الأحد, نوفمبر 24
Banner

النهار : شرخ جديد في التأليف… يتسع إلى عين التينة

اذا كانت الشكليات تملأ فراغ الساحة السياسية في انتظار الفرج الموعود في تشكيل حكومة طال ‏انتظارها وباتت البيانات الدولية على تنوعها واختلاف مصادرها تردد لازمة استعجالها اسوة بأدبيات ‏الازمات التي اعتاد اللبنانيون سماعها حتى الملل، فان حكومة تصريف الاعمال برئاسة الرئيس ‏حسان دياب كانت امس نجما غير منازع على نجوميته. ملأت اجتماعات السرايا الماراتونية طوال ‏النهار وحتى المساء المتقدم، شكلا على الأقل وفي انتظار استكشاف المضمون من القرارات، ما ‏كان ينبغي لحكومة كاملة الصلاحيات ان تتولاه لجهة بت وتقرير مسألة حيوية معيشيا وحياتيا ‏واجتماعيا واقتصاديا، وهي مسالة دعم المواد الحياتية، رفعا او ترشيدا، بما لا يفجر الواقع ‏الاجتماعي ويشعل الشارع ولا يسرع الاجهاز السريع على المتبقي من الاحتياط الإلزامي بالعملات ‏الأجنبية في مصرف لبنان. شغل يوم الدعم باجتماعاته الماراتونية في السرايا بلوغا الى توصياته ‏بترشيد الدعم المشهد الداخلي بامتياز، فيما ازدادت خلف الكواليس الشكوك في امكان ان يخرج ‏رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مساء اليوم من قصر بعبدا ببشرى انجاز التفاهم الصعب، وربما ‏المستحيل، مع شريكه في التاليف رئيس الجمهورية ميشال عون‎.‎

ذلك ان أي معطيات جديدة وجدية لم تبرز حيال الجزم في ان المسار المتعثر لتأليف الحكومة ‏سيتبدل بعد الاجتماع الذي سيعقد في الرابعة والنصف بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا بين الرئيسين ‏عون والحريري، والذي كان الرئيس المكلف لمح الاثنين الى امله في ان يتم خلاله بت “أمور ‏أساسية” من دون ان يفصح عن طبيعة هذه الأمور. ولكن المعلومات المسربة عن اللقاء الأخير وعن ‏الأجواء التي سبقت لقاء اليوم، اشارت الى ان مناخا مشدودا لا يزال يحكم المشاورات بين عون ‏والحريري لجهة التباين الواسع بينهما في شان حجم الحكومة بين 18 وزيرا كما يصر على ذلك ‏الحريري وعشرين وزيرا او اكثر كما يصر على ذلك عون. كما ان الاجتماع الأخير وان كان لم يشهد ‏نقاشا مستفيضا بدليل اقتصار مدة اللقاء على نحو 25 دقيقة فقط، فانه شهد تجدد التباين الحاد ‏حول عدد الوزراء المسيحيين الذين يطالب بهم الرئيس وفريقه أي “التيار الوطني الحر” بما يكفل ‏للفريق الرئاسي التحكم بثلث معطل لا يمكن الحريري التسليم به تحت أي مبرر. فسواء كانت ‏التركيبة من 18 وزيرا او اكثر يبدو واضحا وفق هذه المعطيات ان موضوع الثلث المعطل الرئاسي أي ‏الذي يشمل حصة الرئيس وتياره غدت اللغم الأخطر الذي يهدد الاختبار الجديد والمحاولة الأحدث ‏لإحداث خرق موعود في جدار الانسداد السياسي‎.‎

‎ ‎هجوم مفاجئ‎

وفيما كان لوحظ في هذا السياق ان الثنائي الشيعي التزم “النأي بالنفس” عن أي محاولة لعب دور ‏بحجة عدم التدخل بين الرئيسين، برز مساء امس تطور مفاجئ تمثل بهجوم ناري حاد شنته محطة ‏‏”ان بي ان” الوثيقة الصلة برئيس مجلس النواب نبيه بري على الرئيس عون مباشرة على خلفية ‏كلامه امس امام مجلس القضاء الأعلى فسألت: من يا فخامة الرئيس عطل التشكيلات القضائية ‏ولمصلحة من ؟ من يريد ان يصيب الجسم القضائي بالشلل… العجب كل العجب ممن يتحدث بلغة ‏الحريص فيما هو نفسه من سطر مضبطة إعدام القضاء”. وذهبت المحطة ابعد في الشأن الحكومي ‏متهمة رئيس الجمهورية “بالتمييع والمماطلة لتحقيق مكاسب ضيقة وكأن الناس ما زالت تستطيع ‏ان تتحمل المزيد من المغامرات‎”.‎

وأشارت معلومات امس الى ان الحريري عرض في اللقاء الأخير مع عون تشكيلة موزعة على الطوائف ‏على ان يزوده اليوم أسماء الوزراء الموزعين على الحقائب ولو ان التوافق بينهما على هذا التوزيع لم ‏يتحقق بعد خلافا لما ذكر عن بعض الحقائب الأساسية كالداخلية والطاقة والاتصالات. وتضيف هذه ‏المعلومات ان ثمة شكوكا في ان يقبل رئيس الجمهورية أي تشكيلة لن تلحظ الثلث المعطل له ‏ولـ”التيار الوطني الحر” من خلال أكثرية الوزراء المسيحيين كما الحقائب التي سيتمسك بها. ولذا ‏ليس ثمة انطباعات إيجابية حيال أي اختراق إيجابي وشيك علما ان تحريك الحريري للمشاورات مع ‏عون فضلا عن اعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اعتزامه زيارة لبنان هذا الشهر، لا يزالان ‏يشكلان عاملي رهان لدى جهات سياسية مطلعة على ان اختراقا سيكون ممكنا قبل نهاية السنة‎.‎

‎ ‎ورشة السرايا‎

اما في ما يتصل بملف الدعم الذي شغل المشهد الداخلي لليوم الثاني تواليا فشهدت السرايا ‏الحكومية سلسلة اجتماعات متواصلة طوال النهار امتدادا حتى الليل في ورشة شاركت فيها كل ‏الوزارات والقطاعات المعنية بالدعم على السلع والمواد الاستهلاكية الأساسية . وجاء انعقاد هذه ‏الورشة بعدما رفض رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب تكرارا عقد جلسة لمجلس الوزراء ‏الحكومة المستقيلة تحت حجة الظروف الاستثنائية خشية تحميله والحكومة المستقيلة وزر مخالفة ‏الدستور وتبعاتها. وأوضح دياب في الاجتماعات المتلاحقة التي رأسها ان نية حكومة تصريف الاعمال ‏لم تكن رفع الدعم بل كانت منذ البداية ترشيد الدعم، وشدد على ان الأمور الحياتية الأساسية ‏للمواطن اللبناني كالدواء والطحين هي خط احمر. واختتمت الورشة باجتماع حضره الوزراء وحاكم ‏مصرف لبنان رياض سلامة صدرت على اثره “رؤية المجتمعين” متضمنة جملة نقاط منها: عدم المس ‏بسعر رغيف الخبز، دعم الأدوية الأساسية وادوية الأمراض المزمنة، الإبقاء على دعم المواد الغذائية ‏الأساسية، دراسة آلية تخفيض الفاتورة النفطية، تسريع دراسة بطاقة الدعم التمويلي، على ان يتم ‏وضع صيغة متكاملة خلال أسبوع‎.‎

‎ ‎الخلاصات الأوروبية‎

وسط هذه الأجواء تلقت المبادرة الفرنسية مزيدا من الدفع الأوروبي من خلال الخلاصات التي ‏أصدرها امس مجلس الاتحاد الأوروبي في شأن لبنان. وإذ ابدى الاتحاد “قلقه المتزايد من الازمة ‏المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخطيرة التي استمرت في التفاقم”، دعا “القيادة ‏السياسية في لبنان الى الاصغاء الى الناس وهم يعبرون بوضوح عن طموحاتهم ومخاوفهم وان تنفذ ‏الإصلاحات من دون مزيد من التأخير”. كما شدد في خلاصاته على ضرورة استئناف المحادثات ‏الفاعلة مع صندوق النقد الدولي في اقرب وقت وتنفيذ أولويات مثل اعتماد قانون كابيتال كونترول ‏واجراء التدقيق الجنائي في مصرف لبنان. ودعا القوى السياسية اللبنانية الى “دعم التشكيل العاجل ‏لحكومة مهمة تتمتع بالصدقية وخاضعة للمساءلة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة‎”.‎

Leave A Reply