صلاح سلام – اللواء
عودة سوريا إلى الصف العربي، وعودة العرب إلى سوريا، خطوة لا بد منها لإستعادة سياسة التضامن العربي، وتنسيق الحد الأدنى من المواقف بين عواصم القرار العربي في مرحلة باللغة الدقة، وشديدة التعقيد في ما تحمله من متغيرات ليس في المنطقة وحسب، بل في العالم أجمع، سواء على صعيد توازن القوى، أم على مستوى الجيوسياسي العام.
لا يمكن فصل الإجماع العربي على العودة السورية للجامعة بهذه السرعة، عن أجواء النتائج الإيجابية التي سادت في الإقليم غداة الإتفاق السعودي ــ الإيراني في بكين في العاشر من آذار الماضي، والتوافق الذي تم بين الرياض وطهران على تبريد أجواء الصراعات، وإقفال الملفات الملتهبة، وصولاً إلى تحقيق السياسة التي يتبعها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في تصفير أزمات المنطقة، والإنصراف إلى العمل التنموي الذي يحقق طموحات الشعوب في السعي للإستقرار والإزدهار، بعيداً عن مآسي الحروب والصراعات.
هذه الخطوة الإستراتيجية المهمة للعمل العربي المشترك، توكد أن المنطقة تنتقل من واقع النزاعات المريرة، إلى آفاق الإنتظام والأمن المستدام، وفق تفاهمات واقعية وبعيدة المدى، تأخذ بالإعتبار المصالح الحيوية لبلدان الإقليم، وتضع حداً للتدخلات في الشؤون الداخلية للدول المعنية، وتؤدي في النهاية إلى قيام نظام إقليمي جديد، يُحاكي النظام السائد في القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، وما نشرته من دمار في العديد من الدول الأروربية، وخاصة فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
من المتوقع أن تساهم عودة العرب إلى سوريا في تسريع خطوات الحل السياسي الدائم للأزمة السورية، وبالتالي إعتماد آلية وطنية واضحة لتسهيل عودة النازحين السوريين من دول الجوار، تمهيداً لإطلاق ورشة إعادة الإعمار الضخمة، بمساعدات عربية ودولية، وبالتالي إقفال ملف الحرب وذيولها بشكلٍ نهائي وحاسم.
وليست مجرد صدفة أن تتم العودة السورية للعرب غداة زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق، وعشية إنعقاد القمة العربية في الرياض، يوم ١٩ أيار الجاري، والتي ستشكل بقراراتها ونتائجها المميّزة، حقبة جديدة في مسار القمم العربية المقبلة.
فهل يواكب لبنان متطلبات المرحلة المستجدة، أم سيبقى غارقاً في مستنقعات الخلافات الإنانية، وفي دوامة الإنهيارات الإقتصادية والإجتماعية؟