شهدت دول عدة في جنوب شرق آسيا موجة حر تاريخية، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” التي أوضحت أن هذه الظاهرة تشكل تهديدات خطيرة للسكان وتعرض حياتهم للخطر.
وسجلت كل من فيتنام ولاوس ةكمبوديا وتايلاند وأجزاء من الصين، وفقا للصحيفة، أعلى درجات حرارة تمت ملاحظتها على الإطلاق محطمة الأرقام القياسية، حيث تجاوزت في بعض الأماكن 110 درجة فهرنهايت، وهي الأحدث في سياق الاحترار المناخي العالمي.
ونشرت الصحيفة ما كتبه مؤرخ المناخ الذي يتتبع سجلات درجات الحرارة، ماكسيميليانو هيريرا، على تويتر، قائلا إن الارتفاع الحالي في درجات الحرارة يعد “أحد أكثر الأحداث الحرارية وحشية التي شهدها العالم على الإطلاق”، مضيفا أن “الأرقام القياسية يتم تحطيمها”.
وأوضحت “واشنطن بوست” أنه في بعض الأماكن، تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تأجيج العواصف الرعدية الشديدة التي تتسبب في حدوث الفيضانات كرد فعل غير مرغوب فيه لارتفاع الحرارة.
ونتيجة سلبية أخرى أشارت إليها الصحيفة، وهي أنه من المحتمل أن تتزايد نسبة الوفيات المبكرة بشكل كبير في جنوب شرق آسيا نتيجة لارتفاع درجات الحرارة.
وذكرت شبكة “بلومبرغ” أنه في الفلبين، أدت درجات الحرارة القصوى إلى إغلاق المدارس.
وتستمر هذه الموجة الحارة منذ أكثر من أسبوعين، إذ ذكرت وكالة “فرانس برس”، في 19 أبريل، أن درجات حر قياسية ضربت جنوب وجنوب شرق آسيا، ودفعت بالناس للبحث عن أي ساتر يحتمون به من الشمس الحارقة ويصلون من أجل هطول المطر.
وذكرت أن بنغلادش سجلت أعلى درجة حرارة منذ ما يقرب من 60 عامًا في الأسبوع الثاني من أبريل الماضي، بينما توفي في الهند ما لا يقل عن 13 شخصًا بسبب ضربات الشمس بالإضافة إلى اثنين في تايلاند، وفقًا لوسائل الإعلام المحلية.
وقالت ميكاكو نيكولز، وهي تحتمي من أشعة الشمس بمظلة بالقرب من متنزه لومبيني في بانكوك لـ”فرانس برس”: “الجو يزداد سخونة عامًا بعد عام”.
وأضافت نيكولز أن موجة الحر التي تلفح بانكوك هي الأكثر سخونة خلال خمس سنوات، وإنها تحاول البقاء في الداخل أو في الظل.
ويقول العلماء إن ظاهرة الاحتباس الحراري تؤدي إلى تفاقم الأحوال الجوية السيئة. وحذر تقرير حديث للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة من أن “كل زيادة في الاحتباس الحراري ستزيد المخاطر المتعددة والمتزامنة”.
وقالت إدارة الأرصاد الجوية التايلاندية، في الأسبوع الثالث من أبريل، إن درجات الحرارة بلغت 44,6 درجة مئوية في مقاطعة تاك الغربية، في 15 أبريل، محذرة من أن موجة القيظ ستتواصل الأسبوع المقبل.
وقال نائب المدير العام للإدارة، تاناسيت إيمانانتشاي، “من المحتمل أن حرارة الجو هذا العام تفاقمت جراء نشاط البشر”.
وتشهد المملكة عادة موجة من الطقس الحار قبل موسم الأمطار، لكن سطوع الشمس أقوى هذه السنة.
وقال العالم المسؤول عن معهد تحليل سياسات المناخ الإقليمي، فهد سعيد، إن “الحرارة القياسية هذا العام في تايلاند والصين وجنوب آسيا هي اتجاه مناخي واضح وستطرح تحديات لأنظمة الصحة العامة لسنوات قادمة”.
وحذر من أن درجات الحرارة المرتفعة ناتجة عن تغير المناخ وأن تأثير ذلك على الضعفاء والمسنين ومن يعانون من مشكلات صحية سيكون وخيماً.
وقال سعيد المقيم في باكستان إن “الحرارة الشديدة التي شهدناها خلال الأيام القليلة الماضية ستضرب الفقراء أكثر من غيرهم. قد تمثل حتى تهديدًا لحياة أولئك الذين لا يستطيعون الحصول على وسائل التبريد أو المأوى المناسب”.
والوضع مماثل في بورما، حيث قال كو ثيت أونج، وهو سائق سيارة أجرة في العاصمة التجارية يانغون، إن الحرارة أسوأ مما كانت عليه في السنوات السابقة.
وقال الرجل البالغ من العمر 42 عاماً “لا أستطيع القيادة إذا كانت درجة الحرارة شديدة الارتفاع خلال النهار”.
وفي بنغلادش، تجمع مئات في العاصمة دكا هذا الأسبوع للصلاة من أجل هطول الأمطار بعد أن بلغت درجات الحرارة 40,6 درجة مئوية وهي الأعلى منذ الستينيات.
وقال قائد الشرطة، أبو الكلام آزاد، لـ”فرانس برس” “أقاموا صلاة الاستسقاء، كما تضرعوا لله أن يلطف بهم ويخفف درجات الحرارة ويحميهم من موجة الحر”.
ويتأثر البلد المنخفض كثيرًا بتغير المناخ ويعاني من هطول أمطار غزيرة غير منتظمة تتسبب بسيول وفيضانات مدمرة.
وشهدت الهند المجاورة مقتل 13 شخصًا على الأقل بسبب ضربة شمس في حفل توزيع جوائز أقيم في الخارج في غرب البلاد، في بداية الأسبوع الثالث من أبريل، في وقت قالت فيه هيئة الأرصاد الجوية إن أجزاء من شمال وشرق الهند تشهد حرارة أعلى من المعتاد بنحو ثلاث إلى أربع درجات.
وقالت أورميلا داس، المقيمة في مدينة غواهاتي في شمال غرب الهند، إن عائلتها تعاني في ظل هذه الظروف القاسية.
وأضافت المرأة البالغة من العمر 42 عامًا “لسنا معتادين على هذا النوع من الحر”، موضحة أنها لم ترسل أطفالها إلى المدرسة خوفًا عليهم.
وتابعت “في العادة، تهطل أمطار في هذه المنطقة اعتبارًا من منتصف مارس، لكن المطر لم يهطل هذه السنة. إنه أمر صعب جدًا”.
وقال سومو بسبارو، الذي يعمل في الخارج لتوصيل الإمدادات إلى المتاجر، إن “الانتقال وتسليم البضائع صار أمرًا بالغ الصعوبة. لا أتذكر أنني اختبرت درجات حرارة مثل هذه في الماضي القريب”.
ومن جانبها، وفي تقرير رئيسي صدر، في 20 أبريل الماضي، عن حالة المناخ العالمي، قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة إن موجات الجفاف والفيضانات وموجات الحر أثرت على المجتمعات في جميع القارات ووصلت تكلفتها إلى مليارات الدولارات.
كما أوضحت أن انخفاض الجليد البحري في القطب الجنوبي وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، فيما حطمت وتيرة ذوبان بعض الأنهار الجليدية الأوروبية السجلات.
وأظهر التقرير أن العالم شهد بين عامي 2015 و2022 الأعوام الثمانية الأكثر دفئاً على الإطلاق، رغم التأثير المبرد لظاهرة النينيا على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وحذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أنه من ممكن لذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر، الذي وصل مجدداً إلى مستويات قياسية عام 2022، أن يستمر لآلاف السنين.
ووجد التقرير أيضاً أن الظواهر المناخية الخطرة وحالات الطقس القاسية أدت إلى نزوح سكاني جديد وفاقمت الظروف للكثيرين من 95 مليون شخص كانوا يعيشون بالفعل في حالة نزوح منذ بداية العام.
Follow Us: