صلاح سلام – اللواء
من المحزن فعلاً أن تكون الحكومة اللبنانية في غيبوبة شبه كاملة، بحيث لا تدري ماذا يجري في المحيط العربي بالنسبة لأهم قضية تشغل اللبنانيين هذه الأيام، حيث تحولت قضية النازحين السوريين إلى هاجس جديد في دوامة الهواجس والإنهيارات التي يُعاني منها البلد، دون أن تتمكن الدولة من إتخاذ الخطوات اللازمة لتبديد المخاوف اللبنانية المشروعة من كابوس التوطين.
مناسبة هذا الكلام الإجتماع الخماسي الذي عُقِد في عمّان نهاية الأسبوع الماضي، بحضور الأردن والسعودية والعراق ومصر وسوريا لبحث آليات عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، بغياب لبنان، الذي يتحمل أعباء تواجد أكثر من مليوني نازح على أراضيه، مما يشكل أربعين بالمئة من تعداده السكاني.
فشل الدولة اللبنانية في التعاطي مع هذا الملف الحساس، والذي يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، لا يقف عند حدود الإنتشار العشوائي لمخيمات النازحين، دون رقابة الحد الأدنى للإدارات الرسمية، ولا للأجهزة الأمنية المعنية، على نحو ما هو حاصل في الأردن وتركيا. بل وصل التعثر اللبناني إلى حد عجز الديبلوماسية اللبنانية عن تحصيل الجزء اليسير من المساعدات الدولية الموعودة للبنان، الذي فتح حدوده أمام أكبر حركة نزوح إلى بلد بحجم وطن الأرز، في حين إستطاعت تركيا والأردن الحصول على المليارات سنوياً، ووضعت النازحين في مخيمات مجهزة بضرورات البنية التحتية، وتمكنت من السيطرة على حركة النزوح، وتنظيم العمالة السورية في أراضيها، بما يمنع هذا الإحتكاك الخطر في لبنان بسبب تضارب مصالح العمالة وفرص العمل بين اللبنانيين والسوريين.
مقررات مؤتمر عمّان على جانب كبير من الأهمية لأنها شددت، وبحضور وزير الخارجية السوري، على العودة الآمنة للنازحين السوريين من دول الجوار، والمضي قدماً في الحل السياسي، والمطالبة بخروج كل القوات الأجنبية من الأراضي السورية، وفرض الدولة السورية سيادتها على كل المناطق السورية.
خطوات الحكومة اللبنانية البائسة إقتصرت على تشكيل لجنة وزارية للتفاوض مع الجانب السوري على تنظيم عودة النازحين. ولكن دمشق التي تُطالب بتواصل رسمي رفيع المستوى مع لبنان، لم ترد ولن تتجاوب مع طلب اللجنة اللبنانية القاصرة زيارة سوريا لإجراء مباحثات باهتة في موضوع النازحين، دون أي إعداد مسبق على المستوى المطلوب للخوض في هذا الملف، الذي يحتل أصبح الأولوية في الوضع الإجتماعي والمعيشي في لبنان!
فمن يتحمّل مسؤولية غياب لبنان عن مؤتمر عمّان؟