خضر حسان – المدن
تتحوّل ندرة الدولار في جعبة هيئة أوجيرو إلى أزمة مستعصية، تظهر نتائجها بزيادة الأعطال في السنترالات وعدم القدرة على إصلاحها. ولا يبدو أن تخطّي هذه الأزمة ممكن بالمستقبل القريب إلاّ بزيادة التعرفة، التي قد يُعاد النظر فيها مراراً في ظل الوضع الاقتصادي والنقدي العام.
وهذا الواقع، كان جزءاً من مضمون النقاش الذي شهده اللقاء الذي جَمَعَ اليوم الاثنين 8 أيار، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير الاتصالات جوني القرم والمدير العام لأوجيروعماد كريدية والمدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات باسل الأيوبي. واستقرَّت خاتمة الاجتماع على “التشاور مع وزير المال بشأن الإجراءات التي يمكن اتخاذها لحلّ المشكلة”، وفق ما أورده القرم.
معضلة الصيانة والدولار
تطرَّقَ المجتمعون لملفّ الصيانة، فكان الطابع العام للاجتماع “تقنياً”. وكَشَفَ القرم أنه “منذ بداية العام، وباستثناء الرواتب، لم تحوَّل إلى الوزارة أي اعتمادات للصيانة”.
مشكلة أساسية ترتبط بموضوع الصيانة، تتعلّق بالحاجة لشراء معدات جديدة “فالكثير من القطع والمعدّات القديمة ما عادت قابلة للصيانة. فضلاً عن الحاجة لشراء مولّدات كهربائية لبعض السنترالات، لأن المولّدات الحالية لم تعد قادرة على تأمين الطاقة، فهي موجودة في الأصل لتغطّي غياب كهرباء الدولة لما بين 8 إلى 10 ساعات، فيما تعمل اليوم بنحو 21 ساعة، ما استنزفها وجعلها على شفير نهاية خدماتها”، على حد توصيف مصادر في أوجيرو.
تصحيح الخلل يحتاج للدولار. “وفي ظل شحّ الدولار، تقع أوجيرو بين مطرقة الأعطال وسندان المواطن الذي لا ذنب له في انقطاع الخدمات أو ارتفاع أسعارها أو دولرتها”. وتتّسع رقعة هذه “الورطة” في حال عدم رفع الأسعار، لأن توقُّف الخدمات، وإن جزئياً، يعني عدم إعطاء المشترك حقّه في خدمة يدفع ثمنها وينتظرها. ولذلك، تعلّق المصادر آمالاً على إمكانية إيجاد حلّ بعد التشاور مع وزارة المالية. والحل الأنسب برأي المصادر، هو “رفع الأسعار”. لأن تأمين مبالغ متفرِّقة عبر وزارة المالية، وتحت أي عنوان، لا يحقق استدامة الإيرادات كتلك المتأتّية من فواتير المشتركين.
التغاضي عن شركات الانترنت والخليوي
تصحيح التعرفة لتتناسب مع الأكلاف، يجب تنفيذه بآلية تراعي حاجة المؤسسات ومصلحة المواطنين. ولتحقيق الأخيرة، “لا تهدف الوزارة إلى رفع الأسعار بصورة عامة في أوجيرو وقطاع الخليوي، رغم أن قطاع الاتصالات برمّته يحتاج إلى زيادة الإيرادات”. وعليه، وفي حال زيادة الأسعار على خدمات أوجيرو “لن تزيد أسعار الخدمات في قطاع الخليوي”.
التطمينات المتعلّقة بالخليوي، لا تعني بالضرورة حياد ذلك القطاع بشكل كامل. فأي زيادة على تعرفة أوجيرو، ستفتح شهية الخليوي للزيادة بذريعة عدم تناسب الأكلاف مع الإيرادات. وحسم الأمر يتطلَّب حزماً غير موجود حالياً لدى الحكومة أو وزارة الاتصالات، فالطرفان لم يصلا بعد إلى قرار يتعلّق بهدر المال العام المتمثّل بشراء أوجيرو للانترنت من الخارج بالدولار، وبيعه للشركات الخاصة بالليرة، وبأسعار بخسة. فعلى سبيل المثال، تشتري شركات الانترنت الخاصة حزمة الانترنت من أوجيرو بالليرة بقيمة نحو 4.3 دولار وتبيعها بنحو 200 دولار. وكذلك تستفيد شركتيّ الخليوي من هذه الهوَّة في التسعير.
وعليه، فإن الطريق الأقصر لزيادة الإيرادات، وبانتظار رد وزارة المالية حول الإجراءات المطلوبة، هو إجازة مجلس الوزراء لأوجيرو استيفاء قيمة الخدمات التي تعطيها للشركات، بالدولار، فتزيد الهيئة إيراداتها بالدولار، وتسارع لإجراء الصيانة المطلوبة في سنترالاتها، على أن يُحسَم بهدوء ودراسة، ملف زيادة التعرفة.
وما يجب على وزارة الاتصالات ومجلس الوزراء وهيئة أوجيرو التنبّه له، هو ضبط أسعار الشركات الخاصة، التي ستسارع بلا شك لإعادة رفع أسعارها في حال تقاضت منها أوجيرو أكلافاً إضافية أو دولَرَت أسعارها.
هي حلقة تدور بلا توقُّف. أوجيرو تريد زيادة إيراداتها لضمان استمرار القطاع. الدولة لا تملك الدولارات الكافية. والمواطن يخشى زيادة الأسعار وتالياً إثقاله بأكلاف إضافية. أمّا عدم رفع الأسعار، فيعني حرمان المؤسسة العامة من مردود ضروري، تتجاهله من ناحية أخرى، لأنه مرتبط بالشركات الخاصة. لكن ما لا جدال فيه، هو قرب ارتفاع فواتير أوجيرو لأن “التعرفة التي ارتفعت العام الماضي بمعدّل 2.5، لم تعد كافية. فالأعطال أصبحت مميتة والحاجة للصيانة لا تنتظر”.