين والدستور والمبادئ والأخلاق ايضاً.

خذلان اللبنانيين

وإذ يستغرب الدبس صدور هكذا قرار، وإن كان غير نهائي، عن قاض منتسب الى نادي القضاة الذين يعول اللبنانيون على نزاهتهم.. يسأل كيف يمكن للمحاكم أن تطبق تعاميم حاكم مصرف لبنان وتفرض على مَن يسكن أو يتردد إلى الخارج سداد قروضه بالدولار نقداً، في حين أن الودائع محجوز عليها وتُسدد بالليرة للعملاء في الداخل والخارج.

ويأسف الدبس لكون “أكثر الأشخاص الذين خذلوا اللبنانيين في وقت كان عليهم حمايتهم هم القضاة. وللأسف الشديد كُثر منهم ينتسبون إلى “نادي القضاة”، لافتاً إلى أن القرارات القضائية المجحفة التي صدرت مؤخراً لصالح المصارف و”البنكرجية” مخيفة.

ولا تقتصر تلك الأحكام على المقترضين بالدولار الذين يثبت تحركم خارج البلد، بل أيضاً تشمل محدودي المداخيل العاجزين عن تأمين معيشتهم وعائلاتهم. وحسب أحد المحامين الذي يتحفظ على ذكر اسمه، فالمصارف مدعومة بأحكام قضائية تفرض على مقترضين سداد أقساطهم بحسب سعر صرف الدولار الجديد 15000 ليرة، في حين أن رواتبهم لا تزال تُحتسب بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة مرفقة بزيادات. ويؤكد المحامي أن العديد من الحالات تفوق قيمة أقساطها مجمل مداخيلها. وعليه، تقوم المصارف بحجز رواتبهم بشكل تام، أمام أعين مصرف لبنان والقضاء، لسداد الأقساط المضاعفة، وهو ما يخالف القانون بشكل صارخ.

Leave A Reply