كتبت صحيفة اللواء تقول: لعلَّ عيد العمال في الاول من أيار، والذي يصادف اليوم يحظى بعناية، ليست بحجم الانهيار الذي أصاب الاقتصاد اللبناني، وانتهى بكوارث على غالبية شرائح المجتمع اللبناني، وعلى الأخص ذوي الدخل المحدود والعاملين في القطاعين الخاص والعام مع الانهيارات المتتالية للقوة الشرائية للرواتب والمعاشات، والتي فقدت اضعافاً مضاعفة من حجمها وقدرتها الشرائية، مما وضع اليد العاملة في اسفل دركات السلم المعيشي او هجر القسم الاكبر الى الخارج بحثاً عن عمل او عن وطن، او عن مكان يشعر فيه العامل بفكره وساعده ان لديه حقوقاً في الراتب والصحة والاستشفاء والتعليم والشيخوخة، او سائر احتياجات الانسان الحيوية في هذا العصر.
وتغلب الاحتفالات والمواقف على المشهد اليوم، فضلا عن الحشودات في الشوارع للمناسبة، في حين يبقى الاستحقاق الرئاسي يتوقف على هبَّة تصريحات باردة من هنا، وهبة تصريحات ساخنة من هناك، من باب «إثبات الحضور» وضبط المشاغبة على ما يجري من مساعٍ لتضييق شقة الخلاف المستحكم حول المرشح المناسب لملء سدة الرئاسة الشاغرة منذ اول ت2 (2022).
على ان المفارقة القاسية ان القهر المعيشي ليس وحده سمة عيد العمال هذا العام، بل ان الموظفين والمستخدمين والعمال ايضا امضوا عيدهم بلا رواتب، بسبب اخطاء في تحويلات المالية الى المصارف، عبر مصرف لبنان، الامر الذي اوقف صرفها، وحتى تحويل ملايين من الدولار (بنكنوت) الى المصرف لتدارك الخطأ، الامر الذي يعني ان قبض الرواتب الجديدة لن يكون ميسورا قبل نهاية يوم غد والثالث من ايار الجاري.
وفي اجندات الاسبوع المقبل، افادت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن ملف النازحين يعود إلى البحث في الأسبوع الحالي من خلال خطة يعمل على تنفيذها من النعنببن مستوحاة من الخطة السابقة للحكومة مشيرة إلى أن المهم رفد القرار اللبناني بشأن هذا الملف سوريا دوليا وأوروبيا.
إلى ذلك دعت المصادر إلى انتظار نتائج متابعة هذا الملف وما إذا كان سيبت بشكل نهائي ام أن هناك صعوبة في حسم مصيره .
رئاسيا، قالت المصادر أن الصورة مبهمة والاخبار التي يتم تداولها عن قرب الأنفراج غير دقيق على الإطلاق فالملف لا يزال على حاله من المراوحة وبنتظر إشارات جديدة لم تتبلور بعد .
ومن زاوية، نحن هنا، قذف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من جزين، بسلسلة مواقف، غير مفاجئة، ولكنها صادمة لجهة التشبث بالمواقف التي لا تخدم انهاء الشغور الرئاسي.
ومن ابرز ما اعلنه باسيل من الاحتفال الذي أقيم في جزين: اننا لن نعطي اي كسر لإرادة اللبنانيين، ولا اي تهميش لارادة المسيحيين.
وبصرف النظر عن باقي المواقف فإن الرسالة بدت واضحة لحزب الله، ومفادها ان التيار الوطني الحر وكتلته النيابية لن تعطيان انتخاب النائب السابق سليمان فرنجية اذا ما أصر حزب الله على انتخابه، مدعوما بتفاهمات اقليمية ايرانية وعربية وسعودية او دولية، لا سيما التسوية التي سعت باريس لتسويقها، ضمنها صيغة «فرنجية- سلام».
ومع طغيان، قضية النازحين السوريين على الحدث المحلي، الى جانب متابعة التطورات والتحركات الاقليمية والدولية المتعلقة بالأزمة اللبنانية، بينما استمرت المناكفات والسجالات والمواقف الداخلية على حالها من تصعيد وتصلّب تارة ودعوات للحوار والتوافق والتلاقي تارة اخرى، بانتظار الترياق الخارجي الفرنسي او السعودي او الايراني او الاميركي. بينما لم تظهر مؤشرات جدية على مبادرات سواء من نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب او النائب المستقل الدكتور غسان سكاف، اللذين يواصلان هذا الاسبوع حراكهما بزيارات الى بعض القوى السياسية.
وفي حين علمت «اللواء» ان بوصعب سيزور معراب يوم غد الثلاثاء للقاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لطرح افكاره التوفيقية، علمت ايضاً ان الدكتور سكاف سيواصل هذا الاسبوع جولته على القيادات السياسية والكتل النيابية، فيزور حزب الطاشناق ونواباً مستقلين ومن «مجموعة التغييريين» وحركة «تجدد»، وقال سكاف لـ «اللواء»: انه يجري مع من يلتقيهم جوجلة اسماء من بين الاسماء العشرة التي يقترحها على قوى المعارضة للتوافق على اسم او اثنين (يترشح احدهما مقابل سليمان فرنجية).
وعن نتائج لقاءاته التي اجراها حتى الآن؟ قال: وجدنا تجاوباً مع المسعى على امل التوافق على اسم معين لقوى المعارضة.
واوضح انه في نهاية مشاوراته سيزور الرئيس نبيه بري ويُطلعه على حصيلتها.
وتبين ان الاسماء العشرة التي يطرحها سكاف هي من ضمن الاسماء الـ 16 التي طرحها البطريرك الماروني بشارة الراعي. ما يعني انها تراعي ايضاً خيارات بكركي.
وقال باسيل: «نريد رئيس جمهورية يمثّل الشراكة الفعلية بالحكم، رئيس قوي وليس ضعيف، قوي بشخصه بس الأهم قوي بدعم الناس له والكتل النيابية الممثلة للناس، وبحال هذا الشخص لم يكن متوفّر بتثميله الذاتي»، يمكن الاستعاضة عنه بشرعية نيابية داعمة له»، «نريد طرح اسماء منتّفق عليها مسيحياً بدرجة اولى ووطنياً بدرجة ثانية، وعلينا اخذ موقف ايجابي بالاتفاق على مرشّح ومحاولة اقناع الآخرين فيه؛ واذا لا، فالنزول الى المجلس النيابي بمرشّح يمكنه ان ينجح ويعبّر عن خيارنا».
واشار إلى أن «من يهدّدنا ان يمرّ قطار التسوية من دوننا، فنحن لا نخاف ونريد ان نبقى خارجها لأنّها ستكون عرجاء وستسقط ولا تريد ان نسقط معها»، واضاف: «لا أحد يفكّر بحلف ثلاثي جديد طابعه مذهبي وطائفي، وقال: «نحنا مع دولة مدنية عصرية ولسنا مع دويلات طائفية، وهيدا نهائي».
واستدرك باسيل: «يمكن نختلف مع شركائنا بالوطن على خيارات كتيرة وكبيرة، ولكن لا نختلف على مبدأ وحدة لبنان والحياة المشتركة الواحدة فيه، ونحنا مصرّين على الشراكة، وعلى عدم تهميش دورنا – ويبقى الخلاف محصور على موضوع الدولة والنظام والنموذج، والذي بيهمّشنا بالشراكة، يدفع الناس لفكرة التقسيم ويرميهم بأحضان الانعزال بسبب الخوف والقلق من المستقبل».
تطورات ازمة النازحين
في تطورات ازمة النازحين، وفيما استمرت إجراءات العديد من المحافظين ومن البلديات للحد من فوضى انتشار النازحين، علمت «اللواء» من مصادر رسمية ان المدير العام للامن العام بالانابة العميد الياس البيسري زار دمشق مؤخراً، بعد قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تكليفه مع عدد من الوزراء التواصل مع السلطات السورية والجهات الاخرى المعنية، للتنسيق في ملف إعادة النازحين السوريين واستئناف رحلات العودة الآمنة والطوعية. وقد تمت الزيارة بالتنسيق مع ميقاتي ووزير الداخلية القاضي محمد وسام مولوي.
وحسب المصادر الرسمية، التقى البيسري في زيارته عدداً من المسؤولين السوريين الامنيين، اولاً للتعارف بعد تسلمه مهامه في الامن العام، وثانياً لمتابعة التفاصيل المتعلقة بموضوع عودة النازحين، وكذلك للبحث في ملفات امنية اخرى ضمن التنسيق القائم أصلاً بين بيروت ودمشق حول قضايا امنية عديدة مشتركة، منها بشكل خاص موضوع ضبط الحدود ومراقبة المعابر غير الشرعية لوقف التهريب على اشكاله من والى سوريا، اضافة الى قضايا المطلوبين ومرتكبي الجرائم والمهربين.
وفي سياق حركته بموضوع النازحين، التقى العميد البيسري ممثلين خعن مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، وتلقّى منهم وعداً بتسليمه الداتا المتعلقة بالنازحين مطلع الأسبوع المقبل، وعلى الارجح اليوم الاثنين، من اجل حصر الاعداد بدقة ومن تثبت عليه صفة نازح ومن ينتحل الصفة للاستفادة من الدعم المالي والغذائي والدوائي والصحي والتعليمي… وسوى ذلك من مساعدات وخدمات تقدمها المنظمات الدولية وبعض الدول الغربية وبعض المنظمات والجمعيات الخاصة.
واشارت المصادر الى ان عودة التعاون الامني واعادة النازحين ومعالجة الملفات الاخرى السياسية والاقتصادية والتجارية، تحتاج الى التنسيق المكثف بين البلدين، ولا سيما تواصل الوزراء اللبنانيين المعنيين مع نظرائهم السوريين، لإستكمال البحث والتنسيق في كل الملفات العالقة. وهوما اشار اليه ايضا وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بحث موضوع النازحين السوريين.
وفي هذا الاطار، قال وزير العمل مصطفى بيرم لـ «اللواء»: ان موعد زيارة الوفد الوزاري الى دمشق لم يتحدد بعد لكن يُفترض ان يكون قريباً، وانه سيلتقي غداً الثلاثاء القائم بأعمال السفارة السورية في بيروت علي دغمان، بهدف البحث في الاجراءات التنسيقية المطلوبة والخطوات المقبلة ومنها زيارة لوفد الوزاري الى دمشق، «بعيداً عن الشعبوية والكراهية والعنصرية البغيضة، لأننا في النهاية شعبين شقيقين ولأننا وسوريا نسعى لأن لا نكون ضحية مؤامرة دولية خطيرة.
اقتراح سوري «مستقل»
وفي جديد الازمة، أعلنت «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» (منطقة سيطرة قوات سوريا الديموقراطية) استعدادها لاستقبال النازحين السوريين من لبنان ومختلف مناطق العالم، ولذلك بسبب الظروف الصعبة التي يختبرها النازحون واللبنانيون على حدٍ سواء، وطلبت من الأمم المتحدة المساعدة لتوفير المناخات المناسبة.
وأشار الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بدران جياكرد إلى أن «لبنان عانى خلال سنوات مضت من أزمات داخلية وتصدّع واضح في مختلف المجالات، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي والتبعات التي تُشكّل عبئاً كبيراً، إلى جانب التعطّل الواضح لجهة العملية السياسية».
ولفت جياكرد إلى أن «اللاجئين السوريين في لبنان يعانون من وضع سيىء للغاية، ونحن بدورنا، وضمن المبادرة التي أطلقناها، مبادرة 18 نيسان الجاري، تحدّثنا عن وضع اللاجئين، ونحن في الإدارة الذاتية جاهزون لاستقبال أهلنا من الخارج وأبوابنا مفتوحة لكل السوريين دون تمييز، كواجب إنساني وأخلاقي ووطني».
وأضاف: في الوقت الذي نؤكّد جهوزيتنا لاستقبال أهلنا اللاجئين من عموم السوريين من لبنان، فإننا نؤكد أيضاً وننادي بضرورة أن تقوم الأمم المتحدة بتقديم العون والضمانات، ولعب دورها المسؤول من أجل فتح ممر إنساني بين لبنان وبين مناطقنا تسهيلاً لعودة اللاجئين، إذ نحن جاهزون للإستقبال وتقديم الخدمات والعون ضمن إمكانياتنا، ونعتبر أن هذه المعضلة قضية انسانية ولا بد من التعاون معنا لحلها .
وشدّد على أن «بقاء اللاجئين في لبنان أو ترحيلهم كرهاً لسوريا غير قانوني ولا يتناسب مع قيم ومعايير وقوانين حماية اللاجئين، ولابد من معالجة هذا الوضع بالسرعة القصوى، في ظل استعداداتنا وجهوزيتنا التامة لذلك» .